اعترفت روسيا بسقوط جنود لها في حربها على أوكرانيا، كما تتقدم مئات من عرباتها العسكرية نحو العاصمة كييف، في حين انتقد حلف شمال الأطلسي (ناتو) روسيا بعد وضع قوات "الردع النووي" في حالة تأهب، وذلك في رابع أيام الحرب.
فقد نقلت وكالة أنباء روسيا (إنترفاكس) عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن قتلى وجرحى سقطوا في صفوف قواتها خلال الحرب على أوكرانيا، كما كشفت عن بضعة جنود روس أسروا لدى القوات الأوكرانية.
وأظهرت صور أقمار صناعية نشرتها شركة "ماكسار" تقدم مئات العربات العسكرية الروسية باتجاه العاصمة الأوكرانية كييف.
من جهة ثانية، قال أوليغ سينيغوبوف المسؤول المحلي في خاركيف الأحد إن المدينة عادت إلى سيطرة القوات الأوكرانية، بعد ساعات قليلة من إعلانه وصول الجيش الروسي إلى وسط المدينة.
وكتب سينيغوبوف عبر شبكات التواصل الاجتماعي "خاركيف تحت سيطرتنا التامة"، مؤكدا أن عملية "طرد الأعداء من المدينة" جارية.
وحسب قوله، فإن "العدو الروسي محبط تماما"، وقد تخلى عن مركباته ومجموعات من الجنود الذين "استسلموا للجيش الأوكراني".
ونقلت رويترز عن أوليكسي أريستوفيتش مستشار الرئيس الأوكراني قوله إن قواتهم دمرت نصف الآليات الروسية التي دخلت خاركيف.
وقال أريستوفيتش الأحد إن الوضع لم يتغير بدرجة كبيرة في أوكرانيا، والبلاد تسيطر على الأراضي غربي كييف والقوات الروسية لم تتقدم جنوبا.
وخاركيف -التي يبلغ عدد سكانها 1.4 مليون نسمة- هي المدينة الرئيسية شمال شرقي أوكرانيا، وتقع على مقربة من الحدود الروسية والأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا في دونيتسك ولوغانسك.
أما في الشرق، فتقول قوات الانفصاليين الموالية للروس إنهم سيطروا على مدن عدة في إقليم دونيتسك (شرقي أوكرانيا) ويواصلون المعارك بهدف السيطرة على كامل الإقليم.
كما ذكرت القوات الانفصالية في لوغانسك أنها سيطرت على مدينتين على الخط الفاصل متجهة نحو القوات الأوكرانية.
وفي إقليم سومي (شمال شرقي البلاد) لا تزال المعارك دائرة بين القوات الروسية والقوات الأوكرانية.
وفي الجنوب، تحاول القوات الروسية السيطرة على خيرسون، منطلقة من جزيرة القرم المحاذية لها التي سيطرت عليها منذ عام 2014.
كما ذكرت وزارة الدفاع الأوكرانية أن مدينة أوديسا على البحر الأسود تتعرض لإطلاق نار.
وفي العاصمة كييف، قال عمدة المدينة فيتالي كليتشكو إنه لا توجد قوات روسية في العاصمة الأوكرانية، وأضاف كليتشكو -في قناته على تليغرام- "لكن جيشنا وأجهزة إنفاذ القانون والدفاع الإقليمي يواصلون الكشف عن المخربين وتحييدهم".
وأوضح أن 9 مدنيين و18 عسكريا قتلوا منذ بدء الهجوم على العاصمة، كما قالت القوات الأوكرانية إنها دمرت صاروخا مجنحا قادما من جهة بيلاروسيا.
وذكرت وزارة الصحة الأوكرانية أن 352 مدنيا -بينهم 14 طفلا- لقوا حتفهم في الهجوم الروسي على أوكرانيا حتى الآن.
ويحاول الجيش الأوكراني صدّ محاولات توغل من محاور مختلفة للجيش الروسي الذي يعدّ متفوقا في العدد والعتاد، وقال إنه أحبط إنزالا جويا للقوات الروسية في منطقة البحر الأسود.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية اليوم الأحد إن نحو 4300 جندي روسي قتلوا منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -فجر الخميس الماضي- بدء العملية العسكرية ضد كييف.
ووفق تقديرات مسؤولين استخباريين غربيين، فإن روسيا فوجئت بقدرة القوات الأوكرانية على صدّ جيشها الذي لم يحقق بعد تقدما سريعا كما كان يأمل.
وقال مسؤول رفيع بوزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن بوتين أدخل ثلث قواته القتالية التي حشدها إلى الأراضي الأوكرانية، وأضاف أنه لا توجد مؤشرات على سيطرة القوات الروسية على أي من المدن الأوكرانية.
وأكد المسؤول أن بلاده ترى تراجعا في زخم القوات الروسية التي تواجه مقاومة قوية من القوات الأوكرانية.
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اليوم الأحد الأجانب الراغبين في مساعدة بلاده على مواجهة العمليات العسكرية الروسية للتوجه إلى سفارات كييف في العالم وتسجيل أسمائهم للالتحاق بـ"فرقة دولية" من المتطوعين.
وفي حين شدد زيلينكسي على تمتع الأوكرانيين بالشجاعة الكافية للدفاع عن بلادهم بمفردهم، رأى أن هجوم موسكو "ليس مجرد غزو روسي لأوكرانيا، بل هو بداية حرب ضد أوروبا".
ودعا الأجانب الراغبين في الالتحاق بالمعركة للتواصل مع الملحقين العسكريين في سفارات أوكرانيا.
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية اليوم الأحد تدمير 1076 موقعا عسكريا أوكرانيا منذ بداية العملية العسكرية الخميس الماضي.
وذكرت الوزارة -في بيان- أن قواتها شنّت أمس السبت ضربات جديدة بأسلحة دقيقة بعيدة المدى باستخدام صواريخ مجنحة من الجو والبحر ضد منشآت البنية التحتية العسكرية لأوكرانيا.
وأوضح البيان أن بين المنشآت المستهدفة 23 نقطة تحكم ومركز اتصالات للقوات الأوكرانية، و31 قطعة من منظومات "إس-300″ (S-300)، و"بوك إم-1″ (Buk M-1) و"أو إس إيه" (Osa) للصواريخ المضادة للطائرات و48 محطة رادار، حسب ما نقلته قناة روسيا اليوم.
كما أسقطت القوات الروسية 8 طائرات مقاتلة أوكرانية و7 مروحيات و11 طائرة من دون طيار، إضافة إلى صاروخين تكتيكيين من طراز "توشكا-يو" (Tochka-U)، وفق البيان.
الردع النووي
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ إن إعلان روسيا وضع قواتها النووية في حالة تأهب هو "خطاب خطر"، مؤكدا أن الحلف يعمل حاليا على زيادة دعمه العسكري لأوكرانيا والدول الأعضاء.
وأضاف ستولتنبرغ -في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" (CNN)- أن الحلف يدعم الدبلوماسية ويراقب مدى جدية روسيا في محادثاتها مع الأوكرانيين.
وفي ما يتعلق بتطلعات أوكرانيا للانضمام إلى الحلف، قال ستولتنبرغ إن الموافقة على عضويتها تتطلب إجماعا بين دول الحلف.
من جانبها، قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إن قرار الرئيس بوتين بشأن القوات النووية يعدّ تصعيدا غير مقبول.
وأكدت غرينفيلد -في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"- أن واشنطن تدرس فرض عقوبات أشد قسوة على روسيا.
وقد أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال اجتماعه اليوم الأحد مع وزير الدفاع سيرغي شويغو ورئيس الأركان العامة فاليري غيراسيموف، بوضع قوات الردع النووي في حالة التأهب القصوى، ردا على ما وصفها بالتصريحات العدوانية.
وقال بوتين "الغرب لم يكتف باتخاذ خطوات عدائية اقتصادية وحسب، بل أدلى مسؤولوهم في حلف الناتو بتصريحات عدوانية ضد روسيا".
قرار لمجلس الأمن
وصادق مجلس الأمن الدولي اليوم على قرار إجرائي يدعو لعقد جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة غدا الاثنين لمناقشة الأوضاع في أوكرانيا.
وقد صوتت روسيا ضد القرار، بينما امتنعت الصين والهند والإمارات عن التصويت.
وقالت السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد في كلمتها خلال جلسة مجلس الأمن إنه لا بد من اتخاذ خطوات استثنائية لمساعدة أوكرانيا ومواجهة التهديد الروسي وفق تعبيرها.
واتهمت غرينفيلد القوات الروسية بأنها تستهدف بدباباتها المدنيين الأوكرانيين في "هجمات عشوائية غير مبررة"، وأضافت "نقول للضباط الروس إن العالم يراقبكم وستساءلون عن أفعالكم".
وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة الأوكرانية مساء اليوم أن 352 مدنيا بينهم 14 طفلا، لقوا حتفهم جراء الهجمات الروسية منذ يوم الخميس.
وأكدت محكمة العدل الدولية اليوم تلقيها دعوى رفعتها أوكرانيا ضد روسيا على خلفية الحرب الدائرة.
سلاح "سويفت"
وأعلن زعماء مجموعة الدول السبع أن الحلفاء الغربيين قرروا فصل بنوك روسية معينة عن نظام "سويفت"، وأنهم سينسقون العقوبات ضد موسكو ردا على غزوها لأوكرانيا.
وقال الزعماء، في إعلان مشترك نشرته الرئاسة الفرنسية اليوم الأحد، إن مجموعة عمل من الدول الأوروبية والولايات المتحدة ستتشكل قريبا لتنسيق العقوبات.
وكانت الولايات المتحدة والمفوضية الأوروبية وبريطانيا وكندا أعلنت -في بيان مشترك- عزمها فرض عقوبات جديدة على روسيا تشمل فصل بعض البنوك الروسية عن نظام التحويلات المالية الدولية (سويفت)، وتدابير لشلّ أنشطة البنك المركزي الروسي.
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن منظمتها ستعمل على شلّ قدرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تمويل آلته الحربية، موضحة أن أرصدة البنك المركزي الروسي ستُجمّد، بهدف منعه من الوصول إلى احتياطياته من العملات الأجنبية التي تبلغ 630 مليار دولار، مما يجعل من المستحيل له تسييل أرصدته واستخدامها لتمويل الحرب على أوكرانيا.
وفي ظل هذه الضغوط، أعلن البنك المركزي الروسي أنه سيستأنف شراء الذهب والمعادن النفيسة الأخرى من السوق الداخلية ابتداء من الغد.