تتعرض العاصمة الأوكرانية (كييف) السبت منذ الصباح لقصف صاروخي روسي في حين تدور معارك فيها حيث دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي شعبه إلى القتال ضد قوات موسكو مؤكدا أن الحلفاء الغربيين يرسلون أسلحة إضافية إليهم.
وتدور مواجهات في كييف بين القوات الأوكرانية والروسية من أجل السيطرة على العاصمة في اليوم الثالث من الاجتياح الروسي للدولة المجاورة.
وقالت وزارة الداخلية الأوكرانية إن قتالا عنيفا يدور في شوارع كييف، ودعت السكان للحذر وفقا لشبكة "سي إن إن" (CNN) الأميركية، ونشبت معارك في جادة النصر، أحد الشرايين الرئيسة في كييف، بعد ساعات من توجيه زيلينسكي دعوة إلى التعبئة.
وأعلن زيلينسكي اليوم السبت أن شركاءه الغربيين سيرسلون أسلحة جديدة ومعدات لأوكرانيا، قائلا إن "التحالف ضد الحرب فاعل"، وذلك بعد مكالمة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي حذر أن الحرب في أوكرانيا "ستطول" و"يجب أن نستعد لها".
وفي تسجيل مصور صباح اليوم السبت أمام مكتبه في العاصمة، أكد زيلينسكي أنه سيبقى في كييف.
وأضاف "يوم جديد على خط المواجهة الدبلوماسية بمحادثة مع ماكرون وهناك أسلحة ومعدات في طريقها إلينا. لن نلقي السلاح، سندافع عن دولتنا".
ودعا إلى عدم تصديق "المعلومات الكاذبة" المنتشرة على الإنترنت بأنه دعا جيشه إلى تسليم سلاحه، وقال "سلاحنا هو الحقيقة. هذه أرضنا، هذه بلادنا، هؤلاء أطفالنا، سندافع عن كل هذا".
كييف: تم إفشال الخطة الروسية
وأكد الرئيس فولوديمير زيلينسكي اليوم السبت أن أوكرانيا "أخرجت" خطة الهجوم الروسية "عن مسارها" في اليوم الثالث من غزو بلاده، داعيا الروس إلى الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين لوقف الحرب.
وقال زيلينسكي في مقطع فيديو على فيسبوك "صمدنا ونجحنا في التصدي لهجمات العدو"، موضحا أن "القتال مستمر في العديد من البلدات والمناطق في البلاد، لكن (…) جيشنا هو الذي يسيطر على كييف والمدن الرئيسة في كل أنحاء العاصمة".
ودعا زيلينسكي الروس إلى الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين لوقف هجومه على أوكرانيا.
وبدوره، أعلن وزير الدفاع الأوكراني أنهم أفشلوا "خطط العدو الروسي بالكامل، بعد 55 ساعة من المقاومة"، مشيرا إلى أن القوات الروسية تستهدف المستشفيات والمنشآت المدنية والتعليمية.
وقال ميخايلو بودولياك، وهو مستشار رئاسي أوكراني، اليوم السبت، إن بلاده ما زالت تسيطر على الأراضي التي هاجمتها القوات الروسية.
وأضاف "روسيا تريد خلق فوضى وتشكيل إدارة مؤقتة"، مشيرا إلى أن الوضع الأكثر حرجا هو في مدن خاركيف وسوفي ويوج.
كما أعلنت نائبة رئيس الحكومة الأوكرانية سقوط أكثر من 3 آلاف قتيل من الجيش الروسي، وناشدت الصليب الأحمر بالتدخل لنقل القتلى، ومن جهته أعلن الصليب الأحمر عن قلقه من تطورات الأوضاع في أوكرانيا، وقال إنه يجب ضمان حماية المدنيين والالتزام بالقانون الدولي.
وأعلن جهاز الاتصالات الخاصة الأوكراني في وقت مبكر من صباح اليوم أن معارك عنيفة تتواصل في كييف، وأن "الجيش الأوكراني يصدّ المخربين الروس".
ومنذ ساعات الصباح الأولى دوت صافرات الإنذار، وترددت أصوات المدفعية والصواريخ على نحو متقطع في شمال غربي كييف، وأصيب مبنى سكني مرتفع في العاصمة بصاروخ، حسب السلطات الأوكرانية التي لم تقدم معلومات عن أي ضحايا محتملين في الوقت الحالي.
كذلك أفاد الجيش الأوكراني بوقوع معارك "عنيفة" على مسافة 30 كيلومترا إلى جنوب غربي كييف حيث قال إن الروس "يحاولون إنزال مظليين".
كما أعلنت القوات البرية الأوكرانية على فيسبوك أنها دمرت رتلا روسيا من 5 آليات عسكرية بينها دبابة قرب محطة بيريستيسكا للمترو على جادة النصر في شمال غربي العاصمة.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية اليوم السبت إن الجزء الأكبر من القوات الروسية التي تتقدم نحو العاصمة الأوكرانية (كييف) يبعد الآن 30 كيلومترا عن قلب المدينة.
من جهتها، لم تذكر وزارة الدفاع الروسية أي هجوم على كييف، واكتفت بالإبلاغ عن إطلاق صواريخ كروز على البنية التحتية العسكرية وإحراز تقدم ميداني في الشرق حيث يدعم الجيش الروسي الانفصاليين في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وفي جنوب أوكرانيا حيث دخلت القوات الروسية الاثنين الماضي من شبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014.
وذكر الجيش الأوكراني أن القوات الروسية تطلق صواريخ "كاليبر" (Kalibr) على أوكرانيا عبر البحر الأسود، وأن المناطق القريبة من سومي وبولتافا وماريوبول تعرضت لغارات جوية.
وطلبت السلطات من سكان كييف الالتزام بالمنازل أو التوجه إلى الملاجئ عند إطلاق صفارات الإنذار.
وبالتوازي مع ذلك، رفض الرئيس زيلينسكي عرضا أميركيا بالمساعدة في الخروج من كييف، وقال ردا على ذلك "المعركة هنا، أحتاج إلى ذخيرة وليس رحلة"، وفقا لمسؤول مخابرات أميركي كبير على دراية مباشرة بالمحادثة بين الطرفين، حسب ما أوردته وكالة "أسوشيتد برس" (Associated Press).
خسائر الطرفين
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنها استهدفت البنية التحتية العسكرية الأوكرانية بصواريخ دقيقة من الجو والبر والبحر، وقدمت جردا للخسائر العسكرية الأوكرانية في الساعات والأيام الماضية.
وذكرت الوزارة أنها أسقطت في معارك الليلة الماضية 7 طائرات و7 مروحيات و9 مسيّرات أوكرانية، ودمرت 87 دبابة و28 راجمة صواريخ و118 آلية وسيارة، و24 منصة دفاع جوي "إي 300″ و"أوسا" (OSA) و48 رادارا.
كما ذكرت الوزارة أن الأسطول الروسي دمر 8 زوارق للبحرية الأوكرانية، وأن قواتها سيطرت على محطة كييف للطاقة الكهرومائية، بيد أن وكالة "إنترفاكس" (Interfax) نفت ذلك، وقالت اليوم السبت -نقلا عن وزارة الطاقة الأوكرانية- إن القوات الأوكرانية (وليس الروسية) هي التي تسيطر على محطة كييف للطاقة الكهرومائية شمالي العاصمة الأوكرانية.
وأكد أسطول البحر الأسود الروسي أن 80 عسكريا أوكرانيا استسلموا خلال السيطرة على جزيرة الأفعى، وأنهم نُقلوا إلى القرم.
وأعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي أن العملية في أوكرانيا مستمرة حتى تتحقق الأهداف التي تحدث عنها الرئيس بوتين.
وفي مقابل البيانات الروسية عن الخسائر الأوكرانية، قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إن الجيش الأوكراني أسقط مروحية عسكرية روسية ومقاتلة من طراز "سوخوي 25" (Sukhoi 25)، وإنها أسقطت 14 مقاتلة روسية و8 طائرات عمودية منذ بداية الهجوم.
وذكرت وسائل إعلام أوكرانية أن من وصفته بالعدو الروسي بدأ "تحريك وحداته من الاحتياط على حدودنا"، وأن هناك هجوما صاروخيا في كييف على شركة "أرسنال" للاتصالات الحكومية.
واتهمت وزارة الدفاع الأوكرانية القوات الروسية بارتكاب جريمة حرب أخرى ضد السكان المدنيين في أوكرانيا بقصف مبنى سكني مكون من نحو 17 طابقا.
وذكر رئيس الوزراء الأوكراني أنه في اليومين الماضيين تعرضت مستشفيات ورياض أطفال ودور أيتام للقصف في مدن أوكرانية عدة.
بدوره، أكد مستشار وزير الداخلية الأوكراني أن المرافق المدنية في منطقة ميكولايف وضواحيها، وليس في كييف فقط، تتعرض للقصف الروسي، في حين قال الدفاع المدني الأوكراني إنه يحاول إطفاء حريق شبّ في مطار كييف بعد تعرضه للقصف.
وقال وزير الصحة الأوكراني إن 193 قتيلا من المدنيين بينهم 3 أطفال سقطوا في معارك في الأيام الثلاثة الماضية، كما أكد عمدة كييف إصابة 35 شخصا بينهم طفلان خلال التصدي لهجوم القوات الروسية على أحياء كييف أمس الجمعة.
وفي تطور آخر، أعلنت بلدية كييف تعليق عمل مترو الأنفاق وتحويل منشآته إلى ملاجئ.
الهجوم عبر محاور عدة
وكانت القوات الروسية قد اقتربت من العاصمة الأوكرانية من محاور متعددة، في حركة تطويق -على ما يبدو- بعد وابل من الضربات الجوية على مدن وقواعد عسكرية في جميع أنحاء البلاد.
وقالت القوات الأوكرانية في وقت سابق إنها صدّت "هجوما" ليليا شنّه جنود روس على موقع لها في شارع النصر، أحد الشرايين الرئيسة في كييف.
وكتبت القوات البرية في الجيش الأوكراني على فيسبوك "الهجوم تم صده"، من دون أن تعطي مزيدا من التفاصيل بشأن مكان هذه المواجهة.
وأرفقت القوات الأوكرانية هذه الرسالة بصورة تظهر تصاعد عمود دخان كبير وسط منطقة حضرية عند منتصف الليل، في وقت تخشى فيه كييف هجوما كبيرا من الجيش الروسي للاستيلاء على العاصمة.
وفي بيان منفصل، أكد الجيش الأوكراني أن هناك "معارك عنيفة" مستمرة في فاسيلكيف على بعد نحو 30 كيلومترا جنوب غربي كييف، حيث يحاول الروس "إنزال مظليين".
وذكر الجيش الأوكراني أن قوات روسية هاجمت قاعدة عسكرية تقع على طريق رئيسي في العاصمة الأوكرانية كييف، لكن قواته تمكنت من صدّ الهجوم.
وفي سياق منفصل، ذكرت وكالة "إنترفاكس" الأوكرانية أن الجنود الروس كانوا يحاولون الاستيلاء على إحدى محطات توليد الكهرباء في المدينة.
وقالت صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) إن القوات الروسية التي تتقدم جنوبا من بيلاروسيا وشمالا من القرم ستعطي تفوقا عسكريا ساحقا للروس، وذكرت أن مسؤولين عسكريين غربيين حذروا من أن وصول آلاف من القوات الروسية قد يؤدي إلى سقوط كييف في أيام.
وفي السياق ذاته، ذكرت رويترز أن الحكومة التشيكية وافقت على إرسال أسلحة وذخيرة بقيمة 8.6 ملايين دولار إلى أوكرانيا.
حذر الرئيس الأوكراني زيلينسكي في وقت سابق من أن القوات الروسية ستحاول هذه الليلة (الماضية) الاستيلاء على كييف؛ حيث تدور معارك ضارية.
وقال في رسالة مصورة نشرها الموقع الإلكتروني للرئاسة "يجب أن أقولها بصراحة تامة: هذه الليلة ستكون أصعب مما كان عليه النهار؛ كثير من مدن بلادنا تتعرض للهجوم".
وأضاف "اهتمام خاص بكييف.. لا يمكننا أن نخسر العاصمة". وتابع "أتوجه إلى المدافعين عنا، رجالا ونساء في جميع الجبهات: الليلة سيستخدم العدو كل قواته لسحق دفاعاتنا بأكثر الطرق خسّة وقسوة ولاإنسانية، هذه الليلة سيحاولون الاستيلاء على كييف".
وقال مراسل الجزيرة في كييف إن اشتباكات متواصلة وقعت في مناطق عدة من العاصمة، ولم تقتصر فقط على المحور الشمالي، بل فتحت القوات الروسية المهاجمة جبهات أخرى جديدة باتجاه كييف، من بينها ضفة النهر الشرقية، وعبر محور كسيلييف؛ وهي مدينة تابعة لكييف تبعد عنها 36 كيلومترا.
وأشار إلى وقوع تطور نوعي آخر في الهجوم على العاصمة تمثل باستخدام الروس 3 طائرات استطلاع، وطائرة حربية روسية حلقت في سماء كييف وتصدّت لها المضادات الأرضية الأوكرانية قبل أن تغادر الأجواء.