أمرت المناطق الشرقية الأوكرانية الانفصالية المدعومة من روسيا بتعبئة عسكرية وسط تصعيد للقتال بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين شرقي البلاد.
وتشهد المناطق الانفصالية عمليات تعبئة عسكرية؛ حيث يوضع الرجال القادرون على القتال في جمهوريتَي دونيتسك ولوهانسك في وضع استعداد.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن القوات الروسية أخذت "تقترب" صوب الحدود مع أوكرانيا.
وأعلن الجيش الأوكراني اليوم السبت عن مقتل اثنين من جنوده وإصابة أربعة آخرين جرّاء قصف شنّه الانفصاليون الموالون للروس شرقي أوكرانيا - في أول حصيلة معلنة للقتلى في أسبوع.
ويتخوف مراقبون من انطلاق شرارة عملية عسكرية روسية وسط احتداد أعمال العنف في هذه المنطقة التي تشهد صراعا منذ نحو ثماني سنوات.
وقال الجيش الأوكراني على صفحته عبر فيسبوك إنه أحصى 19 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار من جانب الانفصاليين منذ بداية اليوم السبت، مقارنة بـ 66 خرقا أمس الجمعة.
وبحسب الجيش الأوكراني، استهدف الانفصاليون أكثر من 20 موقعا، مستخدمين المدفعية الثقيلة، والمحظورة بموجب اتفاقيات مينسك التي استهدفت إنهاء صراع استمر ثماني سنوات بين الجيش الأوكراني والانفصاليين شرقي البلاد، وسقط جرّاءه أكثر من 14 ألف شخص.
وفي مؤتمر للأمن تستضيفه مدينة ميونيخ الألمانية، من المقرر أن يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قادة غربيين بينهم كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي.
وتتهم دول غربية روسيا بمحاولة افتعال أزمة في المناطق الانفصالية للتذرّع لشن هجوم.
وقالت هاريس إنه في حال أقدمت روسيا على اجتياح أوكرنيا، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها سيفرضون عليها عقوبات مكلفة اقتصاديا "على نحو غير مسبوق".
ونوّهت هاريس إلى أن العقوبات ستستهدف المؤسسات الاقتصادية والصناعية في روسيا وفي الدول التي ستساعدها على الاجتياح.
وعلى الخطى الأمريكية، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن بلاده حال وقوع الاجتياح، ستجعل من المستحيل على شركات روسية الاستثمار في لندن.
وتعليقًا على مشاركة الرئيس الأوكراني في مؤتمر ميونيخ للأمن، رأى جونسون أنه ربما "ليس من الحكمة" أن يكون زيلينسكي خارج بلاده في الوقت الراهن.
وتقدّر الولايات المتحدة حوالي 169 ألفا إلى 190 ألف جندي تحشدهم روسيا على طول الحدود الأوكرانية، بينهم مقاتلين انفصاليين في دونيتسك ولوهانسك.
بوتين: الوضع يتدهور
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يشرف اليوم على مناورات عسكرية بأسلحة نووية استراتيجية روسية، إن الوضع شرقيّ أوكرانيا يتدهور.
ونوّه بوتين إلى أنه لا يزال يرغب في مناقشة الأزمة مع قادة غربيين، لكنه يتّهمهم بتجاهل مخاوف أمنية روسية.
وليست أوكرانيا، إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق، عضوا في حلف شمال الأطلسي ناتو، ولا في الاتحاد الأوروبي، لكن تربطها مع ذلك علاقات وثيقة بكليهما.
وشهدت الأيام الأخيرة تزايدا شديدا في عمليات القصف العابرة للخط الفاصل بين قوات الحكومة الأوكرانية والانفصاليين، وهو ما تصفه الحكومة الأوكرانية بالاستفزاز، رافضة بقوة ادعاءات روسية بأن كييف تعتزم شنّ هجوم شرقي أوكرانيا.
وأعلن زعماء المنطقتين الانفصاليتين (دونيتسك ولوهانسك) أمس الجمعة، إجلاء السكان، قائلين إن أوكرانيا كثفت القصف وتخطط لشن هجوم.
وأعلن الكرملين بدوره أن الرئيس بوتين أمر بإقامة مخيمات للاجئين بالقرب من الحدود وتقديم مساعدات "طارئة" للأشخاص القادمين من المناطق الانفصالية.
وتم إجلاء عدد كبير من المدنيين من المناطق الانفصالية إلى مناطق روسية مجاورة؛ وبحسب مصادر تابعة للانفصاليين، غادر ما لا يقل عن 6,500 دونيتسك.
ويصعب تحديد الرقم بدقة، لكن حوالي 3.5 ملايين نسمة يعيشون في الإقليمين المنفصلين منذ عام 2014. ومنذ ذلك الحين حصل ما لا يقل عن 720 ألفا من هؤلاء على الجنسية الروسية، بحسب مصادر إعلام روسية.
وقال شاهد عيان من لوهانسك لبي بي سي، شريطة إخفاء هويته، إن الانفصاليين كانوا يحاولون عن عمد بث الذعر في نفوس المدنيين.
وقال آخر من دونيتسك إن الناس هناك لا يريدون سوى أن يبسط طرف سيطرته على المنطقة ويعلن مسؤوليته عنها سواء كانت روسيا أو أوكرانيا.
ويرى مراسل بي بي سي للشؤون الدبلوماسية، بول آدامز، في الإعلان عن إجلاء النساء والأطفال وكبار السن إلى روسيا تطورا مقلقا للغاية.
ويعتقد آذامز أن الانفصاليين وموسكو يريدون خلْق انطباع بوجود خطر وشيك.
وأعلن دينيس بوشيلين، زعيم إقليم دونيتسك المنفصل شرقي أوكرانيا اليوم السبت أنه كان قد أعطى أوامر بتعبئة عامة - في خطوة تزيد المخاوف من نشوب حرب في إحدى دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وجاء الإعلان بعدما أفاد مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بتزايد ملحوظ في معدل الهجمات على الجبهة شرقي أوكرانيا، التي يسيطر عليها انفصاليون موالون للروس.
وقال بوشيلين في بيان مصور: "أحُث مواطنيّ المسجلين في قوات الاحتياط على التوجّه إلى مكاتب التجنيد. اليوم وقّعت قرارا بالتعبئة العامة".
وادّعى بوشيلين أن "قواته كانت قد تصدّت لهجمات تقف أوكرانيا وراءها، وأن الجيش الأوكراني يواصل هجماته".
وتنكر كييف وقوفها وراء أي هجمات تستهدف استعادة السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون، بما في ذلك شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014.
وقال بوشيلين: "معًا، سنحقق النصر الذي نرغب فيه ونحتاجه. وسنحمي دونباس وكل الشعب الروسي".
وأعرب قادة أوروبيون على مدار الأسابيع القليلة الماضية عن قلقهم إزاء حشْد موسكو قوات روسية على حدود أوكرانيا.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في وقت سابق إنه مقتنع بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتخذ بالفعل قرار اجتياح أوكرانيا، وإن الهجوم قد يحدث في "الأيام المقبلة".
وقال بايدن إن التقييم استند إلى معلومات المخابرات الأمريكية التي أشارت إلى استهداف العاصمة كييف.
وجاءت تصريحات بايدن عقب اجتماع هاتفي، استمر 45 دقيقة، عقده مع قادة كل من كندا، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وإيطاليا، وبولندا، ورومانيا، وحلف الناتو، والمفوضية الأوروبية، والمجلس الأوروبي لبحث "احتمالية استمرار العدوان الروسي على أوكرانيا".