قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إن روسيا لا تريد الحرب، وإنها لم تتسلم ردا بناءً على المقترحات التي قدمتها للدول الغربية.
وأضاف بوتين أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) أخفق حتى الآن في معالجة ما وصفه بمخاوف روسيا الأساسية بشأن الأمن، لكنه قال إنه مستعد لمواصلة المفاوضات بشأن أوكرانيا وقضايا أخرى.
وقال الأمين العام للناتو ينس ستولتنبرغ إنه لم ير أي دليل يدعم الادعاءات الروسية التي تفيد بأنها سحبت بعض قواتها من الحدود الأوكرانية.
وكان الرئيس الروسي بوتين والمستشار الألماني، أولاف شولتس، عقدا مؤتمرا صحفيا عقب انتهاء محادثاتهما الثلاثاء.
وقال بوتين إن مسألة السماح لأوكرانيا بالانضمام إلى الناتو في المستقبل يجب حلها الآن، على الرغم من أن أوكرانيا بعيدة كل البعد عن الشروع في تقديم طلب للعضوية.
ويقول بوتين إن موسكو لا تزال مستعدة لمناقشة بعض القضايا، ومن بينها الأمن الأوروبي والصواريخ.
وعندما سُئل الرئيس الروسي عن توسع الناتو قال: "خلال الثلاثين عاما الماضية قيل لنا إنه لن يكون هناك توسع للناتو على الإطلاق، لكننا اليوم نرى البنية التحتية على أعتابنا".
وتساءل بوتين عن موعد قبول عضوية أوكرانيا في الناتو. وقال إن خبراء يشيرون إلى أن الدولة مازالت بعيدة عن أن تكون في وضع يمكنها من البدء في تقديم طلب العضوية.
وأضاف: "نحن بحاجة إلى حل هذه المسألة الآن، نحتاج إلى حل هذه المسألة خلال مسار هذه المفاوضات".
وقال: "نأمل بشدة في أن يسمع شركاؤنا مخاوفنا وأن يأخذوها على محمل الجد".
والمطلب الأساسي لروسيا الآن هو أن يضمن الغرب ألا تنضم أوكرانيا إلى الناتو، وهو تحالف دفاعي مكون من 30 دولة.
ماذا قال شولتس؟
أما المستشار الألماني فقال إن حشد القوات الروسية على الحدود الأوكرانية يشكل تهديدا، وهو "غير مفهوم".
ودعا إلى وقف التصعيد في المنطقة، قائلا إن وحدة أراضي أوكرانيا "غير قابلة للتفاوض".
وأشار شولتس إلى المخاوف بشأن خط أنابيب نورد ستريم 2 بين روسيا وألمانيا، الذي اكتمل ولكن لم يبدأ تشغيله بعد، وقال إن بلاده ملتزمة بضمان نقل الغاز في أوروبا، لكنه أضاف أن أي حرب في أوكرانيا سيكون لها "عواقب بعيدة المدى".
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن أجرى اتصالا هاتفيا جديدا بشأن الأزمة الأوكرانية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية بعد مكالمتهما الأخيرة السبت "اتفقا على البقاء على اتصال"، دون أن يقدم تفاصيل عن محادثتهما الأخيرة.
وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، بعد اجتماعه مع نظيره الإيطالي، لويجي دي مايو، في كييف الثلاثاء إن أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي هما فقط من يتعين عليه مناقشة سعي كييف إلى الانضمام إلى الحلف.
وأضاف: "لا ينبغي أن يكون لأي شخص سوى أوكرانيا وأعضاء الناتو رأي في المناقشات بشأن عضوية أوكرانيا في الناتو في المستقبل".
وجاء الاجتماع مع دي مايو بعد ساعات من إعلان روسيا أنها بدأت تسحب بعض قواتها المنتشرة بالقرب من أوكرانيا، وطلب البرلمان الروسي من الرئيس بوتين الاعتراف بإقليمين يسيطر عليهما المتمردون الموالون لروسيا في شرق أوكرانيا.
كيف أعلن انسحاب بعض القوات الروسية؟
وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية صباح اليوم الثلاثاء انسحاب بعض قواتها من الحدود مع أوكرانيا.
ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن المتحدث باسم وزارة الدفاع، إيغور كوناشينكوف، قوله إن وحدات المناطق العسكرية الجنوبية والغربية التي أكملت مهامها بالفعل بدأت في العودة بواسطة قطارات السكك الحديدية والسيارات، وستصل إلى ثكناتها اليوم.
وأضاف المتحدث أن القوات أجرت عددا من التدريبات القتالية، كما كان مخططا لها، وأن بعض التدريبات لا تزال جارية.
ومن المقرر أن تنتهي التدريبات العسكرية في 20 فبراير/شباط بتدريب آخر واسع النطاق في المنطقة، وهو عبارة عن مناورات حربية مشتركة بين الاتحاد الروسي والبيلاروسي.
وكانت روسيا قد نشرت حوالي 130 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية، من بينهم نحو 30 ألف جندي يشاركون في التدريبات العسكرية في بيلاروسيا.
وكتبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا على موقع تليغرام الثلاثاء تقول "إن 15 فبراير/شباط 2022 سيدخل التاريخ باعتباره اليوم الذي فشلت فيه الدعاية الحربية الغربية. فقد تعرضوا للعار والتدمير دون إطلاق رصاصة واحدة".
استجابة الأسواق
وكانت رد فعل الأسواق على أنباء انسحاب بعض القوات الروسية سريعا واتسم بالهدوء.
كما تعزز سعر الروبل الروسي مقابل الدولار واليورو استجابة لما أعلنه الجيش الروسي.
وقال مايكل ليستر، وهو رئيس استراتيجية أسعار الفائدة في كوميرزبانك: "يبدو أن غياب العمل المسلح على الحدود الأوكرانية والمؤشرات بشأن الاستعداد للحديث كان كافيا لتهدئة أعصاب السوق".
ردود فعل
وقال وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إنه يتعين على روسيا سحب جميع قواتها المتبقية من الحدود المشتركة بين البلدين.
وقال للصحفيين بعد ورود أنباء عن عودة بعض القوات الروسية إلى القاعدة "لدينا قاعدة: لا تصدق ما تسمعه، صدق ما تراه. عندما نرى انسحابا سنؤمن بوقف التصعيد".
ويضيف أن المسار الدبلوماسي الذي تتبعه أوكرانيا مع حلفائها يعمل على منع المزيد من التصعيد.
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية حتى نصدق إصرار روسيا على عدم وجود خطط لغزو أوكرانيا يجب عليها سحب جميع قواتها المحتشدة بالقرب من الحدود مع كييف.
وأضافت ليز تراس في مقابلة مع بي بي سي: "ادعى الروس أنه ليس لديهم خطط للغزو، لكننا سنحتاج إلى رؤية إزالة كاملة للقوات لإثبات صحة ذلك".
وعندما سُئلت عن التقارير الإعلامية بشأن عودة بعض القوات الروسية إلى قواعدها من المنطقة الحدودية، قالت تراس إنها بحاجة إلى الاطلاع على مزيد من التفاصيل لفهم إن كان لذلك عواقب كبيرة.
ويقول آدم فليمينغ كبير المراسلين السياسيين في بي بي سي إن الحكومة البريطانية تنتظر رؤية حجم الانسحاب الروسي المعلن عنه.
ونقل فليمينغ عن أحد المصادر قوله إنه سيتعين على روسيا أن يحدث هذا الانسحاب فرقا في القدرة على الغزو حتى يكون ذا مغزى.
أمل في حل دبلوماسي
قال زعيما الولايات المتحدة وبريطانيا إنهما لم يفقدا كل الأمل في التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة الأوكرانية، لكنهما حذرا من أن الوضع لا يزال هشا.
واتفق بايدن وجونسون في مكالمة استمرت 40 دقيقة على أن الحل لا يزال ممكنا، على الرغم من جوقة التحذيرات من عمل عسكري روسي وشيك.
ولطالما نفت روسيا وجود أي خطط لغزو أوكرانيا، على الرغم من حشدها أكثر من 100 ألف جندي على الحدود.
وقال وزير خارجيتها الاثنين إن الدبلوماسية "لم تستنفد بعد".
وحثت أكثر من 12 دولة مواطنيها على مغادرة أوكرانيا، وقالت الولايات المتحدة إن القصف الجوي يمكن أن يبدأ "في أي وقت".
وقال بايدن وجونسون في مكالمتهما إنه لا تزال هناك "نافذة مهمة" للدبلوماسية، ولروسيا للتراجع عن تهديداتها تجاه أوكرانيا، بحسب بيان صادر عن مكتب جونسون في داونينغ ستريت.
وأضاف البيان أن "الزعيمين أكدا أن أي توغل آخر في أوكرانيا سيؤدي إلى أزمة طويلة الأمد لروسيا، ويلحق أضرارا بعيدة المدى بكل من روسيا والعالم".
وقال جونسون، وبحسب ما ورد، إن بريطانيا مستعدة لبذل كل ما في وسعها للمساعدة، وهو ما رد عليه بايدن بالقول: "لن نذهب إلى أي مكان بدون صديق".
وأعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، في خطاب تحد للأمة الاثنين، يوم 16 فبراير/شباط "يوما للوحدة" وأشاد بقوة الجيش الأوكراني.
وهذا هو التاريخ الذي ذكره المسؤولون الأمريكيون باعتباره يوما محتملا يمكن لروسيا أن تهاجم فيه.
وأضاف: "لدينا شيء نرد به. لدينا جيش عظيم ... هذا جيش أقوى عدة مرات مما كان عليه قبل ثماني سنوات."
لكنه قال إنه يريد حل جميع القضايا من خلال المفاوضات والدبلوماسية.
واختتم الرئيس الأوكراني حديثه بملاحظة متفائلة: "الآن قد تعتقد أن الظلام قد حل في كل مكان. ولكن غدا ستشرق الشمس مرة أخرى فوق سمائنا الهادئة".