قالت حركة طالبان اليوم الأحد إنها أمرت مسلحيها بدخول العاصمة كابل منعا لحدوث فوضى وحالات سرقة بعد انسحاب قوات الأمن، بينما أكد رئيس لجنة المصالحة الأفغانية أن الرئيس الأفغاني أشرف غني غادر البلاد.
وأضافت طالبان في بيان أن الشرطة والمسؤولون في كابل لاذوا بالفرار مما يمثل مشكلة أمام حفظ القانون والنظام.
بدوره أكد رئيس لجنة المصالحة الأفغانية عبد الله عبد الله، أن الرئيس غني غادر أفغانستان وورطها وورط الشعب في هذه الحالة. وأضاف أن الشعب سيحكم على الرئيس الأفغاني السابق وسيحاسبه الله.
بدوره قال القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني بسم الله خان محمدي، إن الرئيس الأفغاني قيد أيدينا وراء ظهورنا وباع الوطن وغادر البلاد.
وجاءت هذه التطورات بعد ساعات من نقل وول ستريت جورنال عن مسؤول أفغاني رفيع قوله إن الحكومتين الأميركية والأفغانية طلبتا من حركة طالبان تأجيل الدخول لكابل إلى حين الاتفاق على حكومة انتقالية، وقال وزير الدفاع الأفغاني إن غني نقل جزءا من صلاحياته إلى وفد يتوقع أن يغادر للتفاوض مع طالبان في الدوحة.
وأكد المسؤول الأفغاني وجود مفاوضات حاليا بين الحكومة وطالبان لاختيار رئيس لحكومة انتقالية مقبول من الجميع، لكنه لا يعتقد أن حركة طالبان ستقبل هذا العرض.
بدورها ذكرت وكالة رويترز أن الوفد الحكومي يضم المسؤول البارز عبد الله عبد الله، ومن المتوقع أن يتوجه اليوم الأحد إلى العاصمة القطرية للقاء ممثلين عن حركة طالبان لبحث مسألة تسليم السلطة.
من جهته قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن واشنطن ستدعم جهود المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان في الدوحة.
وأضاف في مقابلة مع "إن بي سي" (NBC) أن لدى الولايات المتحدة فريق في الدوحة يعمل مع الأمم المتحدة وقطر ودول أخرى لدعم تلك الجهود، ومعرفة إمكانية التوصل إلى تسوية سلمية لنقل السلطة، مشيرا إلى أن التسوية السلمية سيجنب الشعب الافغاني إراقة المزيد من الدماء.
من جانبه، أكد القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني بسم الله خان محمدي، في كلمة وجهها إلى سكان العاصمة، أن المدينة آمنة وأن قوات الأمن ملتزمة بالدفاع عنها، مشددا على أن القوات الدولية تساعد في تأمين المدينة.
وقال القائم بأعمال وزير الداخلية الأفغاني عبد الستار ميرزاكوال، إن كابل لن تتعرض للهجوم، مؤكدا أنه سيتم تسليم السلطة عبر إدارة مؤقتة وبصورة سلمية.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول بالقصر الرئاسي قوله إن غني يجري محادثات مع المبعوث الأميركي ومسؤولين في الناتو.
في الأثناء، ذكرت وكالة أسوشيتد برس نقلا عن مسؤولين أفغان أن مفاوضين من طالبان اتجهوا إلى القصر الرئاسي استعدادا لنقل السلطة.
لكن مصدرا في طالبان نفى أن تكون الحركة أرسلت مفاوضين إلى القصر الرئاسي بينما أكدت المخابرات الأفغانية ذلك.
كما نفى المصدر للجزيرة قدوم رئيس المكتب السياسي للحركة الملا عبد الغني برادر إلى كابل، مضيفا أنه سيصل إلى العاصمة بعد الاتفاق على نقل السلطة.
وكانت وسائل إعلام أفغانية أفادت بأن رئيس البرلمان الأفغاني وعددا من زعماء الأحزاب السياسية غادروا كابل إلى باكستان، مضيفة أن الرئيس السابق ووزير الخارجية الحالي طالبا الرئيس أشرف غني بالاستقالة لحل الصراع.
على أبواب كابل
وكان مراسل الجزيرة نقل عن مصدر في حركة طالبان قوله إن جميع مقاتلي الحركة الذين دخلوا العاصمة كابل اليوم الأحد انسحبوا منها بعد إصدار الحركة بيانا بعدم اقتحام المدينة، في حين أكد القصر الرئاسي أن القوات الحكومية تدافع عن العاصمة بالتنسيق مع الشركاء الدوليين.
وكانت الحركة قالت إنها لا تريد دخول كابل بالقوة أو الحرب وإنها تفضل دخولها بسلام، وأضافت -في بيان- أنها أمرت مسلحيها بالوقوف على تخوم العاصمة كابل وتجنب محاولة دخولها.
وقالت طالبان إن المفاوضات جارية لضمان عملية تسليم العاصمة كابل، لكن الحكومة لم تعلق على الأمر حتى الآن.
من جهته، قال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد إن الحركة لا تريد حالة حرب في العاصمة. وأضاف -في تغريدة عبر تويتر- أن طالبان لن تمس الممتلكات والبنوك في كابل وستتخذ خطوات جادة لحمايتها، حسب تعبيره.
كما نقلت وكالة رويترز عن قيادي من طالبان أن الحركة أمرت المقاتلين بالإحجام عن العنف في كابل، والسماح بالعبور الآمن لأي شخص يختار الخروج، وطلبت من النساء التوجه إلى أماكن آمنة.
بدوره، قال متحدث باسم طالبان لرويترز "ندعو المدنيين الأفغان للبقاء في بلدهم وألا يغادروه نتيجة الخوف، لا ننوي الانتقام من أحد وسنصفح عن كل من خدم في الحكومة أو قواتها".
ونقلت رويترز عن متحدث باسم طالبان قوله إن سياسة الحركة ستقوم على ترك العقوبات كالإعدام والرجم وقطع الأعضاء للمحاكم للبت فيها، مضيفا أنه سيسمح لوسائل الإعلام بانتقاد من تريد لكن من دون تشهير.
وأكد المتحدث أنه سيسمح للمرأة بمغادرة المنزل وحدها دون مرافق، وأن حقوق المرأة ستحترم وسيسمح لها بالتعليم والعمل على أن ترتدي الحجاب.
مؤامرة وتسليم
وفي سياق تسارع التطورات الميدانية، قال قائد القوات الموالية للحكومة إن مؤامرة أدّت إلى تسليم مدينة مزار شريف مركز ولاية "بلخ" إلى قوات طالبان، في حين غادرت أعداد كبيرة من القوات الحكومية ومسؤولون محليون نحو المعبر الحدودي بين ولاية بلخ وأوزبكستان.
وجاء ذلك بعد معارك محتدمة وحصار للمدينة التي تعد أكبر مدن الشمال الأفغاني، وتقع بالقرب من 3 جمهوريات في آسيا الوسطى هي تركمانستان وطاجيكستان وأوزبكستان.
وأكد مصدر أمني أفغاني للجزيرة أن مسلحي طالبان سيطروا على معبر "طورخم" بولاية ننغرهار على الحدود مع باكستان. وقد أعلنت وزارة الداخلية في باكستان إغلاق المعبر إغلاقا كاملا بعد سيطرة حركة طالبان عليه.
ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤولين أن حركة طالبان باتت تسيطر على جميع المعابر الحدودية في أفغانستان.
خوست وباغرام
وفي تطور آخر، قالت حركة طالبان إن مسلحيها يسيطرون على مقر ولاية خوست جنوب شرقي أفغانستان، كما قال مصدر أمني أفغاني إن مسلحي الحركة يسيطرون على السجن المركزي في الولاية ويطلقون سراح جميع المعتقلين.
في هذه الأثناء، قال مصدر أمني أفغاني للجزيرة إن ما لا يقل عن 35 مسلحا من حركة طالبان قتلوا بغارات جوية نفذتها القوات الأميركية في 3 ولايات أفغانية.
وقال مصدر أمني للجزيرة إن عبد الرشيد دستم -النائب الأول السابق للرئيس الأفغاني- ورئيس الجمعية الإسلامية "قائد الانتفاضة الشعبية" عطاء محمد نور فرّا أمس السبت إلى أوزبكستان.
وقد بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لما قالوا إنها لحظة اقتحام مسلحي حركة طالبان منزل الجنرال عبد الرشيد دستم شمالي أفغانستان.
دخول جلال آباد
وإلى الشرق من البلاد، أعلنت حركة طالبان دخول مسلحيها إلى مدينة جلال آباد عاصمة ولاية ننغرهار، وأكد مصدر أمني للجزيرة أن الحركة سيطرت على مقر الشرطة داخل المدينة.
كما قال مسؤول أفغاني في جلال آباد لرويترز إنه لا توجد اشتباكات حاليا في المدينة لأن الحاكم استسلم لطالبان، وأوضح أن فتح المجال أمام مرور طالبان كان السبيل الوحيد لإنقاذ حياة المدنيين.
وكان مقاتلو طالبان دخلوا مشارف جلال آباد ليلا. وقال نائب برلماني أفغاني للجزيرة في وقت سابق إن مفاوضات تجري بوساطة زعماء القبائل في ولاية ننغرهار بين السلطات المحلية ومسلحي حركة طالبان، من أجل تسليم المدينة.
وخلال أيام، تمكنت طالبان من السيطرة على مراكز 18 ولاية من أصل 34. ومن بين عواصم الولايات التي سقطت في قبضتها قندهار التي تعد ثاني كبرى المدن الأفغانية، وهرات ثالت أكبر مدينة، إضافة إلى غزني التي تقع على الطريق المؤدي إلى كابل، حيث تفصلهما مسافة لا تتعدى 149 كيلومترا.