[ أحد جنود القوات الأفغانية يقف على بوابة قاعدة باغرام بعد انسحاب القوات الأميركية (رويترز) ]
قال مسؤولون أميركيون وأفغان إن القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" (NATO) انسحبت من قاعدة باغرام الجوية قرب العاصمة الأفغانية كابل. وفي حين وصفت حركة طالبان الخطوة بالتاريخية، أكدت واشنطن أنها لن تتخلى عن أفغانستان.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية للجزيرة فؤاد أمان "بدأنا الانتشار في قاعدة باغرام بعد تسلمها، وقادرون على مواجهة الإرهاب".
وأوضح أن جميع القوات الأميركية والأجنبية غادرت القاعدة الجوية التي ظل الأميركيون يتمركزون فيها منذ غزو أفغانستان عام 2001.
وأضاف "طالبان غير قادرة على مهاجمة القواعد التي تسلمناها. القوات الأميركية ستواصل مساعدتنا ولن نبقى وحدنا أمام الإرهاب".
وكان مسؤولون أميركيون أعلنوا أن الجيش الأميركي غادر في وقت مبكر اليوم الجمعة القاعدة الجوية، التي كانت مركز الحرب الأميركية على حركة طالبان منذ عام 2001، وسلمها لقوات الأمن والدفاع الأفغانية بالكامل.
كما قال مراسل الجزيرة في أفغانستان ناصر شديد إن وزيري الدفاع الأميركي والأفغاني ناقشا في اتصال هاتفي آلية تسليم القاعدة، مشيرا إلى أن القوات الأميركية سلمت كل القواعد العسكرية في البلاد باستثناء مقر القيادة العسكرية القريب من السفارة الأميركية وسط العاصمة كابل.
ووفقا لمسؤول أميركي، فإن إخلاء قاعدة باغرام وتسليمها للقوات الأفغانية مؤشر على أن الانسحاب الكامل للقوات الأميركية والأجنبية الأخرى من أفغانستان بات وشيكا. ويأتي هذا التطور بعد اكتمال انسحاب القوات الألمانية والإيطالية المشاركة في مهمة الحلف الأطلسي.
وقد رحبت حركة طالبان بالانسحاب الأميركي من قاعدة باغرام، ووصف المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة طالبان وعضو وفد الحركة إلى المفاوضات، محمد نعيم، هذا الانسحاب بالخطوة التاريخية.
وقال نعيم في مقابلة مع الجزيرة إن وجود القوات الأجنبية في أفغانستان يزيد من تفاقم المشاكل في البلاد، حسب تعبيره.
وأضاف أن هناك مفاوضات مستمرة مع وفد الحكومة في الدوحة، مبديا تفاؤله بحل القضايا محل الخلاف بين الطرفين.
بدورها، نقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد قوله إن الانسحاب في مصلحة الحكومة الأميركية، في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الناطق باسم طالبان أن انسحاب القوات الأميركية الكامل سيمهد الطريق أمام الأفغان ليقرروا مستقبلهم.
من جهته، قال الرئيس الأفغاني أشرف غني في لقاء جمعه بقائد القوات الأميركية في أفغانستان الجنرال سكوت ميلر إنه بانسحاب القوات الأميركية فُتحت صفحة جديدة بين بلاده والولايات المتحدة.
وكانت شبكة "سي إن إن" (CNN) نقلت عن مسؤول في الإدارة الأميركية أن انسحاب قواتها من أفغانستان قد يكتمل في غضون أيام، وكان الرئيس الأميركي جو بايدن وعد بتنفيذ الانسحاب قبل حلول الذكرى المقبلة لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
وتقول مصادر أميركية إن واشنطن ستبقي على نحو 650 جنديا لحماية سفارتها ومطار كابل.
في الأثناء، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن المجتمع الدولي والشعب الأفغاني لن يقبلا بأي حكومة يتم تنصيبها بالقوة، وإن تلك الحكومة لن تحظى بالشرعية، ولن تتلقى مساعدة من المجتمع الدولي.
وأضاف برايس، خلال مؤتمر صحفي، أن الولايات المتحدة لا تعتزم التخلي عن أفغانستان أو التراجع عن دعمها للحكومة والشعب الأفغانيين، مؤكدا أن واشنطن ستواصل دعم القوات الأفغانية.
وأشار إلى أن بقاء جنود أميركيين في أفغانستان ضروري لحماية الدبلوماسيين الأميركيين.
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إن تصعيد حركة طالبان للعنف مصدر قلق، ويعد عائقا أمام التوصل إلى تفاهم شامل.
وأكد أوستن، في اتصال هاتفي مع نظيره الأفغاني، استمرار بلاده في دعم القوات الأفغانية وتدريبها، مشددا على ضرورة اغتنام فرصة محادثات السلام لتحقيق سلام دائم في أفغانستان.
وفي خضم انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده مستمرة في تواصلها مع الولايات المتحدة بشأن تشغيل مطار كابل، مؤكدا أهمية استمرار عمل المطار بالنسبة لأفغانستان.
وذكر أكار في تصريح صحفي أدلى به خلال زيارته إلى طاجكستان أن القرار النهائي بشأن حماية وتأمين مطار كابل سيصدر عقب اجتماع سيترأسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية سيرغي لافروف اليوم إن تنظيم الدولة الإسلامية يحشد قواته بشمال أفغانستان مع انسحاب القوات الأميركية وقوات الحلف الأطلسي من البلاد، مضيفا أن ذلك يثير قلق موسكو.
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا قالت إن موسكو لا تميل إلى تهويل الهجمات الحالية لحركة طالبان في أفغانستان.
تطورات ميدانية
ميدانيا، أفاد مصدر أمني أفغاني للجزيرة بمقتل 8 من الشرطة وإصابة 5 آخرين في هجوم لمسلحي طالبان قرب مدينة فيض آباد بولاية بدخشان (شمالي أفغانستان).
كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر أفغانية أن 23 شخصا، بينهم أفراد من قوات الأمن ومسلحون مناهضون لطالبان، قتلوا في هجمات شنتها الحركة في ولايتي بدخشان وبغلان بشمال أفغانستان.
وفي الإطار نفسه، تداولت حسابات مقربة من حركة طالبان مقاطع تظهر استسلام العشرات من القوات الحكومية الأفغانية لمقاتلي الحركة خلال معارك جرت أمس الخميس في منطقة تكاب بولاية كابيسا شمالي أفغانستان.
وقالت الحركة، عبر حسابها العربي بموقع تويتر، إن الجنود الذين سلموا أسلحتهم قد استفادوا من العفو الذي منحته الحركة لكل من ينشق عن صفوف النظام.
وكانت الحركة كثّفت مؤخرا هجماتها مع تسارع انسحاب القوات الأجنبية، وتمكنت من السيطرة على عدة مناطق، خاصة في شمال البلاد وغربها.