[ الرئيس ظهر في حضرة راعيته في مناسبات دينية عدة (رويترز) ]
في عام 2002 حضر دونالد ترامب عظة لقسيسة شابة من الطائفة الإنجيلية، وما لبث أن دعاها للمشاركة في برنامج كان يقدمه على التلفزيون ثم اشترت منه شقة بنيويورك وتوطدت علاقتهما واستمرا على اتصال حتى اليوم.
هذه هي باولا وايت راعية "مركز القدر الجديد" في أورلاندو بفلوريدا التي أعلن في مطلع الشهر الجاري تعيينها مستشارة الرئيس الأميركي للإيمان ودعم الفرص.
ونظرا للدور المنوط بها حاليا في البيت الأبيض واتهامها بالبدعة الدينية وبالتورط في قضايا مالية، تحدثت وسائل الإعلام عن ماضيها وحاضرها وتناولتها تعليقات خبراء السياسة ورجال الدين.
أشواك في الطريق
في 20 أبريل/نيسان عام 1966 ولدت باولا وايت في مسيسيبي، وكان أبواها دونالد فير وميرا جوانيل يمتلكان متجرا لبيع ألعاب الأطفال.
لكن طفولتها لم تكن سعيدة ولا هادئة فقد تصدع زواج والديها وهي في الخامسة من العمر، ولاحقا انفصلا ثم انتحر الوالد.
في تلك الفترة عانت باولا وايت من اضطرابات الشهية وتعرضت لانتهاكات جنسية ونفسية، مما أثر سلبا في طفولتها.
وفي عامها التاسع انتقلت وايت إلى واشنطن العاصمة مع أمها المتزوجة حينها من أحد الضباط، وهناك تابعت دراستها وحصلت على الثانوية العامة من مدرسة سينيكا فالي بميريلاند.
تحول جذري
وعندما بلغت عامها الـ 18 شهدت حياتها تغيرا جذريا، إذ "نذرت نفسها للرب، وكرست وقتها لتقديم العظات للمجتمع المسيحي في الولايات المتحدة ومختلف أنحاء العالم".
وعلى موقعها على الإنترنت، تقول سيرتها الذاتية إنها أثرت في حياة الناس في أكثر من 120 بلدا.
وقادت وايت العديد من الصلوات والأنشطة الدينية في الولايات المتحدة، وعرفت بتقديم العظات الدينية على شاشات التلفزيون، وتحدثت عنها الصحف في مناسبات مختلفة.
في 2007 خضعت لتحقيقات حول التهرب الضريبي ولكن التحقيق أوقف في نهاية المطاف، كما واجهت في السابق تهما تتعلق بسوء السلوك الأخلاقي.
وفي العام 2015 تزوجت من العازف الموسيقي جوناثان كان، وهذه هي الزيجة الثالثة لكل منهما.
ولسنوات طويلة ظل دونالد ترامب يعتبرها صديقة وراعية شخصية له، وعندما بدأ الترشح للرئاسة في عام 2016 لجأ إليها بحثا عن "مباركة الرب".
وقد انسحب المئات من المسيحيين الأفارقة من كنيستها بعد أن أكدت دعمها لترامب في الانتخابات الرئاسية.
بجانب الرئيس
في عام 2017، تم تعيينها رئيسة للمجلس الاستشاري الإنجيلي للرئيس دونالد ترامب، وقبل أسابيع أصدر قرارا بترقيتها إلى منصب مستشارة الإيمان ودعم الفرص.
ويرمي ترامب من خلال تعيينها في هذا المنصب إلى إعطاء زخم أكبر للمجموعات الدينية داخل البيت الأبيض ودعم البرامج الحكومية المتعلقة بحرية التدين ومحاربة الفقر.
هذه الوظيفة تجعلها تجلس إلى جانب الرئيس في اجتماعات البيت الأبيض، ومن شأن قربها منه أن يبعث رسالة مفادها أنه يضمن دعم الإنجيليين له في الانتخابات الرئاسية المقررة في نهاية العام المقبل.
وكمسؤولة ارتباط، سهلت وايت العديد من اللقاءات بين القساوسة المحافظين ومسؤولي البيت الأبيض لطمأنتهم بأن الرئيس مستمر في التعاطي بإيجابية مع اهتماماتهم وقضاياهم.
ووفق خبراء، فإن الدور المهيمن لوايت يختلف عن الأدوار التي لعبها مستشارو الشأن الديني للرؤساء الأميركيين السابقين.
وتقول أستاذة التاريخ المسيحي في مدرسة ديوك ديفينيتي إنها لم تخمن أبدا أن باولا وايت يمكن أن تقوم بدور المستشار الديني للرئيس الأميركي.
ويرى مراقبون أن ترقية وايت تلحق أذى بالمجتمع المسيحي بقدر لا يقل عن الضرر الذي ألحقه ترامب بسمعة الحزب الجمهوري.
البدعة والسلطة والمال
وتعيش وايت في قصر فخم وتظهر في العديد من الصور ترتدي الفساتين القصيرة وأحذية الكعب العالي، في حين يتهمها المتدينون بالابتداع.
وأساس الاتهام بالبدعة هو أن الواعظة الخمسينية تعتنق مذهب "إنجيل الرخاء" الذي يحث على تكوين الثروة والسعي للسلطة، بينما يقول بعض رجال الدين إنه مختلق ودخيل على التعاليم المسيحية.
ووفق هؤلاء، فإنه لا يختلف عن أي معتقد يبرر الاسترقاق من أجل تحقيق الرفاه الاقتصادي، بينما تعاليم المسيح عليه السلام "تركز على الاهتمام بالفقراء والمرضى والغرباء".
في المقابل فإن جاذبيتها لدى بعض المسيحيين قد تساعد ترامب في الوصول لتيارات من المتدينين الذين يمانعون دعمه.
وفي مارس/آذار الماضي رتبت لقاء في البيت الأبيض بين مايك بنس نائب الرئيس و100 من قادة الطوائف والقساوسة ذوي الأصول الإسبانية.
ويضم المؤتمر القومي للقادة المسيحيين من أصل إسباني أكثر من 40 ألف تجمع إنجيلي، مما يعكس الأهمية السياسية للدور الذي تلعبه وايت.
وفي مقابلة أجرتها معها مؤخرا "نيويورك بوست"، قالت وايت إن الرئيس ليس قلقا من محاولة عزله في تحقيقات مجلس النواب، وأكدت أن قاعدته الشعبية تبدو الآن أكثر تحمسا لإعادة انتخابه من أي وقت مضى.