[ مطالب واسعة في برشلونة للانفصال عن اسبانيا ]
تنطلق يوم 27 سبتمبر الجاري الانتخابات التشريعية في إقليم كتالونيا الإسباني المطالب بالانفصال عن الدولة الإسبانية.
يعتبر المحللون والمتتبعون هذه الانتخابات بمثابة استفتاء ضمني بشأن بقاء الإقليم مع إسبانيا أو الانفصال وتأسيس جمهورية مستقلة.
المعطيات الحالية تدفع للاتجاه نحو الاستقلال بقوة، فرفض مدريد للترخيص للدعوة لاستفتاء يقرر فيه الكتالونيين مصيرهم، جعل حكومة الحكم الذاتي تراهن على الانتخابات التشريعية، وقد خول برلمان كتالونيا لحكومة الحكم الذاتي المقبلة إعلان الاستقلال.
وبعيدًا عن التأثيرات الكبيرة المتوقعة على القوميات الأوروبية في حالة إعلان الاستقلال، فما هي أبرز التأثيرات المتوقعة لهذا الاستقلال على إسبانيا؟
الأرض
ستخسر إسبانيا مساحة من الأرض تقدر بحوالي 33 ألف كيلومتر مربع هي مساحة الإقليم الكتالوني.
معنى هذا أن إسبانيا ستخسر 8% من إجمالي مساحتها.
السكان
يبلغ عدد سكان إقليم كتالونيا 7,5 مليون نسمة سيخرجون من حسابات الأيدي العاملة الإسبانية.
هؤلاء الكتالونيين يمثلون 14% من إجمالي سكان البلاد، وهو رقم ليس بالهين.
الاقتصاد
فقدان إسبانيا لكتالونيا سيتسبب في حرمانها من قوة اقتصادية كبيرة ومن مصدر حيوي للضرائب، يظهر الأمر الأخير بوضوح إذا ما علمنا أن كتالونيا هي المقر الرئيسي للعديد من المجموعات والشركات العملاقة والمعاهد الكبيرة.
يبلغ إجمالي الناتج القومي لإقليم كتالونيا 210 مليون يورو. وهو ما يجعل حصة كل مواطن كتالوني حوالي 27 ألف يورو سنويًا، ويعنى هذا أن إسبانيا ستخسر حوالي 19% من إجمالي ناتجها القومي.
إسبانيا ستخسر أيضًا حوالي 26% من صادراتها التي كانت تتم نتيجة مواد مصنعة في إقليم كتالونيا، هذا بالإضافة إلى أن كتالونيا تتحكم في 70% من حركة النقل والمواصلات الخاصة بالتجارة الخارجية لإسبانيا.
في حالة تحول كتالونيا لدولة مستقلة فإن تكلفة نقل البضائع الإسبانية للتصدير سترتفع مما يؤدي لقة الصادرات وضعف الاقتصاد الإسباني الضعيف أساسًا.
كتالونيا تنتج أيضًا 45% من إجمالي المواد التكنولوجية المصدرة مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية.
المشكلة تظهر بقوة أيضًا نتيجة الوقت غير الملائم. فإسبانيا التي تعتبر إحدى أهم ركائز منطقة اليورو، تعاني حاليًا من أزمة اقتصادية كبيرة نتيجة صراعها مع تكاليف الاقتراض التي لا تستطيع تحملها، وارتفاع مستوى العجز العام مما تسبب بغضب شعبي نتيجة التأثيرات السلبية المنعكسة والمتمثلة في ارتفاع نسبة البطالة وتدابير التقشف الصارمة التي أثرت على الخدمات العامة.
العاصمة برشلونة
عاصمة إقليم كتالونيا هي مدينة برشلونة المصنفة كواحدة من أعظم دول العالم.
تجذب هذه المددينة ضعف عدد السياح الذين تجذبهم العاصمة الإسبانية مدريد.
فريق برشلونة
يوم الثلاثاء الماضي أكد رئيس الرابطة الإسبانية لكرة القدم خافيير تيباس أن فريقي برشلونة وإسبانيول لكرة القدم لن يلعبا مجددًا في الدوري الإسباني في حالة التصويت على استقلال إقليم كتالونيا.
رئيس الرابطة صرح قائلًا: “القوانين الحالية في إسبانيا، تمنع مشاركة فرق من دولة أخرى في المسابقات المحلية، باستثناء أندورا”.
وسيحدث هذا الأمر هزة كبيرة في كرة القدم الإسبانية، فغالبية شعبية كرة القدم الإسبانية على الصعيد العالمي سببها كل من فريقي ريال مدريد وبرشلونة، وبالتالي ستخسر كرة القدم الإسبانية الكثير على المستويين المالي والكروي إذا ما رحل عنها فريق برشلونة.
لاحظ أيضًا أن 5 من اللاعبين الـ11 الذين توجوا بلقب كأس العالم 2010م في جنوب إفريقيا والذين شاركوا بالمباراة النهائية كأساسيين كانوا من إقليم كتالونيا.
الباسك
في حالة نجاح إقليم كتالونيا في الاستقلال فإن هذا الأمر سينعكس بمنتهى القوة على سكان إقليم الباسك.
الباسكيون، وهم أكثر تطرفًا من الكتالونيين، سيقومون بالبحث عن كيفية استقلال إقليمهم بشتى السبل.
ولم تنس إسبانيا حتى الآن ما قامت به منظمة إيتا الانفصالية الباسكية من أعمال مسلحة حتى قبلت أخيرًا بالتخلي عن السلاح منذ 3 سنوات.
الباسك أعلنت بالفعل رغبتها في الانفصال عن الأراضي الإسبانية بدءًا من العام القادم.
كتالونيا العظمى
نجاح الكتالونيين في الاستقلال والانفصال عن إسبانيا سيجعل عددًا من دعاة الاستقلال المتشددين في الإقليم ينادون ويطمحون لإعادة كتالونيا العظمى التي كانت قائمة في فترة العصور الوسطى عبر ضم جزر البليار ومنطقة فالنسيا.
عدد من المحللين والسياسيين مثل وزير العدل الإسباني يخشى بشدة من أن استقلال إقليم كتالونيا سيؤدي بالفعل إلى “وضع نهاية للدولة الإسبانية”، لأن استقلال كتالونيا سيكون مثل توالي سقوط قطع الدومينو عند إسقاط القطعة الأولى.
وما الذي ستخسره كتالونيا أيضًا؟
على الجانب الآخر فإن استقلال إقليم كتالونيا سيتسبب في خسائر كبيرة للإقليم على المدى القريب.
فطبقًا لما ذكره محافظ البنك المركزي الإسباني لويس ليندي فإن استقلال الإقليم يعني خروجه من منطقة اليورو وسيفقد الإقليم قدرته على الدخول إلى النظام الائتماني للبنك الأوروبي المركزي.
محافظ البنك حذر أيضًا من إمكانية أن تعاني كتالونيا من أزمة اقتصادية شبيهة بالأزمة الاقتصادية الخاصة باليونان.
على جانب آخر فإن فريق مثل برشلونة سيعاني بشدة على المستوى الاقتصادي والكروي في حال ابتعاده عن الدوري الإسباني لكرة القدم. أبرز الخسائر ستتمثل في عدم قدرته على المشاركة الأوروبية لأن كتالونيا بعد استقلالها مباشرة لن تكون تابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم وذلك بانتظار مفاوضات ستستمر سنوات عديدة.
مستوى الندية الكتالونية ضعيف بشكل واضح مما سيجعل الدوري الكتالوني غير مثير وذي مستوى كروي منخفض مما يبعد الجماهير العالمية عنه نتيجة انخفاض أداء حتى لاعبي فريق برشلونة بسبب انعدام المنافسة.