صبَّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة 12 مايو/أيار 2017، الزيت على نار الخلاف الناشب بينه وبين جيمس كومي المدير المقال لمكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، عندما طلب منه بشكل علني التزام الصمت وعدم التعليق على ملابسات إقالته من منصبه، وإلا سيذيع التسجيلات التي في حوزته.
ومنذ إقالته كومي مساء الثلاثاء، لم يسع ترامب الى تهدئة الأجواء أو طمأنة منتقدي قراره، الذين يتخوفون من سعيه إلى ترهيب مكتب التحقيقات الفدرالي وربما ترهيب القضاء الذي يتبع له هذا المكتب في شكل عام.
وغرد ترامب صباح الجمعة قائلاً "الأفضل لجيمس كومي أن يأمل بعدم وجود تسجيلات لأحاديثنا قبل أن يباشر الإدلاء بتصريحات للصحافة".
وتبدو هذه التغريدة بمثابة تهديد، وذكرت بما كان يقوم به الرئيس ريتشارد نيكسون (1969-1974) الذي كان يسجل محادثاته الهاتفية وتلك التي كان يجريها في المكتب البيضوي من دون معرفة محاوريه، الأمر الذي استخدم ضده خلال فضيحة ووترغيت.
ونقلت وسائل الإعلام الأميركية خلال الأيام الماضية عن مصادر رفضت كشف هويتها في البيت الأبيض وفي إدارة ترامب، وجود حالة من الفوضى وخصوصاً بعدما تغيرت الرواية الرسمية حول سبب إقالة كومي وباتت تبدو وكأن أسبابها شخصية.
ودائماً ما كان الرئيس ترامب يشتكي من هذه التسريبات منذ وصوله إلى البيت الأبيض.
وكانت الإدارة الأميركية بررت في روايتها الرسمية الإقالة بتصرف جيمس كومي خلال المراحل الأخيرة من التحقيقات بشأن الرسائل الإلكترونية لهيلاري كلينتون عام 2016. ويؤخذ على كومي أنه عقد مؤتمراً صحافياً ثم أعلن إعادة تحريك التحقيقات في هذه المسألة قبل أيام من الانتخابات الرئاسية.
ويؤكد البيت الأبيض أن إقالة كومي لا علاقة لها بالتحقيق الذي تقوم به "إف بي آي" حول وجود رابط ما بين أشخاص عملوا في حملة ترامب الانتخابية وروسيا.
-كومي الصامت-
إلا أن ترامب عاد وخلط الأوراق عندما قال في تصريح لشبكة "إن بي سي" الخميس "الواقع إنني عندما قررت قلت +هذه الرواية بين ترامب وروسيا هي رواية مختلقة+".
ولم يخف ترامب غضبه منذ أشهر من إيراد اسمه في هذه التحقيقات، ويكرر القول إنه ليس هناك أي دليل على رابط بين حملته وروسيا، ويتهم وسائل الإعلام بالتركيز على هذه المسألة بدلاً من الكلام عن قراراته الاقتصادية والأمنية.
حتى أن الأمر وصل بترامب إلى حد الطلب من كومي مباشرة خلال اتصالات هاتفية معه بالتأكيد له أن التحقيقات لا تستهدفه شخصياً، الأمر الذي أكده له كومي.
وفي ست تغريدات كتبها صباح الجمعة صب ترامب غضبه على "وسائل الإعلام المزورة التي تعمل هذه الأيام ساعات إضافية".
وأضاف ترامب في تغريداته "إن مسألة الربط بين الروس وحملة ترامب اختلقها الديمقراطيون لتبرير هزيمتهم في الانتخابات".
إلا أن مكتب التحقيقات الفدرالي لا يحقق فقط بهذا الربط بل بشكل أوسع في القرصنة الروسية خلال الحملة.
ولا يبدو أن ثمة شكوكاً حول هذه القرصنة وهذا التدخل الروسي. فقد كرر المسؤولون الستة عن كبرى الأجهزة الاستخباراتية في البلاد، وبينهم اثنان عينهما ترامب، أن روسيا حاولت بالفعل التأثير على الانتخابات الأميركية. وقال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي بالوكالة أندرو ماكيب الخميس إن التحقيق حول تدخل روسيا يرتدي أهمية كبيرة.
ويبدو أن المعسكر الجمهوري لا يزال متماسكاً لجهة رفضه دعوة الديمقراطيين لتعيين نائب عام خاص يحقق بهذه المسألة لضمان استقلال التحقيق.
إلا أن عشرات من المسؤولين الجمهوريين لم يترددوا في انتقاد طريقة ترامب في إدارة هذه الأزمة ودافعوا عن كومي لا بل طالب بعضهم بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في مسألة تدخل روسيا.
أما كومي فلا يزال صامتاً منذ اقالته وطلب منه مجلس الشيوخ المثول أمامه الثلاثاء المقبل لشرح ما حصل. وفي حال وافق فإن الجلسة ستكون مغلقة.