أعادت الحلقة الأولى من برنامج "المقابلة" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى طفولته وشبابه وبداياته السياسية ونجاحاته الاقتصادية، كما تحدث عن الشخصيات التي تأثر بها فكريا ودينيا، وعن تعرضه للسجن نتيجة قراءته أبياتا من الشعر.
وكشف أردوغان أنه بدأ العمل السياسي في سن العشرين، حين عمل في الذراع الشبابية لحزب كان منتسبا له، ثم اختير رئيسا للأذرع الشبابية للمحافظة. وفي عام 1985 اختير رئيسا للحزب في محافظة إسطنبول، ثم ترشح عام 1989 لأول مرة لرئاسة بلدية في إسطنبول، لكن لم يحقق نجاحا في الانتخابات، ثم ترشح لرئاسة بلدية مدينة إسطنبول عام 1994 وفاز بها.
يقول الرئيس التركي عن نشأته الأسرية "والدي ووالدتي هما من أباء وأمهات الأناضول، كانا صادقين، لم أنشأ في عائلة غنية، كنا ثلاثة إخوة، نشأنا في مدارس متواضعة على الحالة التي كانت تعيشها بلدنا، أنهيت مدرسة الأئمة والخطباء، ثم بدأت الدراسة في جامعة مرمرة بقسم العلوم الاقتصادية والتجارية".
ويتابع "كنت متواضعا، ولكن كنت طفلا صديقا لكل الأطفال في الحي، وكنت ألعب معهم كل ما يلعبه الأطفال في تلك الفترة، هكذا مرت طفولتي، كنت طفلا محبوبا لدى أطفال الحي".
وعن الفترة التي لعب فيها كرة القدم، قال الرئيس التركي "كان عمري 15 أو 16 عاما، وكان والدي لا يرغب في لعبي الكرة، لذلك كنت ألعب من دون علمه، كان يريد مني أن أهتم بدراستي بدلا من كرة القدم".
لعب أردوغان لسبع سنوات تقريبا، قبل أن يلتحق بفريق مؤسسة النقل التابع للبلدية، وهو فريق من الدرجة الثانية، وكان يعمل موظفا بالمؤسسة ليستطيع تأمين معيشته، لكنه توقف عن اللعب تماما بعد انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980 مباشرة.
الاهتمام بإسطنبول
تساءل مقدم البرنامج علي الظفيري عن سر الاهتمام بمدينة إسطنبول من قبل الرئيس التركي وحتى من قبل حزب العدالة والتنمية الحاكم، فشرح أردوغان "قبل حزب العدالة والتنمية كنت في أحزاب أخرى لها نفس مبادئه، بعضها أُغلق، وكانت لي أنشطة في تلك الأحزاب، وطبعا كان تأسيس حزب العدالة والتنمية بقرار مشترك مع أصدقائنا من ذلك الحزب، وقلنا إن علينا أن نجد حلا مشتركا للتطورات في بلدنا، وقمنا بالخطوة الأولى عام 2001، وبعد 16 شهرا وصل حزبنا إلى الحكم في تركيا، وهو أمر لم يحدث من قبل في السياسة التركية.
ويضيف "كانت فترة رئاستي لمدينة إسطنبول مليئة بالنجاحات، وقدمنا خدمات ناجحة للمدينة، وإلا لما كنا على حصلنا على هذا النجاح في تركيا، لأن إسطنبول هي ملخص تركيا".
شخصيات مؤثرة
وتحدث الرئيس التركي عن الشخصيات التي تأثر بها في حياته، وقال "بدأت حياتي السياسية مع أستاذنا نجم الدين أربكان واستمررت معه إلى نقطة معينة، وبعدها أسسنا حزبا من خلال الانفصال عنه، وفي الجانب الفكري هناك محمد عاكف ونجيب فاضل ويحيى كمال، لكن وراء هذا كله نبينا المحبوب، وسنته بالأخص هي خريطة طريقنا، وكلما عشنا هذا الأمر وتعمقنا فيه ابتعد الإنسان على الأقل عن الأخطاء، وفوق هذا كله هناك كتابنا الكريم، القرآن، وارتباطنا به وصدقنا تجاهه مهم جدا، ولكن لم نتجه في يوم من الأيام إلى التشدد، دائما تبنينا الطريق الوسط، ولهذا خير الأمور أوسطها".
وتابع "وجدنا فرصة للاستفادة من أفكار بديع الزمان سعيد النورسي، وحاولنا تطبيقها داخل حياتنا لأن هناك أمرا في نظرتي، أنظر للحياة كالنحلة التي تبحث عن العسل، نحلة العسل تقوم بجمع كل الأشياء المفيدة من الأزهار، وتقوم بإنتاج العسل المفيد".
الإسلام والعلمانية
محافظ أم إسلامي أم علماني؟ يجيب أردوغان "أنا شخص مسلم، وهذه هي الخطوة الأولى في العمل، ولكن كرجب طيب أردوغان المسلم هناك تحديث دائم طيلة الحياة، كلما قرأت وعشت وجربت الحياة ترون أن الكثير من الأمور تتغير، إن بقيتم أثناء التغيير في المكان نفسه فستخسرون، ومن أجل تطوير هذا عليكم أيضا التطوير وتغيير أنفسكم، نجحنا في هذا، وأثناء نجاحنا طورنا نظرتنا للحياة في ضوء التطورات التي تحدث على الأرض بشكل مختلف وعلى أساس مختلف، وهكذا كان أصلا إنشاء حزب العدالة والتنمية".
ويضيف "جئنا بمفهوم جديد للديمقراطية، وأرينا العالم كيف لمسلم أن يمارس السياسة، فعلى سبيل المثال جئنا بمفهوم جديد للعلمانية، وقلنا إنها ليست بالشكل المفهوم في تركيا الآن، بل هي معيشة كل المجموعات الدينية والفكرية بالطريقة التي يريدونها، والتعبير عن أفكارهم كما يؤمنون بها، وقيام الدولة بتأمين كل المعتقدات، وهكذا خططنا الطريق".
كيف حققتم هذا النجاح في الاقتصاد؟ يجيب أردوغان "قمنا باحتضان كل الشعب وقلنا إنه لن يكون تمييز عنصري ولا ديني بعد الآن. استثمرنا في البنية التحتية والفوقية لشعبنا وتضاعف الدخل القومي منذ 2003 إلى الآن ثلاثة أضعاف. وصلنا لهذه النقطة رغم كل الأمور السلبية، وطبعا لاقى هذا الامر قبولا عند الناس، والسبب هو الاستقرار والأمان، اللذان يخلقان النمو المؤكد، ونجحنا في هذا الأمر، ولهذا صارت تركيا مكانا للاستثمار من قبل رأس المال العالمي".