[ جندي بالانتقالي يحرس نقطة تفتيش في عدن 2 أكتوبر 2021 (رويترز / فواز سلمان) ]
حذر معهد أمريكي من مخاطر تصعيد ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، جنوب اليمن والذي يسعى إلى انفصال جنوب اليمن عن شماله، والعودة إلى ما قبل 22 مايو 1990.
وقال معهد "دول الخليج العربي في واشنطن" في تقرير أعده الباحث "جريجوري جونسن" وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن "تنامي الصراع في جنوب اليمن يهدد بالتحول إلى صراع مفتوح مشابه للحرب الأوسع في بعده الإقليمي والمحلي، بالرغم من اقتراب المملكة العربية السعودية والحوثيين من إبرام اتفاق سلام في شمال اليمن".
يضيف التقرير "على مستوى الإقليم، تحرص السعودية على الخروج من اليمن ولكن فقط في حال تمكنت من ضمان نتائج معينة. فعندما دخلت المملكة الحرب في مارس 2015، كان الهدف المُعلن هو إخراج الحوثيين من صنعاء وإعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة. ولكن مع مرور الوقت، وإثبات الجيش السعودي أنه أقل قدرة مما كان متوقعا، تطورت تلك الأهداف. لقد رحل هادي، وطردته السعودية والإمارات في أبريل 2022، ويبدو أن المملكة الآن مستعدة لقبول حكم الحوثيين في شمال اليمن".
وتابع "ما لا ترغب السعودية في قبوله هو جنوب كامل يسيطر عليه المجلس الانتقالي الجنوبي، الأمر الذي من شأنه أن يترك عددا من حلفائها في العراء. وعوضا عن ذلك، تصر المملكة على أن مجلس القيادة الرئاسي، وهو تجمع غريب يشمل ثمانية أشخاص ضمن الخصوم السياسيين تم تشكيله في أعقاب استقالة هادي، يحكم الجنوب بشكل مشترك".
وأردف المعهد في تقريره "من غير المستغرب أن الإمارات، الشريك السابق للمملكة على الرغم من تزايد منافستها في اليمن، تتخذ وجهة نظر مختلفة. حيث تدعم الأولى بقوة المجلس الانتقالي الجنوبي وتعارض بشدة حزب الإصلاح الذي يشغل مقعدا في مجلس القيادة الرئاسي، والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين التي تعتبرها الإمارات منظمة إرهابية".
واستدرك "لقد جرى تصميم مجلس القيادة الرئاسي للتغطية على التصدعات التي ظهرت في التحالف المناهض للحوثيين، حيث اختارت كل من السعودية والإمارات أربعة أعضاء. ودعمت المملكة في المقام الأول المرشحين الشماليين: رشاد العليمي، وزير الداخلية السابق الذي تم تعيينه رئيسا للمجلس، وكذلك سلطان العرادة، محافظ مأرب، عبدالله العليمي (لا علاقة له برشاد) عضو حزب الإصلاح، وعثمان مجلي عضو البرلمان اليمني عن محافظة صعدة.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الإمارات دعمت ثلاثة مرشحين جنوبيين وواحد شمالي مقره الجنوب: عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وفرج البحسني محافظ حضرموت آنذاك، وعبد الرحمن أبو زراع المحرمي، قائد كتائب العمالقة المدعومة إماراتيا، إلى جانب طارق صالح، ابن شقيق الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
بالنظر إلى الأهداف السياسية المختلفة للمجموعات الممثلة، يقول المعهد إن "مجلس القيادة الرئاسي فشل في تقديم جبهة موحدة ضد الحوثيين، وعوضا عن ذلك، انقسم المجلس وتصدع، حيث تناور كل مجموعة لتعظيم وضعها".
وعن الانتقالي يشير إلى أنه يدعو إلى دولة جنوبية مستقلة، وهذا الذي يتعارض مع الأهداف المعلنة لمجلس القيادة الرئاسي. عبد الله العليمي من الإصلاح، ورشاد العليمي، وصالح جميعهم يتشدقون بفكرة الدولة اليمنية الموحدة، لكنهم جميعا يعملون لضمان أن مجموعتهم- المعارضة للاستقلال في الجنوب- تكون في المقدمة، حد قوله.
واستطرد التقرير "على خلفية ذلك، اتخذ الزبيدي خطوته في أوائل مايو. ففي نهاية مؤتمر استمر أربعة أيام في عدن، أعلن الزبيدي إعادة تشكيل قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي. الزبيدي، بالطبع، سيبقى رئيسا، ولكن عوضا عن نائب واحد، كما هو الحال سابقا، قام بتعيين ثلاثة نواب للرئيس: البحسني، المحرمي، واللواء أحمد سعيد بن بريك".
"البحسني والمحرمي، بالطبع، عضوان كذلك في مجلس القيادة الرئاسي، مما يعني أن المجلس الانتقالي الجنوبي يشمل الآن عددا كبيرا من أعضاء المجلس الرئاسي. وهذا يعني كذلك أن الحلفاء الجنوبيين الثلاثة للإمارات هم الآن، بشكل ظاهري على الأقل، في نفس الجانب. وقد رحب عبدالخالق عبدالله، المعلق الإماراتي البارز والمستشار الحكومي، بالخطوات، قائلا إنها أرست الأساس لدولة جنوبية مستقلة، يقول المعهد.
ولفت التقرير إلى أن شيئين آخرين يبرزان. أولهما اختيار الزبيدي للبحسني كأحد نوابه يعطي المجلس الانتقالي الجنوبي حليفا مهما في حضرموت، وهي محافظة جنوبية رئيسية بها حقول النفط والغاز، والتي سيحتاجها المجلس في حال كان يريد تحقيق حلمه بدولة جنوبية مستقلة. والآخر أن ضم المحرمي، قائد لواء العمالقة، يدعم الجناح العسكري للمجلس الانتقالي، والذي من المرجح أيضا أن يلعب دورا هاما في مساعي المجلس من أجل الاستقلال.
وبحسب التقرير فإن الزبيدي يواصل حشد الدعم في حضرموت، ووضع أسس الاستقلال، من خلال تسمية صالح القعيطي، نجل آخر سلاطين القعيطي في حضرموت، مستشارا وممثلا خاصا للشؤون الخارجية. وفي أعقاب ذلك الإعلان، أواخر مايو، أعلن والد صالح القعيطي، غالب القعيطي، عن "دعمه للمجلس الانتقالي الجنوبي".
وبشأن الموقف السعودي يؤكد المعهد أن المملكة التي تتاخم حضرموت وتدرك أهمية تحركات الزبيدي، تراجعت من خلال إنشاء المجلس الوطني في حضرموت في أواخر يونيو.
يواصل المعهد تقريره بالقول "لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو إنشاء السعودية لقوات درع الوطن. والقوات التي أعلن عنها أواخر يناير، تتبع مباشرة لرشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي. وعلى الرغم من أن هذه القوات تهدف إلى مواجهة الحوثيين، إلا أنها قد تجد نفسها في نهاية المطاف في صراع مع المجلس الانتقالي الجنوبي، لا سيما إذا استمر الزبيدي في تقويض رشاد العليمي ومجلس القيادة الرئاسي في مساعيه صوب الاستقلال.
وقال "لقد كان الزبيدي واضحا منذ الوهلة الأولى لتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017 أنه لن يقبل بأقل من دولة جنوبية مستقلة. ولسنوات، ونظرا للقتال ضد الحوثيين، بدا هذا الهدف مستحيلا. ولكن الآن بعد أن اقتربت الحرب ضد الحوثيين من نهايتها، يقوم الزبيدي بترتيب رقعة الشطرنج وصنع الحلفاء".
وختم معهد "دول الخليج العربي في واشنطن" تقريره بالقول "لن يكون الأمر بتلك السهولة، ومن المحتمل أن ينطوي على قتال مع زملائه في مجلس القيادة الرئاسي، ولكن للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين ونصف، أصبح استقلال الجنوب أكثر من مجرد حلم".
يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا
ترجمة خاصة بالموقع بوست