أظهر الحوثيون احترامًا ضئيلًا للدعوات العالمية لإنهاء الأعمال العدائية واستخدموا الهدنة التي استمرت ستة أشهر لتقوية نفسها. يمكن أن تتحول الحرب في اليمن من سيء إلى أسوأ.

لكن حان الوقت لمواجهة الحقائق - لن يعود الحوثيون إلى طاولة المفاوضات في أي وقت قريب. وحتى لو فعلوا ذلك ، فلن تكون هذه الخطوة نحو السلام المستدام الذي يحتاجه اليمن بشدة.

لا يمكن إنكار أن الهدنة التي استمرت ستة أشهر كان لها العديد من الآثار الإيجابية على الوضع في اليمن. على سبيل المثال لا الحصر ، كان هناك انخفاض حاد في عدد الضحايا المدنيين ، وزيادة المساعدات المقدمة للسكان الأكثر ضعفًا في اليمن ، وربطت الرحلات الجوية المقيدة سابقًا العديد من اليمنيين بالرعاية الطبية العاجلة في الخارج.

لكن الحوثيين بدأوا بالفعل في التراجع عن ذلك ومعظم التقدم الآخر بسلسلة من الهجمات المدمرة على المدنيين. في إحدى الحالات المقلقة بشكل خاص ، استهدف الحوثيون مخيمًا للنازحين داخليًا في محافظة مأرب الغنية بالنفط بطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية - مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص ، من بينهم طفلان.

حتى الأمم المتحدة ، التي تواصل الدعوة إلى إحياء الهدنة ، أقرت بأن الحوثيين مسؤولون عن مجموعة من جرائم الحرب في وقت قصير منذ انتهاء الهدنة.

والأسوأ من ذلك أن الحوثيين استخدموا الهدنة لتقوية أنفسهم استعدادًا لاستئناف القتال مع الحكومة اليمنية. استفاد المتمردون من الهدوء في القتال وضربات التحالف بقيادة السعودية لإعادة تجميع صفوفهم وتحصين مواقعهم على جبهات مختلفة - بما في ذلك في مأرب ، حيث أرسلوا تعزيزات من الرجال والمركبات المدرعة.

لكن الحوثيين خرجوا أيضًا من الهدنة بعد تعزيزها دبلوماسيًا. في الأشهر الستة التي كان فيها وقف إطلاق النار ساري المفعول ، قدم التحالف الذي تقوده السعودية تنازلات كبيرة مثل فتح مطار صنعاء الدولي ، والسماح باستيراد وقود إضافي والاعتراف بجوازات السفر الصادرة عن الحوثيين.

يتعين على الأطراف الدولية التي تواصل دعوة الحوثيين للانضمام إلى وقف إطلاق النار ، مثل الأمم المتحدة والولايات المتحدة ، الاعتراف بأن مناشداتهم لا تلقى آذاناً صاغية. لم يوافق الحوثيون على الهدنة إلا لأنهم اعتبروها فرصة استراتيجية لانتزاع التنازلات واستعادة القوة. الآن وقد أعيد تنشيطهم ، لا يرون أي حاجة للانضمام إليه عندما يقدم لهم هجوم عسكري المزيد - بشروط دبلوماسية أقل.

أظهر الحوثيون القليل من الاهتمام بالمشاركة في الجهود الدبلوماسية لتجديد الهدنة. وفي غضون ذلك ، أوضحوا فعليًا نواياهم من خلال إطلاق استراتيجية من ثلاث مراحل لتصعيد العمليات العسكرية في اليمن - وفي الخارج.

تنص الخطة على أن المجموعة ستستهدف البنية التحتية للطاقة داخل اليمن قبل ضرب البنية التحتية السعودية والإماراتية الحيوية ، وفي النهاية مهاجمة الشحن الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ومن الواضح أن الحوثيين بدأوا بالفعل في تنفيذ خطتهم. هاجم المتمردون منشآت تصدير النفط في ميناء النشيمة في 18 و 19 أكتوبر / تشرين الأول ، وميناء الضبعة في 22 أكتوبر / تشرين الأول و 21 نوفمبر / تشرين الثاني ، وميناء قنا في 9 نوفمبر / تشرين الثاني.

علاوة على ذلك ، يبدو أن الجماعة المدعومة من إيران تتقدم نحو المرحلة الثانية من خطتها - الهجمات عبر الحدود على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. حتى قبل الإعلان عن مخططها لمزيد من الصراع ، جدد التنظيم التهديدات ضد كلا البلدين ويبدو الآن أنه يستعد لشن هجمات.

كشفت البحرية الأمريكية وخفر السواحل في 14 تشرين الثاني / نوفمبر عن اعتراضهم لقارب صيد غير معلوم كان ينقل 180 طناً من المواد المتفجرة - بما في ذلك بيركلورات الأمونيوم المستخدمة في صنع وقود للصواريخ الباليستية - من إيران إلى الحوثيين. يمكن للحوثيين بلا شك الوصول إلى متفجرات أخرى ، لكن الشحنة الكبيرة تشير إلى أنهم يخططون لاستئناف الهجمات عبر الحدود قريبًا.

لكن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الحوثيين يخططون للمرحلة الأخيرة من مخططهم - الهجمات على الشحن الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب ، وكلاهما من الروابط الاستراتيجية الحيوية في التجارة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي. في 19 نوفمبر / تشرين الثاني ، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين باختبار صاروخ مضاد للسفن ، والذي ، إذا كان صحيحًا ، سيشكل تهديدًا كبيرًا لكل من السفن العسكرية والمدنية في المنطقة - حتى سقط الصاروخ في البحر الأحمر.

في عام 2018 ، اضطرت المملكة العربية السعودية إلى تعليق شحنات النفط عبر مضيق باب المندب بعد أن هاجم الحوثيون ناقلتي نفط. إذا تمكن الحوثيون من تعطيل العمليات في هذه الممرات المائية الحيوية مرة أخرى ، فستضطر شركات الشحن التي تسافر من الخليج إلى أوروبا وشمال إفريقيا إلى السفر حول الطرف الجنوبي من إفريقيا ، وهو تعديل من شأنه أن يضيف إلى تكاليف الشحن والوقود ويعطل الإمداد في وقت قصير. الوقت الذي يكون فيه سوق الطاقة متقلبًا بالفعل.

على مدى السنوات الثماني الماضية ، كانت الحرب في اليمن على رأس قائمة الأولويات العالمية. ربما الآن بعد أن يهدد الحوثيون بشن هجمات على عمليات الشحن العالمية التي قد تتسبب في ارتفاع أسعار النفط في جميع أنحاء العالم ، سيتخذ المجتمع الدولي الإجراءات اللازمة لإنهاء الحرب قبل هجوم الحوثيين الشنيع التالي.

*يمكن الرجوع للمادة الأصل :هنا

*ترجمة خاصة بالموقع بوست