وصف مشرعون أمريكيون دور واشنطن تجاه الرياض وأبوظبي في اليمن بالفشل غير المقبول والمدنيين أكثر ضحايا الحرب.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أعدته الباحثة كاتي إدموندسون" وترجمه للعربية "الموقع بوست" فإن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، الأربعاء، حثوا إدارة بايدن على بذل المزيد من الجهد لضمان أن الدعم العسكري الأمريكي للسعودية والإمارات لا يسهم في إلحاق الضرر بالمدنيين في اليمن، بعد تقرير رقابي داخلي قال إن الولايات المتحدة أخفقت في تقييم مدى ارتباط مساعداتها بمثل هؤلاء الضحايا.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد افادت في وقت سابق أن البنتاغون أشرف على 54.6 مليار دولار من المساعدات العسكرية للسعودية والإمارات من 2015 إلى 2021، فشل كبار المسؤولين الأمنيين في جمع بيانات كافية و أدلة على الضحايا المدنيين أو مراقبة استخدام الأسلحة الأمريكية الصنع.
ووجه المشروعون في رسالتي إلى وزارة الخارجية والبنتاغون، وصفت السناتور إليزابيث وارين، ديموقراطية من ولاية ماساتشوستس، وبيرني ساندرز، المستقل عن ولاية فيرمونت، ومايك لي، جمهوري من ولاية يوتا، تقاعس الإدارة عن تحديد المدى الذي أدى إليه الدعم العسكري الأمريكي لإلحاق الأذى بالمدنيين في اليمن "فشل غير مقبول".
وكتب أعضاء مجلس الشيوخ: "نحثكم على مراجعة ما إذا كانت الحكومتان السعودية والإماراتية تتخذان الاحتياطات اللازمة أم لا لمنع إلحاق الأذى بالمدنيين في اليمن"، وأضاف "إذا تبين أن أي منهما ينتهك، فإننا نحث الدولة على وقف جميع مبيعات الأسلحة إلى أي من البلدين حتى تتمكن من التحقق من أنها تتخذ خطوات لحماية المدنيين".
وافادوا بأن الخسائر في صفوف المدنيين شيئًا من السمة المميزة للحرب في اليمن. فمنذ ما يقرب من عقد من الزمان، شن التحالف الذي تقوده السعودية والذي يقاتل المتمردين الحوثيين من أجل السيطرة على اليمن ضربات مميتة باستخدام طائرات مقاتلة وذخائر أمريكية الصنع مزودة بموافقة الحكومة الأمريكية.
وذكرت أنه في الأيام الأولى للحرب، أسقطت طائرات سعودية قنابل أمريكية الصنع على جنازة في العاصمة اليمنية، مما أسفر عن مقتل أكثر من 140 شخصًا، وقتلت حافلة مدرسية يمنية 44 فتى في رحلة ميدانية. كما قُتل أكثر من 150 ألف شخص في الحرب، بما في ذلك ما يقرب من 15 ألف مدني، وفقًا لتقدير موقع الصراع المسلح ومشروع بيانات الأحداث.
وأشارت إلى أنه في 21 يناير/ كانون الثاني، تسببت غارة جوية على سجن يديره الحوثيون في مقتل 70 شخصًا على الأقل وإصابة العشرات، وفقًا لمسؤولين حوثيين وجماعات إغاثة دولية. لكن الوفيات انخفضت منذ أن وافقت الجماعات المتحاربة في أبريل نيسان على هدنة مبدئية ساعدت الأمم المتحدة في التفاوض بشأنها، وتم تمديد الهدنة لمدة شهرين في أوائل أغسطس. وقال المسؤولون الأمريكيون إن زيارة بايدن الأخيرة للسعودية كانت تهدف جزئيًا إلى محاولة إنهاء الحرب بشكل دائم.
كما وجد التقرير الداخلي أن البنتاغون كشف أنه لا يتتبع كيف استخدمت الدول ما لا يقل عن 319 مليون دولار في الدعم اللوجستي للسعوديين والإماراتيين، "مما يعني أن الضرر المدني يمكن أن يكون نتيجة مباشرة للمساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة دون علمنا".
وقال اللفتنانت كولونيل روب لودويك، المتحدث باسم البنتاغون، في بيان إن وزارة الدفاع "لا تزال تشعر بقلق عميق إزاء جميع التقارير المتعلقة بسقوط ضحايا مدنيين، بما في ذلك الضحايا في اليمن، وستتخذ جميع الإجراءات المتاحة لتجنب مثل هذه المآسي".
وأضاف أن البنتاغون "أنهى منذ فترة طويلة كل الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية الهجومية في اليمن من قبل التحالف الذي تقوده السعودية" وأن المسؤولين الأمريكيين "يؤكدون باستمرار على ضرورة الالتزام بقانون النزاعات المسلحة ومنع الإضرار بالمدنيين". ولم يرد متحدث باسم وزارة الخارجية على الفور على طلب للتعليق.
وفي فبراير 2021، أعلن بايدن أن الولايات المتحدة ستنهي دعمها للعمليات الهجومية التي تقودها السعودية في اليمن. ومع ذلك، قال إن الولايات المتحدة ستواصل تقديم المساعدة "الدفاعية" لليمن، دون أن يوضح كيف ستضمن إدارته أن السعوديين لم يستخدموا ذلك في العمليات الهجومية. لطالما قال المسؤولون السعوديون إن أفعالهم هي للدفاع ضد العدوان الحوثي والإيراني.
وتواصل الولايات المتحدة بيع الأسلحة إلى السعودية والمساعدة في الحفاظ على الطائرات المقاتلة الأمريكية الصنع وغيرها من المعدات العسكرية.
واشتد غضب الحزبين بشأن الذخائر التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات التي توفرها الولايات المتحدة للسعودية في الكابيتول هيل خلال إدارة ترامب، بعد مقتل جمال خاشقجي، كاتب العمود في واشنطن بوست عام 2018. وخلص مسؤولو المخابرات الأمريكية إلى أنه قُتل على يد فريق سعودي بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتحرك المشرعون في كلا الحزبين لمنع مبيعات الأسلحة، على الرغم من أن الرئيس دونالد ترامب تحايل على الكونغرس ومضى معهم على أي حال.
لكن غضب الحزبين تضاءل مع مرور الوقت، خاصة بعد أن تولى بايدن منصبه وتعهد بإنهاء الدعم الأمريكي للحرب التي تقودها السعودية في اليمن، بما في ذلك بعض مبيعات الأسلحة.
وأشارت الرسالة يوم الأربعاء إلى أن المخاوف بشأن الكابيتول هيل عادت إلى الظهور، حيث يسعى بايدن إلى إعادة بناء العلاقات مع المملكة والأمير محمد بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، مما أثر على أسعار النفط، ووسط مخاوف متزايدة بشأن برنامج إيران النووي.
وتصاعدت المخاوف بشأن الكيفية التي تحاول بها الحكومة الأمريكية تقليل الخسائر في صفوف المدنيين في الكونجرس وسط أدلة متزايدة على تكرار الحلقات في إدارات متعددة قتل فيها مارة مدنيون خلال غارات بطائرات بدون طيار.
وأوضحت أن التحقيقات المنفصلة التي اعتمدت على التقييمات السرية للجيش لأكثر من 1300 تقرير عن الخسائر المدنية التي حصلت عليها التايمز، أظرت أن الحملة الجوية ضد الدولة الإسلامية تميزت باستخبارات معيبة، وتحيز للتأكيد، ومساءلة ضئيلة.
وقالت وارن: "لا ينبغي للولايات المتحدة أن تساهم بأي شكل من الأشكال في معاناة ملايين اليمنيين الأبرياء الذين وقعوا في فخ الحرب المدمرة التي تقودها السعودية". وأضافت "على حكومة الولايات المتحدة التزام أخلاقي وقانوني بضمان ألا تؤدي أفعالها إلى تفاقم أزمة إنسانية حادة، وهناك دعم قوي من الحزبين لإجراء تحقيقات شاملة في تواطؤ الولايات المتحدة المحتمل في إلحاق الضرر بالمدنيين في اليمن".