[ طفل في أحد مراكز التأهيل بمحافظة مأرب ]
كشف تحقيق صحفي لوكالة الأسوشيتدبرس الأمريكية عن تجنيد جماعة الحوثي 18 ألف طفل للقتال في صفوفها منذ العام 2014م وفق ما اعترف به مسؤول في الجماعة للوكالة.
وتعلق الوكالة في تحقيقها الذي ترجم أبرز ما فيه الموقع بوست بالقول إن هذا الرقم أعلى بكثير من أي رقم تم الإبلاغ عنه مسبقا، حيث كشفت الأمم المتحدة أنها تحققت من تجنيد 2721 طفلا من جميع أطراف الصراع في اليمن.
ونقلت الوكالة عن أطفال مجندين قابلتهم في محافظة مأرب أن بعضهم انضم للحوثيين برغية منهم بسبب الوعود بالمال أو الفرصة لحمل السلاح، لكن آخرين وصفوا بأنهم مجبرون على خدمة الحوثيين، وتعرضوا للاختطاف من المدارس أو المنازل وأكرهوا على الانضمام للقتال في صفوف الحوثيين في مقابل إطلاق سراح أحد أفراد العائلة من معتقل الحوثيين.
وقال أحد الأطفال ويدعى رياض (13 عاما) للوكالة إن نصف المقاتلين الذين خدم معهم في الخطوط الأمامية بمنطقة صرواح الجبلية كانوا من الأطفال، وقال إن ضباط الحوثيين أمروهم بالمضي قدما خلال المعارك، حتى مع اشتداد قصف طائرات التحالف في سماء المنطقة.
معلم سابق من مدينة ذمار كشف للوكالة بأن ما لا يقل عن 14 تلميذا من مدرسته تم تجنيدهم ثم ماتوا في المعركة، ووضعت صورهم على مقاعد الصفوف الفارغة في العام 2016 خلال ما يعرف بأسبوع الشهيد، الذي يحتفل به الحوثيون كل عام في فبراير، وأكد أن معظمهم من طلاب الصف الخامس والسادس.
ونشرت الوكالة تقديرات لخبراء عسكريين أن التحالف العربي لديه ما يقرب من 140 ألف جندي في الميدان، بينما أخبر مسؤول عسكري حوثي الوكالة أن قواتهم لديها 60 ألف مقاتل على الخطوط الأمامية، بينما يقدر الخبراء الخارجيون قوة قوات الحوثيين ما بين 15،000 و 50،000، وفق الوكالة.
ونفى المتحدث باسم قوات الحوثيين العميد يحي سريع وجود سياسة أو توجه لدى الحوثيين في تجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، وقال بأن الكثير منهم يتقدمون بشكل طوعي للقتال معهم بشكل شخصي، بدافع الرغبة في الانتقام من التحالف، أفضل من أن يقتلوا داخل منازلهم من قبل التحالف، مشيرا إلى أن قادة الحوثيين أعادوا كثير من الأطفال صغار السن إلى بيوتهم ومنعوهم من القتال بسبب صغر سنهم.
واعتبر سريع شهادات الأطفال الذين كشفوا دور الحوثيين في تجنيدهم ادعاءات ودعاية من التحالف العربي.
ونشرت الوكالة في تحقيقها الذي أعدته مراسلتها ميجي ميكائيل شهادات لـ18 من الأطفال المجندين السابقين في مخيمات النازحين ومركز تابع للتحالف في مدينة مأرب كشفوا فيها عن تعرضهم لأعمال وحشية من قبل الحوثيين، إضافة لتعرض عوائل بعضهم للقتل من قبل الحوثيين، وإرغامهم على المشاركة في القتال بشكل قسري معهم.
وكشف المجندون السابقون من الأطفال بأن قيادات الحوثيين ضللت عوائلهم، وأكدت لهم أن الأطفال لن يذهبوا لجبهات القتال، بل سيعملون في نقاط التفتيش بالطرق، لكن بمجرد خروج هؤلاء الأطفال معهم يقومون بإرسالهم إلى معسكرات تدريب خاصة بهم، يتلقون فيها دورات دينية عبارة عن محاضرات مؤسس الحركة حسين الحوثي، وأخرى للزعيم الحالي للجماعة عبد الملك الحوثي، ثم يرسلونهم إلى الخطوط الأمامية، وفق شهادة طفلين قابلتهم الوكالة، التي كشفت بأن كثير من الأطفال جرى تجنيدهم من خلال أخذهم من ملاعب كرة القدم والمزارع والمدارس.
وعقب ذلك يتم إرسالهم إلى معسكرات التدريب العسكرية في الجبال، وفقًا للعديد من الأطفال الذين انشقوا عن الحوثيين يقوم الحوثيين في فترة الليل بوضعهم في خيام أو أكواخ مصنوعة من أغصان الأشجار، و بعد يوم يتم تعليمهم كيفية إطلاق الأسلحة وزراعة المتفجرات، وتفادي صواريخ ومقذوفات التحالف العربي في المعارك، ثم يجري توزيع سوارات عليهم للبسها، وتتضمن رقما متسلسلا ليتم التعرف على الطفل المجند في حال مقتله ونشر صورته من قبل الحوثيين.
اقرأ أيضا: تحقيق لوكالة أسوشيتدبرس يكشف فظائع ووحشية يمارسها الحوثيون بحق السجناء
وكشف أطفال قصصا مرعبة عن تفاصيل قتالهم مع الحوثيين في مختلف جبهات القتال التي قاتلوا فيها إلى جانب الحوثيين، ويسرد أحد الأطفال موقفا تعرض له في مدينة تعز، حيث يروي أن الحوثيين أسروا مقاتلا تابعا لدى الطرف الآخر، وقام بإخضاعه للاعتراف عن طريق الصدمات الكهربائية من أحد المولدات، بعدها طلب منه المشرف الحوثي بالتخلص منه، ففعل ذلك عن طريق تسخين أداة معدنية في اللهب ووضعها في مؤخرة رأس الرجل حتى توفي.
وقال طفل آخر يبلغ من العمر 13 عاما ويدعى صالح إن عناصر من مليشيا الحوثي اقتحموا منزل عائلته في منطقة بني مطر بمحافظة صنعاء وطالبوه هو ووالده بزيارتهما إلى الخطوط الأمامية، لكن والده رفض، وعرض عليهم أن يذهب هو لوحده على أن يتركوا ولده، لكنهم هددوه بالسلاح، وسحبوه إلى الخارج، ثم أطلقوا الرصاص فانهار والده ميتا.
وقال صالح إن رجال مليشيا الحوثي أخذوه معهم وأجبروه على أداء واجب الحراسة في نقطة تفتيش لمدة 12 ساعة في اليوم.
وتذكر الوكالة في تحقيقها أن الحوثيين أنشؤوا جماعات لاستقطاب المجندين من الأطفال والمراهقين في القرى والبلدات الصغيرة من خلال شخصيات تدين بالولاء لهم، مؤكدة بأن هؤلاء يقومون بتجنيد الأطفال لصالح الحوثيين في المدارس والمزارع، ويسعون لإقناع الأولاد بأن يصبحوا مقاتلين مع الحوثيين.
وتوضح بأن سكان من العاصمة صنعاء أكدوا بأن الحوثيين يقسمون العاصمة إلى كتل أمنية، ويتولى كل مشرف عليها عملية التجنيد وفق نظام الحصص، كما يقوم المشرفون الحوثيون بالذهاب إلى المنازل وإخبار الأباء بأن عليهم تسليم أبنائهم للقتال معهم أو دفع مال مقابل ما يعرف بالمجهود الحربي.
وتنقل عن أباء وأطفال ومربون وإخصائيون اجتماعيون قابلتهم أن الحوثيين يمارسون حملات عدوانية ضد الأطفال وليست دائما طوعية بالكامل، وكشفت بأن المسؤولين الحوثيين يستخدمون السجل المدني وسجلات السكان الأخرى لجمع البيانات التي تسمح لهم بالوصول للمجندين، وتحديد الأسر الأكثر احتياجا في القرى ومعسكرات النازحين الذين يكونوا الأكثر احتمالا لقبول عروض نقدية مقابل التجنيد.
وتشير الوكالة في تحقيقها إلى أن وكالات الإغاثة الدولية العاملة في برامج حماية الطفل داخل المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ممنوعة من مناقشة استخدام الحوثيين للأطفال خشية أن تمنع وكالاتهم من إيصال المساعدات إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثي.
وقال عبد الله الحامدي النائب السابق لوزير التعليم الذي انشق في وقت سابق من هذا العام عن الحوثيين إن الأطفال المستهدفين بالتجنيد من قبل الحوثيين ليسوا أبناء عائلات حوثية هامة أو كبار قادتهم، بل أطفال من قبائل فقيرة يتم استخدامهم كحطب للحريق في هذه الحرب.
*جميع الصور لأطفال في مركز تأهيل بمحافظة مأرب، ونشرتها الوكالة في موقعها الإلكتروني.