وصف علي عبد الله صالح حكمه في اليمن بأنه "يرقص على رؤوس الثعابين"، وقد أفادت وفاته يوم الاثنين، على أيدي المتمردين الحوثيين الذين كانوا حلفاءه قبل أيام قليلة، ليس فقط مخاطر هذا التوازن، ولكن أيضا التحولات السياسية في بلد خربته الحرب الأهلية منذ عام 2015، والأهم من ذلك، ربما، هو أنه يبين مدى صعوبة حل الحرب الأهلية، والقتال بالوكالة بين المملكة العربية السعودية وإيران التي تساعد على تأجيجه في أكثر البلدان فقرا في العالم العربي.
يذكر أن وفاة صالح، بعد ست سنوات من مقتل الزعيم الليبي معمر القذافي وجرحته في شوارع مسقط رأسه في سرت، سترسل إشارة إلى رجال مسلحين حول العالم وخصوصا بشار الأسد.
الأسد هو أكثر سيطرة على سوريا من أي وقت مضى منذ بدء الحرب الأهلية في مارس 2011. ولكن حكمه، على الرغم من الدعم العسكري والدبلوماسي من روسيا وإيران، هشًا.
كل جيران سوريا العرب وتركيا يريدون كل ما ذهب إليه - كما تفعل الولايات المتحدة، وطالما بقى في السلطة، فإن عدم الاستقرار سيظل شبه مؤكدا سمة من سمات السياسة والحياة السورية، لكن مصير صالح والقذافي من قبله هو مثال قوي على ما يخشاه الديكتاتوريون، وليس فقط فقدان قوتهم، بل فقدان حياتهم، وهكذا يمكن للأسد أن يقترب من مناصريه السياسيين من أجل ضمان عدم استجابته لنفس المصير.
بعد صدام حسين، الذي شنق في العراق في عام 2006، والقذافي في 2011، يصبح صالح هو ثالث الديكتاتور العربي السابق الذي يقتل بعد تغيير النظام في المنطقة، كما طرد قادة عرب آخرون مثل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى الرئيس المصري حسني مبارك في الانتفاضات العربية عام 2011، لكنهم نجوا.
عندما تعلق القادة على السلطة في مواجهة الاحتجاجات، كما هو الحال في سوريا والبحرين، أصبحت الحرب الأهلية والاضطرابات السياسية، على التوالي هي القاعدة. ويعتقد أن مصير حسين والقذافي، على وجه الخصوص، يشغلان ديكتاتورا آخر قائما خارج الشرق الأوسط.
لم يمتلك صالح أسلحة الدمار الشامل، ولكن في ما يقرب من أربعة عقود منذ تولى الرئاسة في عام 1978 حينما كان في ذلك الحين يحكم شمال اليمن عزز سلطته وعائلته، وفى نقاط مختلفة تحالف مع السعودية والولايات المتحدة فى حربها ضد الإرهاب وصدام، ولكن مع اندلاع الربيع العربي في المنطقة، أصبح حيازته على السلطة ضعيفة، ونمت الاحتجاجات ضده، وإنه بالكاد نجا من محاولة اغتيال، واتفق في عام 2012 لتسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي.
قد تكون الأمور قد بقيت بهذه الطريقة لو لم يكن للحوثيين، وفي أيلول / سبتمبر 2014، وصلت المجموعة المتحالفة مع إيران إلى صنعاء واستولت على أجزاء من العاصمة اليمنية، وفي فبراير 2015، أعلنوا أنهم حلوا البرلمان وسيطروا على البلاد، وسرعان ما اتخذ جيران اليمن مواقفهم، وقد دعمت السعودية وحلفاؤها العرب حكومة هادي فيما دعمت إيران الحوثيين الذين يعدون إخوتهم الشيعة.
دخل صالح الصراع إلى جانب الحوثيين، ومؤيدوه قاتلوا جنبا إلى جنب مع المتمردين، وقد لجأ هادي، نائب الرئيس الذي شغل منصب الرئيس، إلى المملكة العربية السعودية، وأدى النزاع الذي أعقب ذلك إلى وفاة ما لا يقل عن 000 8 شخص، وتشريد نحو 3 ملايين شخص، وتدمير الهياكل الأساسية للبلد، وتفشي المجاعة والكوليرا.
وظهرت الحرب الأهلية بلا نهاية، وكذلك التحالفات السياسية المتغيرة، وكان صالح قد ظهر يوم السبت على شاشة التلفزيون ليقول إن تحالفه مع الحوثيين انتهى، وإنه مستعد للحوار مع التحالف الذى تقوده السعودية، ورحب السعوديون بالبيان.
ويبدو أن قوات صالح تسيطر على صنعاء، ولكن في القتال الذي أعقب ذلك، قتل أكثر من 100 شخص وجرح 200 آخرين.
قام الحوثيون، الذين اتهموا صالح بتدبير "انقلاب"، بقصف منزله وقتله، والصور التي نشرت في وقت لاحق على وسائل الإعلام الاجتماعية أظهرت أن صالح قتل مع جرح في الرأس، وذكرت وسائل الإعلام الحوثية أن الرئيس اليمني السابق قد مات، كما أفادت قناة العربية، عن وفاة صالح.
مقتل صالح يخفف من احتمال أي حل سياسي للنزاع في اليمن، ومن جهة أخرى، فإن المملكة العربية السعودية وحلفائها من جهة، والحوثيون وإيران، من المرجح أن يزداد ترسخا في مواقفهم.
*نشرت المادة في موقع ذي أتلانتيك، وللعودة إلى رابطها الأصلي يرجى الضغط
هنا
*المادة ترجمة خاصة بالموقع بوست.