تناولت في اكثر من مقاله عن مستقبل هذا المجلس المشكل خارج اليمن منذ الاسبوع الاول لاعلان ما سمى بمجلس الرئاسة وتوقعت عدم التناغم والانسجام بين اعضاء "الاقزام السبعة" ووصفني البعض وقتها بالتشاؤم.
غير مدركين بان يقين السواد الاعظم باحتمال فشل هذه التوليفه والتي تبلورة على ضوء معطيات وواقع منهار سياسيا واقتصاديا وخدميا الى جانب فساد السلطة والارتهان للاقليم عربا كانو او عجم وهو الامر الذي غيب القرار السيادي اليمني وجعل اليمن فريسه لدولتي التحالف والاقليم عموما.
خلال الاسابيع المنصرمة اصدر المجلس الانتقالي تهديد ووعيد بالتصعيد الغير مسبوق من عدن حتى حضرموت ضد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، والعودة إلى ما كان يعرف بـ"الإدارة الذاتية" للمحافظات الجنوبية التي كان قد أعلنها قبل نحو عامين وتراجع عنها بعد نحو بضعة اشهر.
وفي هذا السياق يرى رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، أن هذا الصراع الجاري اليوم، وإن اختلفت أسبابه، إلا أنه لا يعدو عن كونه حلقة من حلقات صراع الأمس الذي خاضته جماعة الانتقالي نيابة عن دولة الإمارات ضد الرئيس هادي ورئيس الحكومة السابق أحمد بن دغر، والميسري (وزير الداخلية السابق) والجبواني (وزير النقل السابق) وابن عديو (عمدة محافظة شبوة) ومحروس (عمدة أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي)، وغيرهم من العلامات المتبقية من مؤسسات الدولة.
ويضيف رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية : إن "تركيبة جماعة الانتقالي وأهدافها غير المعلنة، هي أن تبقى محافظات الجنوب دون مؤسسات دولة، حتى تأتي اللحظة التي تستطيع هذه الجماعة امتلاك حق تمثيل أبنائها، والانفراد بذلك التمثيل بعد ذلك".
مضيفا ايضا أن مشروع جماعة الانتقالي هو "نشر الفوضى في محافظات الجنوب، وما يحصل في عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى، خير دليل على صحة هذا التوجه"، مؤكدا أن غياب المشروع الوطني عند المجلس الانتقالي وبعض الجماعات التي فرضتها مشاورات الرياض كنواة لصنع أرضية للحل القادم في اليمن، جعلها "تقع فريسة لسياسة ردات الفعل، وتحت تأثير رياح صراعات مصالح الإقليم الذي استفاد ويستفيد هو الآخر من عملية الفوضى الممنهجة، التي تعصف بمحافظات الجنوب اليمني".
وقد وصف المراقبين السياسيين بأن الاتفاقية الامنية بين مجلس العليمي والامارات انها وصاية وتدخل مقنن وفي السياق، يرى الخبير الاستراتيجي اليمني في الشؤون العسكرية والأمنية، علي الذهب أن "الاتفاق يُمكن الإمارات من ممارسة وصايتها على القرار اليمني والتدخل في الشؤون اليمنية أمنيا وعسكريا"
وأشار الخبير اليمني الاستراتيجي إلى أن الاتفاقية تمنح الإمارات حق التدخل بطريقة مقننة عبر اتفاق مع دولة معترف بها دوليا (اليمن) لتنفيذ أي مهام عسكرية، حتى وإن لم تقبل بها الحكومة اليمنية، لأنها ستكون في حالة ضعف، مؤكدا أن ذلك التدخل يشمل المجال البري والبحري والجوي لليمن.
وأوضح خبرا في الشأن اليمني أن أبوظبي بهذه الطريقة ستمارس الوصاية بشكل أذكى مما تمارسه السعودية، إذ أن الممارسة الإماراتية تغلف في إطار التعاون العسكري ومكافحة الإرهاب، فيما الرياض حتى الآن، لم تبرم أي اتفاقية على خلفية التعتيم الاعلامي عن مخاطر وتداعيات هذه الاتفاقية التي تشرعن التدخل الفج للامارات اكدت مصادر دبلوماسية ومخابراتية يمنية وخليجيةأن اتفاق الحكومة اليمنية ودولة الإمارات هي "اتفاقية أمنية شاملة" توفر موطئ قدم دائماً للجيش الإماراتي في الأراضي اليمنية، والاحتفاظ طويلاً بقواعدها العسكرية وتهديد دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.من هذا القبيل، ولكن عبر لجان لدعم المجلس الرئاسي.
الإمارات تسعى لفك الارتباط مع السعودية لتلعب منفردة في اليمن!
لقد تأذت اليمن خلال هذه الحرب من دولتي التحالف الكثير لدرجة ان البعض يقارن في ما عمله الحوثي وما يسمى بتحالف دعم الشرعية.
بعد بضعة اشهر من هيكلة قيادة الدولة وازاحة هادي " الذي هو نفسه من سوغ لهذه المرحله بحيث غدى خلفه العليمي وعبر الحكومة الذي نصبته دولتي التحاف غدا يحقق للإمارات هذه الرغبة حتى تلعب بأريحية ودون التزام بكونها طرف في التحالف الذي تقوده السعودية وبالمهمة التي أعلن أنه جاء من أجلها، يعني أنها تريد أن تتحرر من عقدة ارتباط تدخلها العسكري في اليمن بالسعودية، وتلعب منفردة كما يحلو لها وبما يتوافق مع مصالحها غير معنية بمصالح الطرف الذي كان تدخلها بطلب منه وتحت قيادته. أما مصالح اليمن فهي غائبة كلياً إذ أن معركة مواجهة الحوثي لا تعني الإمارات بأي حال من الأحوال ولم تكن تعنيها قبل اليوم، كما أن الإمارات تعتقد أن وجود الحوثي شمال اليمن (على الحدود الجنوبية للمملكة السعودية) لا يمثل خطراً عليها، بل أعلنت أكثر من مرة خروج قواتها من اليمن، ولم تعد مقاتلاتها ومسيراتها خلال الثلاث سنوات الماضية إلا لتنفيذ مهام إسناد مليشيات موالية لها على الأرض بقصف قوات تتبع الشرعية اليمنية كما حصل في واقعتي (العلم، وشبوة) .
ومن المنطق قبل الخوض في تفاصيل وطبيعة هذه الاتفاقية المشبوهة وكذا المزايا التي يمنحها للإمارات، يمكن صياغة السؤال الناحية القانونية :
ما وضع هذه الاتفاقية وفقاً للدستور اليمني الذي يعطل عمداً من قبل الهيئات الحاكمة ومن قبل الهيئات التشريعية المعنية بحماية نصوصه. وأين موقعها من بعض الدستور والتي تنص على "يصادق مجلس النواب على المعاهدات والإتفاقيات السياسية والإقتصادية الدولية ذات الطابع العام أياً كان شكلها أو مستواها خاصة تلك المتعلقة بالدفاع أو التحالف أو الصلح والسلم أو تعديل الحدود أو التي يترتب عليها التزامات مالية على الدولة أو التي يحتاج تنفيذها إلى إصدار قانون".
بينما يرى محللين سياسيين ومراقبين بان ابوظبي تسعى لتفكيك التحالف العربي كقناة لشرعية التدخل الخليجي في اليمن، توقيع اتفاق ثنائي يمني اماراتي في المجال الأمني والعسكري حول مكافحة الارهاب. تستطيع الامارات تعزيز تعاونها ونشاطها في اليمن في المجال الامني والعسكري من دون السعودية وعلى اسس قانونية جديدة.دون اعتبار للطرق الدستورية لهكذا اتفاق هل يخضع الاتفاق وهو اقرار مجلس النواب.
في حين يرى آخرون بأن الاتفاقية الأمنية توفر تفويضاً واسعاً للإمارات للتدخل، إذا تعرّضت استثماراتها ومصالحها في اليمن ومياهها الإقليمية لأي تهديد.
وبداهة فإن الراي العام اليمني لا يعنيه ما يعبث به المجلس المفروض على اليمنيين ولا يهمه موافقة مجلس النواب او رفضه ، لأن الدولة تمر بحالة ضعف، وبطبيعة الحال فهي الآن تملى عليها الإرادات الخارجية، وهذه الإرادات تحقق مصالحها في الجزء الأكبر منها"، موضحا أن "في أصل الاتفاقية هي عبارة عن التقاء إرادتين أو اتفاقهما وفق اتفاق مكتوب بما يلزم كلا منهما بمصالح تجاه الآخر".
لا يمكن لأي دولة في الاقليم أن تحصل على هكذا ميزات بما فيها سلطنة عُمان، امتيازات لوضع قواعد عسكرية والتدخل المباشر مستقبلا .
الخلاصة ان الدولة العميقة بقدر فسادها لاكثر من ثلاثة عقود ومحاولة تدويرها باسناد الاقليم فأن فسادها الحق ضررا بالغا باليمن سابقا ولاحقا ، وفي المقابل دولتي التحالف اللتان تنكلان باليمن لنحو ثمان سنوات لم تكتفي بكل هذا بل وتسعى لتشكيل مستقبل اليمن كما تراه وبما يخدم اجندة دولتي التحالف فهاتين الدولتين تحدد فيما يبقى اليمن موحدا لكن في فلك ممالك النفط مرتهن فاقد للسيادة او مقسما مشرذما ومواليا بصيغ اخرى للاقليم وتحدد من يحكم اليمن وكيف ومتى يكون ذلك وفي نفس الوقت عطلت مجلس النواب الذي اغلب عناصره هي من مخلفات الرئيس الاسبق ومجرد ايقونات لدولتي التحالف.
لكن الاخطر هي التآمر على الشرعية والحرص على عدم الحسم في محاربة الحوثي بحيث منعت تقدم الجيش لا الى عدن ولا الى صنعاء فشجعت على استنساخ انقلاب اخر في عدن ليصبح جيش الانتقالي اقوى تاثيرا على جيش الشرعية في المحافظات الجنوبية .
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية