لم نعد نعتصم لأجلهم ولا ندري ما الذي يحدث لهم ولا اينهم بالضبط.
لا أملك احصائية ، غير أن آلاف هي الاحصائية النسبية لمغيبين تتهادى خطوات أمهاتهم على أرصفة بلاد لم تعد تفتقر للقانون فقط ولكن للنخوة.
كنا بطريقة ما مسئولين عن تأجيج عاطفتهن وتقديم اوهام حقوقية فاقتفوا اثر اناس عادوا من السجون ونسوا ارواحهم هناك .
تصلني بعض من رسائلهن ، واخر أم ارسلت تقول : عيالنا بذمتكم يا صحفيين ،الى من يتحدث أحدنا ومن عليك مراجعته؟
نعرف انهم في سجون التحالف الداخلي بين الحوثيين وصالح ، وان الفتيان الابرياء وقعوا بيد اجهزة امنية لديها الخبرة العتيدة في القهر وحصلت على وضعية اللا دولة ومليشيا جاهزة ومتحمسة للتنفيذ واحتمال التبعات الاخلاقية مثل "عزب الويل " الذي يتفاخر بالتهم .
هذا تم اعتقاله بسبب كلام قاله لصاحبه وآخر بسبب منشور وبعضهم بتهمة لايك ، اما الغالبية فبتهمة الانتماء لحزب الاصلاح .
اذكر بعد خروجي من السجن كيف اشار احد عناصرهم لأنه كان يتوجب أن اتجرع الكأس كاملا ، وهم الان منهمكين في هذه المهمة الى نتذوق قاع الكأس الفولاذي ، وضمن عملية ثأرية مدفوعة بحس عاطفي لا يعرف الاكتفاء ، وليس بدافع الاحتراز من اي عنف مضاعف او حماية ما تبقى من نواة بلد لا ينبغي ان يتداعى كله ، هي أصلا معضلة الدولة التي تخلينا عنها فتركتنا لبعضنا نلوك أمان بعضنا ونبصق أكباد الأمهات على الأرصفة .
الدولة التي عليك الوصول لاتفاق بشأنها اولا ، والا فمن تحمي باختطافك الاف البشر غير ضغائنك ووجودك الذي لن يةن شرعيا يوما بتغييب البشر ، لن تكن دولة يوما الا اذا اعدت الفتيان لامهاتهم واعدت ما استحوذت عليه من دولة المواطنين وحسهم بالامان ، وليس وحدك ولا بقوة القهر ولكن بالتسوية والغفران تهمتنا جميعا هي هذا الانكشاف امام غيلان التاريخ وكمائن الجغرافيا .
بينما لا تهمة محددة لهذا الحشد من الابناء المختطفين سوى انهم اعتقدوا ان الحرية التي صافحوها في الشوارع وعلى اعمدة الصحف لن تتخلى عنهم ، وان بوسعهم قول كل الذي يعتمل في صدر جيل وقف بوجه آلة قمع لم تعد تكترث للسمعة الجيدة ولا للمجتمع الدولي ، عوضا عن فكرة الانتقام من جيل السنوات الاخيرة والانتقام من فكرة الحقوق والحريات والمنظمات ، اذ يعتقدون الان ان خطيئتهم كانت في مراعاة الحقوق والحريات والضغط الدولي ، وانهم لو استخدموا القمع ايامها لما حدث ما حدث ، وهم الان ضمن عملية تعويض عن كل ما سقط منهم وتعويض للذات القمعية عن كل لحظة تصرفوا فيها بإنسانية ومسئولية في وضعية توحش كهذه التي نختبرها الان ، تمسي انسانيتك هي ضعفك ، سواء كنت الجلاد أو الضحية .