[ صورة تجمع القيادي مهدي المشاط ورئيس حكومتهم عبدالعزيز بن حبتور ]
عشية احتفال جماعة الحوثيين بمناسبة المولد النبوي نهاية الشهر الماضي، أعلن زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي اقاله حكومته غير المعترف بها براسه الاكاديمي عبدالعزيز بن حبتور، ضمن عملية تغيير جذرية يرأها سياسيون يمنيون في اطار جهود الجماعة لامتصاص غضب الشارع المطالب بالمرتبات المنقطة منذ سنوات واستعداد لمرحلة جديدة للإقصاء والحرب.
وفي 27 سبتمبر2023، اقالت جماعة الحوثيين حكومتها وحولتها إلى حكومة تصريف اعمال حتى تشكيل حكومة جديدة، في اطار حزمة من الاجراءات للتغيبر الجذري تحدث عنها زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي دون الاشارة إلى تلك التغييرات التي تريد اتخاذها.
استعراض للقوة
ويعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم ان التغيير الجذري المعلن من زعيم الحوثيين، هو نوع من استعراض القوة على الصعيد السياسي، حيث يريد يوجه من إقالة لحكومته رسائل عديدة، منها تحميل حكومة بن حبتور فشل جماعته في القيام بالوظائف الأساسية للدولة وامتصاص غضب الشارع المطالب بالمرتبات، رغم اعتمادهم على المشرفين وأقارب زعيم الحركة الحوثية والمقربين منه أكثر من الحكومة.
كما تعد هذه التغييرات حلقة في سلسة التمكين السياسي والاقتصادي للشخصيات الهاشمية، محل غيرهم من أبناء القبائل، بما في ذلك حزب المؤتمر الشعبي العام، في المقابل ترى الجماعة انها أصبحت قوية مع التقدم بالمفاوضات مع السعودية التي يمكنها فض الشراكة مع حليفها حزب المؤتمر الشعبي العام، وفق "غانم".
ويقول "غانم" لـ"الموقع بوست" إن هذا التغيير ضمن رسالة للخارج لرسوخها في السلطة، وقدرتها على التغيير، فضلا على المزيد من التقارب مع نظام إيران، من خلال محاكاته وتقليده في تركيز السلطة والثروة بيد المرشد الأعلى للثورة، ومنح رئيس الجمهورية والوزراء صلاحيات شكلية محدودة.
جماعة اقصائية
ويقول الباحث اليمني عادل دشيلة إن جماعة الحوثيين هي جماعة عقائدية إقصائية لاتؤمن بالشراكة السياسية ولديها توجه إقصائي واضح لأنها تؤمن بحسب عقيدتها بأن الولاية تجب أن تكون لهم ولهذا كانت في السابق تحاول أن تعلن عن تغيرات كثيرة سوأ في قوانين البلاد النافذة او غيرها، لكنها تراجعت في تنفيذها قليلا عندما تفاجأت بحجم الغليان الشعبي في صنعاء وإب.
واستبعد "دشيلة" قدرت الحوثيين على تثبيت مشروعهم السياسي والعسكري والعقائدي بالطريقة التي يتصورنها لعدم وجود حاضنة شعبية حقيقية لهم، لانهم يستندوا على قوة السلاح، بينما تاريخ الصراعات في افريقيا ومناطق آخرى كانت نهايتهم وخيمة ومدوية لاعتمادهم على مشروع (عقائدي ـ سياسي ـ عسكري).
ويؤكد لـ"الموقع بوست" أن جماعة الحوثي لا تؤمن بالشراكة السياسية ولا يوجد لديها شركاء حقيقيين في الداخل، حتى المؤتمر الشعبي العام هو شريك صوري لا يتحكم بالمؤسسات التي يشارك فيها، بينما تريد الجماعة الاستيلاء على السلطة وتظهر الممثل الوحيد للمناطق الواقعة تحت سيطرتها.
التصعيد العسكري
ويشير إلى أن عملية السلام والهدنة الهشة المستمرة منذ اكثر من عام كشفت عورات جماعة الحوثي التي كانت تتعذر بمواجهة ما تسمية "العدوان"، لكنها الان اصبحت مكشوفة أمام الشعب وتحاول الاستيلاء على كل شي لفرض الأمر الواقع بالقوة العسكرية في حال خرجت الامور عن سيطرتها.
ويؤكد في نفس الوقت أن هذا الاجراء لن ينفع الجماعة رغم وجود لديها فائض من القوة العسكرية، لكنها تفتقر للحاضنة الشعبية والقوة السياسية في صنعاء، حيث لاتزال حتى اللحظة غير قادرة على إتخاذ أي موقف عملي على الأرض نتيجةً للقبضة الحديدية، الأمر الذي سيدفعها للتصعيد عسكريا عندما تجد نفسها غير قادرة على الإنخراط في العملية السياسية الشاملة.
السيطرة على مفاصل الدولة
ويعتقد الأكاديمي والخبير في الشؤون العسكرية علي الذهب أن اقالة الحكومة متعلق بالتحديات التي تواجه الجماعة بمناطق نفوذهم من تراجع مستوى الخدمات، بالإضافة إلى العبور إلى مفاصل الدولة المختلفة كعملية استباقية لأي تسوية سياسية، على حساب تهميش جناح المؤتمر الشعبي العام الموالي لها.
ويقول "الذهب" لـ"الموقع بوست" إن جماعة الحوثي ترى الوقت مناسب لإدماج مقاتليهم في جهاز الدولة، بعدما عادوا من القتال بسبب الهدنة، حيث وجدوا انفسهم خارج أي مصالح تذكر مقارنة بما يحققه من يمسكون بالسلطة والثروة في المدن، مشيرا إلى وجود مطالب في التسوية السياسية بوجوه جديدة لم تكن من خريطة الحرب مباشرة.
ويضيف أن عملية التغيير لم تقتصر على المناصب، لكنهم سيذهبون نحو إحداث تغيير في الأفكار والمعتقدات في الوعي لدى الجميع في مناطق نفوذهم، في نفس الوقت يواجهون امتحانات عنيفة ومضادة من قبل المجتمع الرافض لمثل هذه التغييرات، مؤكدا أنها متعلقة بمنظومة القوانين والهيئات والمؤسسات لتجميد بعض المؤسسات والقوانين والدستور.
ويشير إلى أن هناك نوايا مبيتة لدى الحوثيين من التغيير الجذري الذي تحدث فيها زعيم الجماعة اتجاة الثوابت والمكتسبات الوطنية التي ستكون عرضه لهذا التغيير هو خطير سيقود المجتمع ليس للمواجهة وانما للتفكك.