[ من مشاركة المنتخب اليمني في خليجي25 - وكالات ]
واقع صعب، وخيبات عديدة تجرعتها الرياضة اليمنية خلال السنوات الأخيرة، والتي تعيش أصعب مراحلها في بلدٍ شتته الحرب، ومزقته الظروف المعيشية الصعبة، خاصةً بعد فشلها الأخير في تحقيق أية نقطة ضمن مشاركاتها في خليجي 25، وقبله الكثير من الإخفاقات، نتيجة إهمال الدوري المحلي، وعدم الاكتراث بظروف اللاعبين، إلا قبل المباريات بعدة أيام، إضافة إلى العشوائية التي تطغي على عمل الاتحاد اليمني لكرة القدم.
وتعيش الرياضة في اليمن أوضاعًا مأساوية استثنائية، منذ بداية الحرب الدائرة في البلاد عام 2015، والتي تسبّبت في توقُّف الفعاليات الرياضية، وكافة الأنشطة المتصلة بها.
وتتغير معطيات الرياضة حول العالم، ما بين دول تتقدم في ألعاب، ودول تحرز الذهبيات في ألعاب أخرى، جراء اهتمام تلك الدول بالرياضة، وممارسة أفرادها، أما في اليمن البلد الذي لايكاد يرتبط اسمه إلا بالمعاناة، فكأن ثقافة الفوز، وتحقيق الإنجازات مجرد أحلام في واقع لايبشر إلا بمزيد من المساوئ خاصة فيما يخص كرة القدم.
واقع مؤلم ومعطل
يصف الصحفي والناقد الرياضي مراد أبو الرجال واقع الرياضة في اليمن بالمؤلم والمعطل، وقال بأن هذا القطاع يعد من أكثر القطاعات التي لم يتم الإنتباه إليها من قبل الحكومات المتعاقبة، "لذلك مازلنا نعيش في بدايات حلم بلا واقع رياضي في البلد"، وفق حديثه لـ"الموقع بوست".
وعن آثار الحرب التي لحقت بالقطاع الرياضي يقول أبو الرجال: "للحرب أثر كبير وشامل على الرياضة في اليمن، فأغلب النشاطات الرياضية بما فيها الملاعب توقفت، نتيجة القصف والتدمير، وكذلك الهجرة من قبل اللاعبين والمتابعين للرياضة، والسبب بحثهم كسائر المواطنين عن لقمة العيش .
مدرب نادي الرشيد الكابتن نبيل مكرم قال إن الحرب والدمار والحصار، وما ألت إليه البلاد من مشاكل اقتصادية وسياسية أثرت على مستويات اللاعبين، وعلى نشاطهم وفعاليتهم وتواجدهم بالملاعب، وهذا سبب رئيسي في تدهور مستوى المنتخبات والفرق والأندية الرياضية واللاعبين كأفراد.
ويضيف مكرم في حديثه لـ"الموقع بوست" إن الحرب أثرت تأثير مباشر على الرياضة، وتمثل ذلك في عدم إقامة المسابقات، وتنقل الرياضيين من محافظة إلى محافظة، بسبب النزوح، كما كان لها دور كبير في تدمير البنية التحتية للأندية، وهذا ينعكس سلبا على دور اللاعبين وعلى الأندية والمنتخبات، وعلى المشاركة في المحافل الدورية.
اتحاد دون تأثير
وتعد الرياضة وسيلة من وسائل الأنشطة الرياضية المجتمعية، والتي تحظى بالاهتمام والرعاية، إلا أن هذا بات منعدما في اليمن، في ظل الحرب، وغياب الاهتمام باللاعبين والأندية المحلية، الأمر الذي يجعل اللاعبين في مواقف صعبة، لتلقي نظرة اليأس والانقضاض من قبل الجماهير، ورغم هذا الانكسار يرى مهتمون بالشأن الرياضي أن الاتحاد اليمني لكرة القدم ليس سوى جزء من إجمالي المسببات لانتكاسة كرة القدم اليمنية.
يقول الصحفي عبدالعزيز الفتح إن الركود الحاصل في الكرة اليمنية لا يتحمله الاتحاد العام لكرة القدم فقط، بل أيضا ووزارة الشباب والرياضة، وكذلك رجال المال والأعمال، مشيرا في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن رياضة كرة القدم أصبحت تجارة، محملا القيادات الرياضية في اليمن المستوى الهزيل للوضع الرياضي اليمني، مضيفا بالقول: "اللجنة الأولمبية اليمنية مر عليها أكثر من 30 عام دون تغيير، ولازلت تلك الوجوه فيها، وهناك أعضاء في اللجنة الأولمبية أخذهم الموت ولازلت أماكنهم شاغرة".
ويشير الفتح إلى غياب الدعم من رجال الأعمال للرياضة في اليمن، وإلى ما تعرضت له الرياضة من خسائر، ويستشهد بذلك على ما اقترفته جماعة الحوثي في صنعاء عندما تمكنت من الاستحواذ على إيرادات صندوق النشء والشباب الخاصة بالرياضة والرياضيين، وذهبت لصالح جماعة الحوثي، وتبلغ حوالي 14 مليار ريال سنوياً، وكذلك إيرادات صندوق النشء والشباب بعدن البالغة 800 مليون ريال سنوياً، ويضيف: "ومع ذلك نشاهد نشاطات لصندوق النشء والشباب بعدن بين فترة وفترة، وذلك لا يعفيهم من ما يحدث لرياضة اليمن".
سوء الإدارة والتخطيط
ويتفق الصحفي الرياضي عاطف العميري مع ما قاله الفتح من خلال حديثه لـ "الموقع بوست" ويقول إن الاتحاد اليمني لكرة القدم عامل من جملة عوامل مسببة للركود الحاصل في الرياضة اليمنية، وما ترتب على هذا الركود من تدني مستوى الكرة اليمنية والنتائج المخيبة للآمال في المشاركات الخارجية، وذلك من خلال سوء الإدارة والتخطيط الذي لازم اتحاد كرة القدم الحالي.
ويوضح العميري بالقول إن من صور سوء الإدارة والتخطيط عدم التقدير الصحيح في التعاقد مع المدربين، فنلاحظ أن الاتحاد يقع دائما في تخبطات قبل تعيين مدرب جديد، وهو ما لاحظناه بشكل جلي في الفترة الأخيرة، عندما صرح مسؤولون في اتحاد الكرة أن مدرب المنتخب سيكون السوري فيصل فجر قبل أن يتم التراجع عن ذلك، وتعيين الجزائري عادل عمروش، هذا القرار ربما يعد من أفشل القرارات التي اتخذها اتحاد الكرة، فعمروش مدرب غير مشهور، وسجله غير جيد، ومعروف بمشاكله واستقالته قبل إكمال عقده مع الأندية السابقة التي دربها، ولكن بالرغم من ذلك تم تعيينه، وكانت نتائج هذا التعيين كارثية، فالمنتخب فشل في التأهل لنهائيات كأس آسيا بالرغم من تواجده في مجموعة سهلة نسبيا، وتم إقالة عمروش بعد أشهر من تعيينه.
ويستمر العميري في حديثه قائلا إن من صور سوء الإدارة والتخطيط الذي يمارسه الاتحاد اليمني لكرة القدم كثيرة، والمجال لا يكفي لسردها هنا، وبهذا يكون الاتحاد اليمني عامل رئيسي من عوامل وصول كرة القدم اليمنية لهذا الوضع المزري.
إعادة هيكلة
وبالرغم من أن اليمن عرف كرة القدم قبل أكثر من مائة عام، وكانت السباقة في تأسيس الأندية الرياضية على مستوى الجزيرة العربية من خلال تأسيس نادي التلال بعروس البحر العربي عدن عام 1905، الذي يعد أقدم نادي في شبه الجزيرة العربية، إلا أن فجوة الرياضة في اليمن تتسع بين حين وآخر، وكلما تقدم عامل الزمن تراجعت الرياضة خطوات إلى الوراء، ما يتوجب اتخاذ حلول أكثر فائدة ومعالجة، لتقديم مستوى أفضل.
وفي هذا الصدد يقول الصحفي الرياضي عبد العزيز الفتح لـ"الموقع بوست" إن الاحتياجات ليست للمنتخب الوطني، ولكن للرياضة اليمنية بشكل عام، وكرة القدم بشكل خاص، ولابد أن تتمحور في عدة نقاط من أجل إيجاد رياضة تمثل الجمهورية اليمنية، ومنها كرة القدم، والمعني بذلك هي أندية الجمهورية اليمنية، والجمعية العمومية لتلك الأندية.
ويشير الفتح إلى أن صوت الأحرار من أبناء الشعب وكل محبي الرياضة بما فيهم المهتمين بالشؤون العامة في اليمن، مطالبون بتحييد صندوق النشء والشباب بفرعية صنعاء وعدن، وعدم العبث بايرادات الصندوق لصالح أطراف الصراع، وكذلك إعادة انتخاب اللجنة الأولمبية اليمنية، وتشكيلها من جديد وبناء لجنة أولمبية قادرة على فرض نفسها أمام الاتحادات العامة للألعاب.
وبحسب الفتح أن اتجاه رجال الأعمال والمال في اليمن لدعم الرياضة على مستوى الأندية، وكذلك المنتخبات، فإذا ما وجد دعم القطاع الخاص إلى جانب الدعم الحكومي سنجد رياضة تمثل الجمهورية اليمنية بصورة مشرفة ولائقة.
وفي السياق ذاته يقول الصحفي عاطف العميري أن هناك الكثير والكثير من الاحتياجات والمتطلبات، التي ستعمل على رفع مستوى كرة القدم اليمنية، وجعل منتخباتنا تقدم مستويات تشرف الجمهور اليمني والوطن، ولكن أبرز هذه المتطلبات هي هيكلة الإتحاد اليمني لكرة القدم، والعمل على تعيين كوادر متخصصة خبيرة في مجالها، تقوم بدراسة متأنية لأوضاع كرة القدم في بلادنا، وتحديد الاحتياجات الكفيلة بإحياء كرة القدم في البلاد، كوادر قادرة على الإدارة الصحيحة، واستغلال التفاصيل الصغيرة لصالح كرة القدم، وترقيتها، واكتشاف المواهب واستغلالها بشكل جيد، والعمل على تسويقها محليا وإقليميا.