في إطار منافسات بطولة كأس الخليج العربي، وقبيل مواجهة المنتخب العماني بدقائق، وبعد إصابة الحارس الأساسي محمد أمان، تعرض الحارس الثاني للمنتخب اليمني، سالم الهارش للإصابة أثناء تمارين الإحماء، واضطر المدرب لإشراك الحارس الثالث علي فضل عباس (22 سنة) لحماية عرين أسود سبأ.
الحارس عباس شارك وبشكل كبير في خسارة المنتخب اليمني بثلاثة أهداف مقابل هدفين، بتسجيله هدفًا بالخطأ في مرماه تقدم به المنتخب العماني، وفشله في التعامل مع كرة سهلة من ركلة حرة جاء منها هدف التعادل للأحمر العماني بعد أن كان المنتخب الوطني قد قلب الطاولة وحول تأخره بهدف إلى تقدم بهدفين، عباس وبعد هدف التعديل العماني بدا متأثرًا بشكل كبير، وطلب من المدرب تغييره، وهو ما كان في بداية الشوط الثاني بنزول الحارس غير الجاهز كليًّا محمد أمان.
وكعادة مثل هذه المواقف، خرج الجمهور الرياضي اليمني، وأشعل مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقاته حول الحادثة، وانقسم بين منتقد للحارس يجلده بسوط حروفه وكلماته، وبين مدافع عنه يرى أنّ مثل هذه الأخطاء تحدث في عالم كرة القدم، وساق البعض أمثلةً للاعبي كرة قدم ارتكبوا مثل هذه الأخطاء، دفعتهم إلى البروز وتقديم الأفضل، ولكن هل كل خطأ يدفع صاحبه للبروز وتقديم الأفضل؟ قطعًا لا.
في سياق التقرير الآتي نسرد لكم ثلاثة أمثلة لأخطاء لاعبي كرة قدم، دمرت مسيرة مرتكبيها الكروية.
جوناثان وودجيت.. مدافع فريق أحلام بيريز
جوناثان وودجيت، مدافع إنجليزي، وأحد أبرز مواهب الدفاع في الألفية الأولى من القرن الواحد والعشرين، كان ينظر إليه على أنه سيكون أفضل مدافع في تاريخ إنجلترا، بدأ وودجيت مسيرته مع ليدز يونايتد ثم انتقل إلى نيوكاسل يونايتد، ورغم تعرضه لإصابة حرمته من المشاركة في يورو 2004م، إلا أن ذلك لم يمنع فلورنتينو بيريز من ضمه لفريق الأحلام (لوس جلاكتيكوس) في نفس العام رغم إصابته.
لم يشارك وودجيت في موسمه الأول مع ريال مدريد بسبب الإصابة، وكانت أولى مشاركاته مع الميرينغي في سبتمبر 2005م، ضد أتلتيك بيلباو، مباراة كانت كارثية بكل المقاييس لوودجيت، فقد سجل هدفًا ضد مرماه وطرد من المباراة، وبالرغم من عودة الريال في النتيجة وفوزه بالمباراة، إلا أن الصحافة الإسبانية لم ترحم وودجيت، وكان شغلها الشاغل هو أخطاء المدافع الإنجليزي.
بعد ذلك تكررت إصابات الإنجليزي، ولم يلعب مع الريال أكثر من 9 مباريات، ليعود عام 2007م إلى إنجلترا من بوابة نادي ميدلزبره، ثم لعب بعد ذلك لتوتنهام، وستوك سيتي، قبل أن يعود لميدلزبره عام 2012م وينهي مسيرته هناك عام 2016م.
وودجيت لم يحقق أي إنجاز يذكر، سوى تحقيق كأس الرابطة الإنجليزية مع توتنهام، وهو إنجاز ضئيل جدًا للاعب كان يتوقع له الجميع مسيرة باهرة.
أندريس أسكوبار.. لاعب قتلته كرة القدم
أندريس أسكوبار سالداريغا لاعب كرة قدم كولومبي كان يلعب في مركز المدافع، وقصته غريبة جدًّا، ذلك أن هدفًا ضد مرماه في مباراة كرة قدم، لم يكلفه مسيرته الكروية، بل كلفه حياته.
في مونديال 1994م، وقعت كولومبيا في المجموعة الأولى في المونديال إلى جانب أمريكا -صاحبة الأرض - ورومانيا وسويسرا، وخسرت مباراتها الأولى بطريقة مفاجئة أمام رومانيا بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد، فكان عليها الفوز على أمريكا أو التعادل على أقل تقدير للحفاظ على حظوظها في بلوغ دور الـ16، لكن الأمور لم تمشِ كما يريده الكولومبيون، ففي المباراة الثانية ضد المنتخب الأمريكي، خسر المنتخب الكولومبي بهدفين لهدف، خسارة تحمّل جزءًا منها إسكوبار الذي حوّل عرضية لاعب الوسط الأمريكي جون هاركيس في مرمى بلاده لتتقدم أمريكا بهدف نظيف ومن ثم تفوز بالأخير، ليتكبد رفاق فالديراما خسارتهم الثانية التي أدت إلى إقصائهم، إقصاء تحمله بطبيعة الحال إسكوبار. اللاعب اعتذر للجماهير عما حدث، لكن رد الفعل من عصابات المافيا في بلده كانت مأساوية.
عاد المنتخب الكولومبي إلى بلاده، وبعد 10 أيام كانت المأساة، ففي مدينة ميديلين، أطلق مجموعة من الأشخاص النار على إسكوبار، لتستقرّ 6 رصاصات في جسده، فأردته قتيلًا.
لوريس كاريوس.. من مشروع حارس نجم إلى منبوذ
تدرج الحارس الألماني لوريس كاريوس في الفئات السنية للعديد من الفرق الألمانية قبل أن ينتقل عام 2009م إلى ناشئي مانشستر سيتي وتدرج هناك مع الفئات السنية، لكنه لم يلعب مع الفريق الأول. وفي عام 2011م عاد إلى ألمانيا من خلال نادي ماينز، ولعب لفترة مع الفريق الرديف قبل أن يصعد إلى الفريق الأول عام 2012م ويقدم مستويات رائعة، وتم اختياره موسم 15-2016 ثاني أفضل حارس في الدوري الألماني خلف مانويل نوير، مما دفع ليفربول للتعاقد معه صيف 2016م.
في موسمه الأول في ملعب الآنفيلد، لم يحظَ الحارس الشاب بفرصة للعب الكثير من الوقت، لكن في الموسم التالي، مواطنه يورجن كلوب مدرب الريدز، قرر منحه الثقة لحماية عرين ليفربول وهو ما استغله كاريوس وقدم مستويات رائعة ساهمت بوصول فريقه إلى نهائي دوري أبطال أوروبا 2018م ليواجه ريال مدريد.
على أرضية مجمع أولمبيسكي الوطني الرياضي في العاصمة الأوكرانية كييف، وأمام أكثر من 61 ألف متفرج، حدث ما لم يكن متوقعًا، الحارس الألماني الشاب يهدي اللقب لريال مدريد بعد أداء كارثي، وتسببه بهدفين من أصل ثلاثة أهداف تلقاهما الفريق الإنجليزي، كاريوس أهدى كرة لبنزيما أمام المرمى عندما أخطأ بتمرير الكرة لزميله ليقطعها الفرنسي ويضعها في الشباك. كاريوس عاد لارتكاب خطأ آخر عندما فشل في التعامل مع تسديدة بعيدة من الويلزي جاريث بيل، حولها بيديه إلى داخل الشباك، لتنتهي المباراة بثلاثية مقابل هدف وتتويج ريال مدريد باللقب القاري.
بعد المباراة اعتذر كاريوس عن أخطائه، لكن هذا لم يشفع له أمام الإعلام الإنجليزي وجماهير ليفربول التي وصفته بالفاشل، ووصل الأمر لتهديده وعائلته بالقتل، وتحولت هذا المباراة إلى كابوس يلاحقه أينما ذهب.
إدارة ليفربول قررت بعد ذلك التعاقد مع حارس كبير، ووقع اختيارهم على البرازيلي أليسون بيكر حارس روما الإيطالي، ليرحل بعدها كاريوس إلى بيشكتاش التركي لموسمين على سبيل الإعارة، وهناك أيضًا تواصل الأداء الكارثي وتراجع المستوى، وقبل فترة قليلة من انتهاء عقده، فسخ عقده مع الفريق التركي ليعود إلى ليفربول الذي أعاره مرة أخرى إلى يونيون برلين الألماني، قبل أن ينتقل الصيف الماضي إلى نيوكاسل في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده مع ليفربول.
وهكذا تدمرت مسيرة حارس كان أداؤه يبشر بولادة أسطورة جديدة في مركز حراسة المرمى، ولكنه أصبح منبوذًا ترفضه الفرق بسبب مباراة واحدة. وعلى الرغم من اختلاف حجم الفريق، ومستوى المباراة والبطولة التي ارتُكِبت فيها الأخطاء، إلا أن حالة فضل عباس تتشابه كثيرًا مع حالة لوريس كاريوس، فهل يستطيع فضل عباس نسيان الحادثة وتجاوز الانتقادات؟ أم أن مسيرته ستنحو منحى مسيرة الحارس الألماني؟