[ نازحون في مأرب يشكون وضعهم البائس وغياب فرحة العيد ]
"لا عيد ولا فرحة في صحراء في مخيمات النزوح وشتات الأسرة الواحدة".. بهذه الكلمات يُلخّص محمد صالح (40 عام) النازح من مديرية بني ضبيان شرق صنعاء الوضع المعيشي للنازحين في مخيمات مأرب. مشيرا إلى أنه لا يشبه العيد قبل الحرب في بيته مع الأهل والأقارب برائحة الريف ومسقط الرأس.
من أمام خيمته المهترئة في مخيم السمية شرق مأرب، وبوجه تظهر عليه المعاناة والتعب يتابع صالح في حديثه لـ "الموقع بوست" لم نستعد لاستقبال العيد ولا عيد إلا في بيوتنا ومناطقنا".
عيد ثامن يمر على شتات الحرب واشلاء اليمنيين وأسرهم مبعثرة بين مخيمات النزوح المختلفة وقد أدمت جراحهم الحرب واستنزفت جيوبهم مع الغلاء وارتفاع الأسعار في أقواتهم الضرورية واحتياجات العيد.
وحدها المناسبات تجر النازحين إلى ذكريات السعادة بقدوم العيد أو غيره من المناسبات التي اختلفت أوضاعهم عن سابق نزوحهم.
حنين للأهل والديار
عيد ثامن يقضيه النازحين بين تهجير ونزوح وتكرار النزوح واختلافات المساكن وتغيرت أراضيها وبها تغيرت معيشتهم وتجرعوا صنوف المعاناة خلال سنوات تخللتها الحرب في البلد.
"تغيب الفرحة أمام كل المناسبات فلا يميز النازحين أيام العيد عن غيرها"، تقول أم محمد النازحة في مخيم النقيعاء من مديرية الجوبة جنوب مأرب.
في حديثها لـ "الموقع بوست" تضيف أم محمد "رغم محاولة الشعور بالبهجة إلا أن ذلك بات غير ممكنا أمام الظروف المعيشية التي يعشها النازحون في المخيمات".
"كنا بالقرية نستعد للاحتفاء بأيام العيد منذ عشر أيام قبله وعشرة أيام بعد، لكن بعد النزوح أصبحوا عاجزين على توفير متطلبات المعيشة، فلا معنى للعيد في المخيم إلا بالعودة إلى الديار" تقول أم محمد.
ويأتي عيد الأضحى والنازحون في مخيم النقيعاء الواسع في صحراء شرق مأرب يعيشون ظروفا قاسية ليس فقط الفاقة والغلاء، بل أيضا تقلبات الطقس وشحة المياه وارتفاع درجة الحرارة وتدهور الوضاع الاقتصادي والمعيشي.
فرحة مسلوبة
يقول محمد صالح إنه باع ثروته من مواشي الأغنام التي نزح معها من مديرية بني ضبيان غرب مأرب وأنه في هذا العيد باع 4 أغنام المتبقية من الثروة كاملة لتوفير احتياجات العيد وقبلها توفير لقمة عيش أسرته.
ويشير إلى أن مناسبة الأعياد تعيد بهم إلى أعمق الأحزان والأمنيات بالعودة الى ديارهم لعيش الأعياد بطبيعتها المعتادة.
وأردف "ننتظر عودتنا بفارغ الصبر للنجاة بأرواحنا من لهيب الصحراء والفاقة التي داهمتنا والغلاء الذي أجبرنا على الشراء بأسعار خيالية لمحاولة سد حاجتنا والأطفال".
سلسلة أزمات لا تكاد تنتهى جعلت النازحين يفقدون الشعور بفرحة العيد ما جعل العيد يبدو مثل باقي أيام السنة فبسبب غلاء الأسعار والفقر وظروف النازحين.
لم يعد بمقدور الأسر الاحتفاء بالعيد وشراء احتياجاته من أضحية وملابس للأطفال بسبب الفقر وتوقف رواتب الموظفين واستمرار الحرب وارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى استمرار تراجع المساعدات الإنسانية من قبل المنظمات الدولية والمحلية بسبب نقص التمويل الذي تأثر بأزمة أوكرانيا بحسب منظمة الغذاء العالمي.
طول أمد الحرب
يقول مدير مكتب حقوق الانسان بصنعاء فهمي الزبيري في تصريح لـ "الموقع بوست" إن "أمد الحرب طالت واتسعت آلام النازحين وتحولت حياتهم إلى كفاح مستمر من أجل البقاء، فهذا العيد الثامن يمر على النازحين وهم في العراء ما جعلهم يفقدون الأمل بالعودة إلى ديارهم وقراهم بعد أن فشلت كل فرص السلام بسبب تعنت جماعة الحوثي التي هجرتهم من بيوتهم".
المعاناة واليأس وصعوبات المعيشة اليومية ترافق الأسر النازحة في مخيمات النزوح أكثر من النازحين الساكنين في المنازل المستأجرة - وفقا لإحصائية وحدة النازحين بمأرب- فإن حوالي 269 ألف نازح يسكنون 194 مخيم بنسبة 12 بالمئة وهم الفئة الأكثر ضعفا ومعاناة.
هكذا تعود الأحزان إلى النازحين مغلفة بغلاف فرائحي كمناسبة العيد التي تعيدهم الى ذكريات عاشوها في بيوتهم قبل شتات الحرب الضالمة ليصرخ الجميع (أوقفوا الحرب - نتوق إلى الديار).