[ الحصار يحرم الرعاة في الأرياف من بيع مواشيهم بالتزامن مع ارتفاع أسعار الأضاحي بالمدن (الموقع بوست) ]
يحتفل اليمن مع دول العالم الإسلامي بمناسبة عيد الأضحى الذي يصادف 10 ذي الحجة من كل عام وفقًا للتقويم الهجري، وتعد الأضحية من أبرز الطقوس بهذا المناسبة.
ويشهد البلد الذي يرزح تحت وطأة الحرب التي تدخل عامها الثامن ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار اللحوم في ظل الانهيار الاقتصادي وتقلبات الأسعار فضلاً عن تهاوي العملة المحلية.
ويشكو مربو المواشي في المناطق الريفية لعدم استطاعتهم للذهاب إلى الأسواق لبيع مواشيهم؛ نتيجة الحصار المفروض عليهم من قبل المتمردين الحوثيين والألغام الأرضية المدفونة في الطرقات المؤدية إلى المدن.
ووسط صحراء قاحلة بمديرية ميدي الساحلية، شمال غرب اليمن، يتواجه العشرات من الرعاة مع مواشيهم ومنهم أحمد طيب صغير، البالغ من العمر (37) عاماً، ويقول "على مدار أربع سنوات ونحن نعيش فصول الحصار، ويمر علينا مواسم بيع المواشي كل عام ونحن مقيدين وليس بمقدورنا الذهاب للأسواق لبيع ماشيتنا بالمدن".
حصار الألغام
في حديثه لـ "الموقع بوست" يضيف صغير وهو يقف بجانب عدد كبير من المواشي حاملاً عصا في يده "أصبحنا فقراء ونبحث عن المساعدات الإنسانية لتأمين قوتنا اليومي"، مؤكدًا على انه "يمتلك أكثر من (200) رأس من الماعز وسط حصار خانق".
وأشار صغير إلى أن الألغام الأرضية شكلت كابوسًا يؤرق ويهدد الرعاة في ظل تزايد ضحاياه".
وبحسب السلطات المحلية في مديرية ميدي الساحلية بمحافظة حجة "بلغ عدد ضحايا الألغام الأرضية من الرعاة نحو (6) أشخاص أغلبهم من الأطفال، ونفوق أكثر من (100) رأسًا من الماشية".
وفي سياق متصل، أعلن المرصد اليمني للألغام -في تغريده على" توتير "، في وقت سابق- توثيق خلال فترة الهدنة من 2 أبريل وحتى 2 يونيو 2022، سقوط (46) ضحية من المدنيين نتيجة الألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون والمقذوفات من مخلفات الحرب بالإضافة إلى نفوق قرابة (23) رأسًا من الماشية ( أغنام وإبل)".
ارتفاع قياسي للأسعار في المدن
في غضون ذلك، تشهد المدن اليمنية ومنها صنعاء وعدن وتعز ارتفاعًا قياسًا في أسعار الأضاحي تزامنًا مع ارتفاع أسعار الأعلاف والركود الاقتصادي في البلد المنهك بالحرب الدائرة ناهيك عن الحصار والألغام التي أحالت دون قدرة الرعاة والمزارعون للوصول بمنتجاتهم إلى الأسواق الكبرى بالمدن.
كأحد تداعيات الانقسام المالي والمصرفي بين الحكومة المعترف بها دوليًا والمتمردين الحوثيين تباين أسعار الأضاحي وفقاً لأسعار صراف العملة المحلية حيث بلغ سعر الكيلو الواحد من لحم الماعز في المناطق المحررة (تحت سيطرت الشرعية) إلى (12) ألف ريال يمني ما يعادل (10) دولار أمريكي، وصول سعر الأضحية إلى أكثر من (170) دولار أمريكي.
ويرجع تجار الماشية في الأسواق الكبرى للمواشي سبب ارتفاع أسعار الأضاحي إلى التكاليف الباهظة لنقل الأعلاف والماشية من مصدرها عبر طرق وعرة وسط غياب عدداً كبيرا من مربي الماشية في الأرياف التي حالت دون وصولهم للأسواق، بالإضافة إلى التباين الكبير في سعر صرف العملة المحلية بين المحافظات اليمنية، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الأضاحي تزامنًا مع عزوف المواطنين عن الشراء.
ويعمل معظم سكان الريف في مهنتي الزراعة ورعاية الماشية، وتعد مصدرًا أساسًا لتوفير متطلباتهم واحتياجاتهم اليومية.
كعادته، مع شروق كل يوم جديد، يتفقد عبده يوسف فايد ماشيته ويؤمن لها الأعلاف والمياه، ويقول إن "مصدر رزقنا لتأمين حياة كريمة لنا في خطر حقيقي، نعمل لساعات طويلة وسط ظروف بيئية صعبة للغاية بمساعدة أطفالنا على رعاية مواشينا ونوفر لها الأعلاف والمياه، ورغم ذلك، لا نحصل على مردود إلا المعاناة وخسائر تتعاظم"، مضيفًا على أن "مأساة مربي الماشية التي لا تزال تروح مكانها تعود للحصار المفروض عليهم منذ فترة زمنية".
في حديثه لـ "الموقع بوست" يؤكد فايد وهو في بداية العقد الخامس من عمره أن معظم الرعاة يضطرون على بيع مواشيهم بعد تربيتها إلى قرابة العام ونيف بنصف ثمنها، وأحيانًا أقل بذلك بكثير تحت ضغط تأمين متطلبات الحياة من غذاء ودواء، فضلاً عن تسديد الديون المتراكمة في ضوء لهيب الأسعار وعدم وجود مصدر رزق آخر".
بينما وهو منهمك مع أبناءه بالاهتمام بماشيته في فناء منزله، يرجع فايد سبب ارتفاع أسعار الأضاحي في المدن إلى التوقف الإجباري لكل الرعاة في تصدير منتجاتهم للأسواق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاعها في المدن الرئيسية وكسادها في الريف.
ويفضل أغلب اليمنيين اللحوم التي تجلب من المناطق الريفية رغم ارتفاع أسعارها مقارنة باللحوم المستوردة، فهي ألذ طعمًا على المأكولات الشعبية وأقل دسمًا.
تكدس المواشي في الأرياف
بخطوات غير مستقرة وبحثًا عن بصيص أمل وحاملاً معه بعضًا من الأعلاف لماشيته، يقول أحمد عثمان "لدي أكثر من 300 رأس من الماعز والأغنام، ومعظم الأهالي في قرانا من الرعاة والنازحين الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، إلى أين نذهب بماشيتنا؟"، لافتًا إلى أن "جميع الأسر ومنهم أسرته المكونة من 15 فردًا يلجؤون إلى النوم وبطونهم خاوية أو يعتمدون على صنفًا واحدً من الطعام خلال يومهم".
وردًا على سؤالنا عن الحل؟ أجاب عثمان قائلاً "نطمح ونأمل من أطراف الصراع ردم فجوة المعاناة التي نعيشها من خلال فتح الطرقات الرئيسية للمواطنين ونزع الألغام التي تهدد حياتنا بالإضافة إلى فتح المنافذ البرية".
ويشهد اليمن منذ أكثر من 7 سنوات حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر/ أيلول 2014 .
وأدت الحرب إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم، حيث يعتمد معظم السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات، وفق الأمم المتحدة.