أثار تلكؤ وفد الانقلابيون (جماعة الحوثيين والمخلوع صالح)، في مشاورات الكويت، بخصوص الموافقة على جدول الأعمال المقر مسبقا، بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2216، أثار تساؤلات عديدة في الشارع اليمني، خصوصا أن الانقلابيين، أبدو أمس الثلاثاء، موافقتهم على استئناف المشاورات بناء على الأجندة السابقة، ثم عادوا اليوم الأربعاء، لموقفهم السابق، رافضين ما وافقوا عليه يوم أمس.
 
وتباينت آراء المحللين والساسة بشأن الأسباب التي تقف وراء ذلك، حيث يرى البعض أن هناك دولا كبرى تقف وراء التعنت والرفض، وهو الموقف الذي تسبب في إلغاء جلسة اليوم المباشرة، بعد أن كان من المقرر عقدها اليوم بموافقة وفدي الشرعية والإنقلاب.
 
وحسب ما أكدته مصادر في وفد المشاورات الحكومي، فإنه كان من المقرر أن تبدأ مساء اليوم الأربعاء، جلسة مشتركة للمبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ مع رؤساء الوفود وثلاثة أعضاء من كل طرف بعد أن استغرقت الفترة الصباحية في جلسات مشاورات انفرادية عقدها ولد الشيخ مع كل وفد على حدة.
 
وبعد فشل عقد جلسة مشاورات جماعية استمراراً لحالة الانسداد التي سيطرت على أجواء المشاورات منذ انعقادها بسبب رفض وفد الانقلابيين لبدء المشاورات وفق جدول الأعمال المقر والمتفق عليه سلفاً، وتمسكهم بالنقاش حول قضيتين فقط، الأولى إنهاء عمليات التحالف العربي (وقف تحليق الطيران)، والبدء بالعملية السياسية، سعيا منهم للحصول على شرعية للإنقلاب.
 
وأضافت المصادر أن وفد الإنقلابيين جدد اشتراطه وقف رقابة طيران التحالف وتحليقه في الأجواء اليمنية، وكذا وقف مشاركتها في العمليات ضد تنظيم القاعدة في محافظتي حضرموت وأبين قبل البدء في أي مشاورات، بعد حالة الانفراج التي حدثت الثلاثاء، بعد لقاء الوفدين بأمير دولة الكويت.
 
مأزق غير مسبوق

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي ياسين التميمي في تصريح خاص لـ(الموقع) إن وفد الانقلابيين في الكويت، يعيش مأزق غير مسبوق في تاريخ المفاوضات التي خاضها مع الأحزاب ومع الحكومة طيلة العامين الماضيين.
 
وأضاف التميمي: "الانقلابيون لا يرغبون في التوصل إلى سلام ينهي سيطرتهم على مقاليد الأمور في صنعاء، ولا يريدون التخلي عن المكاسب الميدانية التي حققوها بقوة السلاح".
 
وأوضح "أن المفاوضات ستقود إلى سلام يعيد مؤسسات الدولة إلى كنف السلطة الشرعية، وينهي سيطرتهم على هذه المؤسسات، ولهذا هم لا يرغبون في إنجاز هذا السلام".
 
وتابع: "بقدر ما استفادوا من انتهازية المجتمع الدولي في الماضي، هم اليوم يواجهون إرادة حقيقية تهدف إلى إيجاد حل سياسي ينهي العنف في اليمن"، مشيرا إلى أن هذا لن يتم إلا بتنفيذ البنود المتفق عليها في جدول الأعمال بالتراتبية الصارمة، والتي تجعل من المضي في الحل السياسي عملية لاحقة لإنهاء مظاهر الانقلاب، وتمكين الدولة من القيام بواجباتها الدستورية.
 
وأشار التميمي إلى أن الانقلابيين يريدون إحراز مكاسب على الأرض، ولهذا يفهمون وقف إطلاق النار على أنه وقف لتحليق طيران التحالف فقط، لكن لن يكون بوسعهم التوسع وإحراز مكاسب عسكرية، إذا قرر التحالف إيقاف هذا المخطط كما عمل خلال الفترة الماضية، حسب قوله.
 
هذا ويرى مراقبون أن تساهل المبعوث الأممي ولد الشيخ ساهم في تعنت الانقلابيين وتلكؤهم في المشاورات، وهو ما يعني وجود مساعٍ لإفراغ قرار مجلس الأمن 2216 من محتواه.
 
في حين يرى آخرون، أن مطالبة الانقلابيين، بالبدء بالمسار السياسي، وإرجاء تسليم السلاح والانسحاب من المناطق والمدن، وكذا، الإفراج عن المعتقلين، يعني في حال تم ذلك، تكرارا للأخطاء السابقة، والتي من أبرزها اتفاق السلم والشراكة والذي لم ينفذ منه سوى الجانب السياسي، بينما تم إعاقة تنفيذ بقية الجوانب، واستمر تمدد الحوثيين في كل المحافظات وشنّهم حرباً مفتوحة عليها.
 
غياب النية لدى الإنقلابيين

بدوره، قال المحلل السياسي، وعضو الفريق الإعلامي المرافق للوفد الحكومي إلى مشاورات الكويت رشاد الشرعبي، إنه ليس هناك رغبة جدية لدى وفد الحوثي وصالح الانقلابيين للوصول بالبلد نحو الحل والسلام ووقف نزيف دماء اليمنيين.
 
في المقابل، أوضح بأن وفد الحكومة أثبت للجميع رغبته بالسلام، وأعطى المجتمع الدولي صورة ناصعة، وعرى الطرف الآخر من خلال صبره وتحمله لتعنته على عجرفته، وتعنته، إلى جانب أن الواقع والوضع العسكري هو الآخر يفضح الانقلابيين، مشيرا إلى أنهم لم يلتزموا بالهدنة، ولم يقدموا أي مؤشرات ايجابية توكد رغبتهم بالسلام وإيقاف حمام الدم.
 
وأضاف الشرعبي: "حتى الآن يبدو أنه لن تعقد اي جلسات مشتركة حتى مطلع الأسبوع القادم، ما يعني أن أسبوع كامل مر دون أي تشاور، وما كانوا وافقوا عليه وأقروا البدء بنقاشه هو جدول أعمال يرتكز على النقاط الخمس التي تضمنها قرار مجلس الامن ووقعوا عليه في بييل بسويسرا اواخر 2015".
 
ولفت إلى أن وفد الشرعية ليس أمامه، تأكيدا لرغبته الصادقة، إلا أن يستمر في الاستجابة لأي دعوات للوصول إلى السلام من المجتمع الدولي والأشقاء في الكويت وغيرها، داعيا المجتمع الدولي إلى أن يكون أكثر جدية في تنفيذ قرار مجلس الأمن وإتاحة الفرصة للجيش الوطني والمقاومة الشعبية وبمساندة التحالف العربي لاستكمال عملية التحرير، واستعادة بقية المحافظات المحتلة ومؤسسات الدولة المختطفة، وهذا، حد قوله، هو التنفيذ العملي للقرار الأممي ليس أكثر.
 
مناورة مستمرة

من جانبه قال عضو المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء عبدالكريم ثعيل في تصريح خاص لـ(الموقع) إن "الانقلابيين مستمرون في المناورة لعلهم يجدوا ثغرة في جدار الأمم المتحدة أو التحالف والشرعية، فيما يتعلق بألية تنفيذ القرار 2216، مشيرا إلى أنه نتيجة أن قراراتهم تأتي بتوجيهات من طهران وغيرها، فإنهم لا يستطيعون حسم أي شيء، مضيفا أنهم، أي الانقلابيين، مجرد ستار واقي لوجه من خلفهم وهو المشروع الاستعماري الصفوي، حد وصفه.
 
وأشار إلى أن القرار 2216 واضح لا لبس فيه وآلية تنفيذه أوضح منه، وبالتالي لا يستطيع أحد حتى الأمم المتحدة التلاعب به ليفلت الانقلابيين من بنوده المتسلسلة وليست المتوازية كما يعلم الجميع.
 
وأوضح عبد الكريم ثعيل، أن الانقلابيين انتهوا عبر تنفيذهم السلمي او بالتنفيذ الجبري الذي سيحدث ان لم يغتنموا فرصة الكويت للبقاء كلافتات سياسية، مضيفا ما لم ينتهز الانقلابيون فرصة مشاورات الكويت ويستسلمون تنفيذا للقرار 2216 فهم مجرمون لا مستقبل لهم ولا للافتاتهم السياسية.
 
وعن مراوغات الانقلابيين في المفاوضات قال ثعيل "إن الانقلابيين جاؤا الى الكويت لتحقيق هدف واحد فقط وهو ايقاف الطيران وإلى الآن قد نجحوا في ذلك متلاعبين على كل الجهات بما فيها التحالف العربي والشرعية".
 
وأضاف: "مع كل ما يحدث ما يزال الانقلابيون يحشدون ويرتبون لمعركة كبيرة، معتبرا الوقت في صالحهم وخاصة أن الطيران متوقف وعملية التحرير شبه مجمدة بدعوى الهدنة، وكل ذلك يجري بالتنسيق مع ما يسمى بداعش في ارض العراق وعلى الحدود السعودية وبنظر الامريكان أيضا".
 
وتابع ثعيل قائلا: "هناك لعبه قذرة تتجاوز محاولة الانقلابيين البقاء الى حد يمس بمقدسات الامة الإسلامية".
 
رسالة تحذير

من جانبه وجه البرلماني اليمني محمد مقبل الحميري ناطق مقاومة تعز رسالة تحذير لوفد الشرعية قال فيها: "هل سيكون وفد الشرعية المفاوض عند حسن ظن الشعب اليمني أم سيكتفي بالحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك؟".
 
وأوضح ناطق مقاومة تعز في صفحته بموقع "فيسبوك" أنه بعد أن اتفقوا بالأمس على جدول الأعمال بعد جهود مضنية وترضيات للانقلابين وتدخل شخصي من أمير دولة الكويت الشقيق، اليوم يعاود الانقلابيون الرفض لما تم الاتفاق عليه بالأمس.
 
وأضاف الحميري: "سيستمر الرفض والتشدد من قبل الانقلابيين، وستستمر المساعي لتقريب وجهات النظر، وفي المقابل ستستمر التنازلات من قبل وفد الشرعية كنتيجة طبيعية لإثبات حسن النوايا، وفي الأخير قد نجد أنفسنا أمام شهادة حسن سيرة وسلوك لوفد الشرعية، بينما يكسب الانقلابيون المواقف السياسية على حساب كل التضحيات التي قدمت من ابناء الشعب اليمني المظلوم".