[ فرقة "أوركسترا" شبابية ناشئة تحيي مبنى ثقافي مهجور في صنعاء بسبب الحرب ]
نجح العازف الموسيقي اليمني عبدالله الدبعي رفقة عشرات الهواة في التعلم للعزف على الآلات الموسيقية المختلفة من تحقيق حلمهم بإنشاء فرقة موسيقية شبابية "اوركسترا"، بعد نحو ستة وعشرين شهرا، من التدريب المستمر بجهود ذاتية لإحياء المبنى الفني المهجور بسبب الحرب التي تمزق البلد منذ سنوات.
وكان هؤلاء الشباب يمضون ساعتين يوميا على مدار الثلاث السنوات في البرنامج التدريبي لتعلم التطبيقات الموسيقية مع مدرسهم، مستثمرين الإمكانات المادية المتاحة لدى الجهات الثقافية في تأهيل المتدربين على الموسيقي بمختلف الآلات، على واقع مرير من المعاناة والمآسي.
ويقول عبدالله الدبعي إنه بدأ العمل في أواخر 2018، على فتح المعهد الثقافي الحكومي أمام جميع الفتيات والشباب الطموحين في التدريب، بينما عمل على تداول الآلات الموسيقية بين الشباب نتيجة عدم وجود آلات كافية تغطي الإقبال الكبير على تعلم العزف.
إمكانيات محدودة
ويضيف: "إذا كان هناك آلات كثيرة وكافية لتخرج من هذه المعهد مئات الشباب، وخلال هذه الفترة تخرجت قبل أشهر الدفعة الأولى من 63 عازفا وعازفة و أصبحوا عازفين وقادرين على أي أغنية"، مشيرا إلى أن الخريجين أصبح لديهم الإمكانية للعزف على القواعد الشرقية والغربية ومع أي فرقة موسيقية أو فنان عربي أو يمني.
وأكد لـ"الموقع بوست" أن لدى الكثير الإمكانيات بالعزف على التراث اليمني، مطالبا الجهات الرسمية بدعم هذه الفرقة والحفاظ عليها من الاندثار والتمزق، مضيفا أن الفرقة مكونة من 27 عازفا وعازفة في الكمان والعود والبيانو والجيتار وغيرها من الآلات، فيما هناك ثماني شباب يعزفون آلة العود وتسعة ايقاع، تدربوا على جميع الآلات ما عدا آلة القانون التي لم يتمكن من توفيرها.
حضور الفتيات
ويطغي حضور الفتيات على هذه الفرقة التي تترأسها الفنانة رئام عبدالله، لكنها تشكي من ضغوطات المجتمع نتيجة نظرة النقصان للفنانين، في وقت يعتبروا الفن بشكل عام من الكبائر، ناهيك عن وجود فتاة تعزف.
وتواظب رئام وعشرات المتدربين بشكل يومي في غرفة متواضعة يقف الموسيقي الدبعي فيها مدرسا ومعقبا على الطلاب، وتؤكد "نحن مستمرون في طريقنا بالفن متجاوزين هذه ضغوط التى لا تسبب لي أي مشكلة، ومصرة على الاستمرار هذه التجربة المكافحة".
وتضيف "رئام" لـ"الموقع بوست" أن الموسيقى أخرجتها إلى عالم بعيدا عن الواقع المؤلم الذي نعيشه، مشيرة إلى أنه عندما أعلن عن فتح هذا المعهد لتدريب الموهيبين، انسحبت مع آلاتها، لخلق جو مختلف بعيدا عن الحرب والمأسي الإنسانية.
وتقول إن ألحاننا وتعبيرنا خاصة ما نشعره في داخلنا نترجمه بالآلات"، واصفا آلتها الموسيقية بنصفها الاخر، وتعتبر العزف بالعود أو الكمان يكون على أوتار قلبها بتحديد.
لغة موحدة
وبعد الفرح في التخرج، يقول عوض علي إنه تعلم عزف النوتة واصبحت جاهزا لتوصيل أفكاره عبر الموسيقى على اعتبارها لغة الموحدة لكل كائن حيه، فاستطيع من خلالها مواجهة قساوة الواقع المعاش في اليمن.
ويضيف لـ"الموقع بوست": "اجتهدنا في تعلم العزف الأغاني للتراثية اليمنية حتى نوصل تراثنا إلى الخارج ونبتعد عن تقليد الألحان الغربية".
غياب الدعم
ويعتمد نجاح الفرقة الموسيقية الجديدة على إيمان أعضاءها بأهمية الفن ودوره في الحياة، وقناعتهم التامة، بينما بهذه القناعة سيتجاوزون الكثير من الصعاب والعوائق التي ستعترض سيرهم في هذا الطريق الشاق والممتع، بفعل عدم وجود دعم لهؤلاء الشباب وغياب دور الجهات الثقافية والقطاع الخاص في تبني المبدعين، وفق طالب الدراسات العليا في المعهد العالي للنقد الفني بالقاهرة محمد سلطان.
ويقول "سلطان" وهو أيضا إعلامي وباحث يمني لـ"الموقع بوست" إن يجب على الشباب المضي قُدما دون ملل أو يأس مهما كانت الظروف، ومواصلة التدريب على الآلات بشكل يومي والتمكن منها، وكذلك الاستعانة بالفنانين ذوي الخبرة، والاستزادة من العلوم الموسيقية، وتكريس جل جهدهم في اكتساب أكبر قدر منها.
ويشير إلى ضرورة أن يسود الفرقة روح الفريق الواحد والتعاون والمؤازرة، من أجل تحقيق النجاحات والوصول إلى أعلى المستويات.