[ السلتة.. وجبة غداء رئيسية في اليمن ]
إذا كنت من سكان العاصمة اليمنية صنعاء أو زرتها وأقمت فيها فترة محددة وحظيت بعزومة على وجبة غداء في بيت صنعاني، فلاشك أنك ستستمتع بتذوق وجبة السلتة، فهي ملكة سفرة الطعام التي لا تغيب على مدار العام ومختلف المناسبات.
يقول محسن حفظ الله (60عاماً) من سكان صنعاء القديمة إن "السلتة" هي وجبة الغداء المفضلة لديه يومياً هو وأفراد عائلته ولا يمكنهم الاستغناء عن تناولها مهما كانت الأسباب.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يضيف العم محسن أن "السلتة" هي ما تتميز به وجبات الغداء لدى الأسر الصنعانية وخاصة سكان صنعاء القديمة، وقد تفردت العائلات الصنعانية بطباخة "السلتة" وتقديمها لأفراد العائلة والضيوف منذ عقود طويلة.
"السلتة" أكلة يمنية شعبية اشتهرت في المناطق الشمالية من اليمن، وتتكون من المرق والحلبة والبصل والبيعة المفرومة وقليل من الأرز والبطاط على شكل طبيخ، وأيضا البيض وبعض الخضروات كالطماطم والفلفل الحار والبامية وبعض التوابل، يضاف إليها أحياناً اللحم المفروم "الدقة" والتونة على حسب الرغبة وتقدم ساخنة على وجبة الغداء وتؤكل مع (الملوج) وهو خبز يحضر بالتنور خصيصاً للسلتة.
تحضر السلتة في طبق دائري الشكل يسمى "المقلى" أو المدرة يصنع عادةً من نوع خاص من الأحجار يسمي (الحرض) أو الفخار ويتم نحته بطريقة يدوية تنم عن احساس فني وابداع، ويتميز المقلى المصنوع من حجر (الحرض) بكونه يبقي السلتة ساخنة طوال فترة تناولها حتى أخر لقمة، وهي تناسب أجواء المناطق الشمالية من اليمن حيث الطقس شديد البرودة، أغلب فصول السنة خصوصا في فصل الشتاء.
التاريخ على شكل وجبة
عن أصل السلتة يقول أستاذ التاريخ اليمني محمد ياسين إن "أصل السلتة يعود لحقبة التواجد التركي في اليمن، حيث كان يعمل لدى الاتراك حراس يمنيين وكانوا يجمعون ما تبقي من طعام وخضروات وغيره في صحن واحد وأعادوا طباخته مرة أخرى ومنهم تعلم اليمنيون صناعة السلتة".
واضاف ياسين في حيثه لـ "الموقع بوست" أن كلمة سلتة مأخوذة من الكلمة الإنجليزية (salad) وتعني سلطة وتوارثها اليمنيون وعدلوا عليها كما عدلوا وأضافوا للوجبة نفسها، والسلتة ليست وجبة شعبية يمنية شهيرة بل وأيضاً رمزا من رموز ودلائل تاريخ اليمن العريق".
توجد في العاصمة صنعاء مطاعم متخصصة في صناعة وجبة "السلتة" ويرتادها اليمنيون بكثرة وقت الظهيرة لتناولها كوجبة غداء، من تلك المطاعم قصدنا مطعم "القوزي" في حي الحصبة، استقبلنا فهد القوزي (36عاماً) بينما كان منهمكاً في تلبية طلبات زبائنه والمدر (الفخار) تتناوب على اللهب المستعر تباعاً.
أخبرنا فهد "أنه يمثل الجيل الرابع من أسرة احترفت صناعة السلتة، وحازت شهرة واسعة في صناعة أجود أصناف السلتة".
وأردف فهد القوزي "صناعة السلتة كأي مهنة أخرى لابد على من يمارسها أن يتوفر لديه حب المهنة أولاً دون التفكير بالربح، فعندما تعشق عملك تبدع فيه"، حسب وصفه.
واختتم فهد في تصريحه لـ "الموقع بوست" قائلاً: "السلتة وجبة شعبية شهيرة في اليمن وخاصة في العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة ذات المناخ البارد، ويقبل الناس على تناولها لمذاقها اللذيذ وقلة سعرها، بالإضافة لكونها تمنح الجسم دفئاً يستمر حتى بعد تناولها بساعات".
تمتاز مطاعم السلتة بالبساطة وخلوها من الديكورات والأناقة وبقدورها النحاسية الضخمة وطاولاتها الحديدية وتقتصر وجباتها على تقديم السلتة والفحسة وهو لحم مفروم يطبخ على ذات "المدر" التي تطبخ بها السلتة.
يزداد إقبال سكان العاصمة اليمنية صنعاء على تناول "السلتة" في فصل الشتاء القارس ليس لإشباع جوع بطونهم والاستمتاع بتذوق طعم السلتة الشهي فحسب، ولكن بحثا عن دفء تمنحه السلتة للأجساد المرتعشة.