[ الشهيد محمد محمود الزبيري ]
مرت الذكرى الـ51 لاغتيال أبي الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري في وقت تستلهم الاجيال حياته النضالية، وتنطلق على ذات النهج الذي سار عليه الزبيري.
عاش الشهيد الزبيري ثمانية وأربعين عاما كانت حافلة بالعطاء والفكر الثوري والكفاح المتواصل وظل طوال حياته ثائراً مقداما في وجه الطغيان حاملاً همّ الشعب وتحرره في روحه ووجدانه، فكان صداحاً بكلمة الحق جريئاً في شعره ونثره، وتشرب النضال حتى أصبح اباً لكل الأحرار، وكان كما يقول عنه الدكتور عبدالعزيز المقالح:"ليس محمد محمود الزبيري شاعراً فحسب ولا مناضلاً فحسب، بل هو كذلك صحفي وزعيم ووطني وروائي وكاتب وشهيد".
وإذا كانت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر تعد الحدث الأعظم في تاريخ الدولة اليمنية الحديثة، فإن الزبيري هو عمودها الأهم وقائدها الأول، ومهندس فكرها الثوري، الذي أجج النقمة على آل حميد الدين وعجل بسقوط مملكتهم من خلال شعره الغاضب وخطبه الملتهبة وصحيفته الناقدة ومن خلال الأفكار والمبادئ التي كان يؤمن بها والتي جعلت منه قامة بارزة التقى عندها الثوار في الداخل والخارج.
لقد مثلت حياة الزبيري مشروع دولة لم يكتمل، وجذور مدرسة وطنية فريدة، اغتيلت في وقت مبكر قبل موعد حصادها، وكان اغتياله خسارة تاريخية للشعب اليمني لم ولن تعوض، فقد صقلته الأحداث وصهرته المواقف، وأنضجته التجارب، حتى غدا رجلاً يتردد إسمه ليس في جنبات اليمن فحسب، بل في أرجاء العالم العربي والإسلامي، فامتازت حياته بالعمل والعطاء والتضحية والشجاعة.
الميلاد والنشأة
ولد محمد محمود الزبيري في بستان السلطان بصنعاء سنة 1337 هـ/ 1917م، وبستان السلطان حي منسوب إلى السلطان طغتكين بن أيوب شقيق صلاح الدين الذي أرسله حاكماً على اليمن أواخر القرن السادس الهجري،
وتعد أسرة الزبيري من الاسر التي تنتمي إلى قرية الزبيرات من أرحب والتابعة لقبيلة بكيل وهي اسرة عريقة في التأليف والقضاء، فأبوه كان قاضٍ في تهامة، ومات وعمر ابنه محمد عشر سنوات فنشأ الزبيري يتيماً، ورغم ذلك حفظ القرآن وجوّده على قراءة نافع، وعلى رواية حفص منذ سن مبكرة، وكان له صوت حسن في الإمامة يجذب الناس إليه في مسجد التقوى، ودرس علوم اللغة على عدد من العلماء.
ولما بلغ سن العشرين رافق الأمير علي بن عبد الله الوزير إلى الحجاز للحج، ثم إلى القاهرة، ونزل طالباً في كلية دار العلوم، ونظم قصائد شعرية وقد كان شاعراً فحلاً، شعره من الطبقة الأولى، ومن مميزات شعره التي ميزته حتى عن شوقي أنه كان يفيض بالمطالبة بالإصلاح، وبالمقت للطغيان والتنديد بالاستغراب وباليهود، وكان يلقي شعره في الكلية، وفي المحافل الأدبية، وكان الزبيري يرحمه الله تعالى من طبقة الشباب المتطلعين للإصلاح، وهي طبقة جهودها متصلة بجهود المصلحين اليمنيين ابتداءً من إبراهيم الوزير المتوفى سنة 840هـ، مروراً بالمقبلي، والحسن الجلال، والأمير الصنعاني وانتهاءً بخاتمة المصلحين من العلماء العاملين، وهو الامام الشوكاني المتوفى سنة 1250هـ، وكان أولئك المصلحون قد حاولوا بكل جهدهم التقليل من العصبية الزيدية الشيعية ونشر الوعي في المجتمع، فتطلع إلى عملهم الزبيري وأصحابه ممن يتطلعون إلى الإصلاح، وهناك عامل آخر مؤثر في مسيرتهم الإصلاحية، وهو اطّلاعهم على تجارب الإصلاح في العالم الإسلامي وعلى رأسها تجارب الأفغاني، ومحمد عبده، ورشيد رضا، والبنا، وغيرهم من الدعاة والمصلحين، كما تثقف الزبيري بأعمال شوقي، وحافظ إبراهيم، والرافعي، والعقاد، وغيرهم.
نشأ الزبيري واليمن يغلب عليها الفقر والتخلف والمرض والجهل والطغيان وكان ذلك يزعجه كثيرا، يقول عن نفسه: "بدأت حياتي طالب علم ينحو منحى الصوفية في العزوف والروحانية، وتعشّقت كما تعشقت هذا اللون من الحياة رغم اليتم والشظف، ونعمت به كما لم أنعم بشيء آخر وتعشقت الحياة الأدبية، وهمت بها هياماً ولم يصدني عن التفرغ لها إلا المعارك النضالية السياسية فروحانيتي جنى عليها الأدب، وأدبي عوقب بالسياسة".
وقد وُلّي قضاء المخا وحيس في بداية حياته العملية، ورأى الزبيرى حالة الجمود التى فرضها الإمام يحيى والقائمة على الطبقية والظلم والتخلف، يقول في مقدمة ديوانه ( ثورة الشعر) : "في سنة 1362 هـ ـ 1942 م اجتاح وباء التيفوس اليمن من أولها إلى آخرها وكنت في رعب من هذا الوباء المتوحش مسافراً من تعز إلى صنعاء أشاهد الضحايا يتساقطون كالذباب لا يدرون أن في دنيا الناس وراء السعيدة طبا وعلاجا، ويتسلق حماري شواهق الجبال، ويهبط إلى أغوار الوديان وكنت كمن ينجو بروحه على ظهر الحمار من الوباء، وشعرت بأن هذا الحيوان الذي أمتطيه أعز من راكبه جانبا، وأهدى سبيلا، وصعد بي الحمار المكافح قمة سُمارة وتصورت الناس يلفهم الرعب، وتشنقهم البلاهة، ويفترسهم المرض، وتجلد ظهورهم كرابيج الحرس المتوكلي، وهالني أن الضحايا لا يجدون طبيباً واحداً في حين استقدم الإمام أطباء من أوروبا ليعالجوا أفراد الأسرة المالكة وحدها، فظللت أبكي وأصرخ بحرية من فوق قمة سمارة ومن فوق ظهر الحمار حتى وصلت صنعاء في صبيحة يوم عيد..
ولم يركن الزبيرى إلى هذه الحال التى فرضتها الأسرة المالكة فرحل إلى القاهرة سنة 1360 هـ ـ 1940 م حيث الحياة الحزبية التى يقودها الوفد حينذاك والتوقد الفكري والأدبي ومدارس الثقافة وأقطابها في ذلك الوقت العقاد وطه حسين وهيكل وأحمد أمين بالإضافة إلى الجمعيات الإسلامية والصحوة في المدارس والجامعات والأرياف والمدن والتحق بكلية دار العلوم في القاهرة، واتصل بكثير من رجالات السياسة في ذلك الوقت كالفضيل الورتلاني المجاهد الجزائري الذي قال عنه "أظن أنه لا يوجد له نظير في الوطن العربي علماً وكمالاً وإخلاصاً وهيبة".
كما اتصل في القاهرة بالامام الشهيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين فقرّبه وكان يرى فيه أملاً لإقامة الحكم الإسلامي الصحيح في اليمن، وكان عمره 22 سنة، ومكث في القاهرة ثلاث سنوات عاد بعدها إلى اليمن منتصف سنة 1360هـ/1941م مرحّباً به من طلابها وعلمائها، واستقبله الإمام يحيى في مجلسه، وقدم له الزبيري مشروعاً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في 22 صفحة تحوي 37 مادة، وأحاله الإمام لزيد بن علي الديلمي الرئيس الأول للاستئناف العالي، وشكلت هيئة قضائية لدراسته ورفع تقرير عن البرنامج وصاحبه.
وحدث أن خطب الزبيري خطبة بليغة في الجامع الكبير في صنعاء نقد فيها الظلم والأوضاع السائدة فأمر الإمام بسجنه، وسجن مجموعة معه من المطالبين بحقوق الشعب، فمكث في سجن الأهنوم وتعز قرابة عشرة أشهر.
ثم كتب من سجنه قصيدة استعطف بها الإمام وولي عهده أحمد بن يحيى حاكم تَعِز فأطلقه الإمام يحيى، ثم طلبه الأمير أحمد ليكون إلى جواره هو وزيد الموشكي، والشامي وخطيب اليمن أحمد محمد نعمان، وكان أحمد يشاطرهم همومهم ظاهراً ويطارحهم الشعر، ويأمر بإخراج المساجين من رواد الإصلاح تودداً وتقرباً إلى الإصلاحيين، ولقب الزبيري بأمير الشعراء، ونعمان بأمير الخطباء، لكن سرعان ما اختلفوا وقال أحمد : أريد أن أتقرب إلى الله بدماء هؤلاء الأدباء الجدد . فهرب الزبيري ومن معه إلى عدن أوائل سنة 1363هـ/1943م.
الجمعية اليمنية الكبرى
وعند رحيله الى مدينة عدن عمل الزبيري على بث روح التضحية والثورة في الشعب عن طريق صحيفته التي أصدرها في عدن سنة 1946 م باسم "صوت اليمن" مع بقية الأحرار خاصة الأستاذ أحمد محمد نعمان الذي وصفه الزبيري بالصانع الاول لقضية الأحرار وأنشأ الجمعية اليمنية الكبرى، وكان للإصلاحيين اجتماع باسم نادي الأحرار اليمنيين، وكان في الشمال تنظيمان هيئة النضال في صنعاء، وهيئة الإصلاح في إب، وكان للتنظيمين اتصال بالحركة في صنعاء فجمعهم الزبيري كلهم في الجمعية اليمنية الكبرى، وفي تلك الأثناء زار أحمد عدن وأبدى استعداده للإصلاح، لكن الحركة طالبته بجملة أمور كبرت عليه، ولم تنجح محاولة التوفيق بين أحمد والإصلاحيين.
وأنشأت الحركة عدة صحف في عدن والقاهرة، وانضم إليها الأمير سيف الحق إبراهيم بن يحيى في عدن، وألقى بياناً قوياً في افتتاح الجمعية اليمنية الكبرى ينعى فيه اليمن وجهه إلى الشعب وإلى الجامعة العربية، فاتصل الإمام يحيى بجورج السادس ملك بريطانيا، وشكا إليه ما يجري، فسحب الإنجليز ترخيصهم لحزب الأحرار فانشق الحزب على نفسه، وعاد بعض أفراده إلى تَعِز، حيث سجنهم أحمد، ثم ولاهم مناصب صغيرة، ثم في ثورة سنة 1367هـ/1948م أعدم أحمد جماعة منهم، على رأسهم الشهيد زيد الموشكي.
وفي ذلك الوقت جاء من القاهرة الفضيل الورتلاني بتنسيق وتوجيه من الإمام البنا، وأنشأ شركة للسيارات في صنعاء أتاحت له الاتصال بيحيى والتردد إلى عدن، حيث يقيم الزبيري، وأثّر الفضيل في الزبيري تأثيراً بالغاً، وعده الزبيري واحداً من عمالقة الإصلاح، وشارك الفضيل، والبنا والزبيري ومن معه في إعداد الميثاق الوطني المقدس الذي أظهر الإسلام شريعة مصدراً وحيداً للحكم، والشورى أساسه، والنظام أسلوبه.
ثورة 48 والهروب إلى باكستان
قامت الثورة على الإمام يحيى وقتل سنة 1367هـ/ 1948م وقام عبدالله الوزير وسمى نفسه إماماً على اليمن وسمى علياً ابنه ولياً للعهد، وأرسل طلباً للجامعة العربية بإرسال وفدها إلى صنعاء من أجل تثبيت حكمه، لكن الإمام أحمد استطاع تأليب القبائل على الوزير ورجال الثورة، وحوصرالوزير في صنعاء، وفشلت الثورة، وقتل أحمد عدداً كبيراً من الأحرار، منهم عبدالله الوزير.
وهرب الزبيري إلى باكستان التي قضى فيها خمس سنوات صعبة، واتصل بالزبيري شيخ الإسلام شبير العثماني الباكستاني، والقاضي محمد العمري من قبل الإمام أحمد يطلبان منه العودة وأقسم أحمد أن يضعه في أحسن المراكز؛ لكنه رفض واشترط للرجوع إطلاق السجناء وإصلاح الأوضاع، ثم عمل بوساطة شيخ الإسلام شبير العثماني أستاذاً بجامعة كراتشي، وعمل مذيعاً بصوت باكستان العربي وأقلع عنه الفقر فترة من الزمن، لكن وفاة شيخ الإسلام، ووفاة وزير التعليم أرجعتاه إلى سابق عهده من الفقر والضنك.
عودة إلى مصر
ولما قامت الثورة في مصر سنة 1372هـ/1952م اتصل بسفيرها الشاعر عبدالوهاب عزام ووافقت مصر على عودة الزبيري إليها، ومن صوت العرب تحدث إلى اليمنيين، وأنشأ الاتحاد اليمني الذي عطله عبدالناصر سنة 1376هـ /1956م ؛ لكن لما عارض أحمد الوحدة بين مصر وسورية سنة 1378هـ/1958م بأرجوزة مشهورة سمح عبد الناصر للاتحاد باستئناف نشاطه الصحفي والإذاعي، لكن العلاقة بينه وبين عبدالناصر فترت حيث كان الزبيري يرفض الطغيان.
نشاط في اليمن
بعد ثورة سنة 1382 هـ/1962م على البدر رجع الزبيري إلى اليمن بطلب من الضباط الثوار الذين كانوا بحاجة لشخصية مثل الزبيري تضفي على حكمهم شرعية يحتاجونها وسط أجواء مليئة بخصوم الثورة من الملكيين، واستقبل في صنعاء استقبال الزعماء، وعين وزيراً للمعارف، لكنه وجد في اليمن خليطاً من الأحزاب التي هي امتداد لأحزاب الجنوب الضالة، ووجد شعباً ممزقاً، ووجد خللاً في الثورة وضباطها، فاعتزل الوزارة، وآل على نفسه ألا يهدأ حتى تصلح الأوضاع.
وقرر ضباط الثورة أن يجندوا الشعب في تنظيم شعبي، وأوكلوا أمر إنشائه للزبيري، فقال :التنظيم لا بد له من مقرات وموجهين فمقراتنا المساجد وأعضاء التنظيم هم المصلون، والموجهون هم الأئمة والخطباء والعلماء، وجعل قاعدة الانطلاق الجامع الكبير في صنعاء، وكان يدخل الحارات وينادي في الناس فيجتمعون في المسجد فيأخذ عليهم اليمين، ويطلب منهم أن يختاروا أميناً للتنظيم، وأميناً للدعوة وأميناً للاتصال، فأمين الدعوة عالم، وأمين الاتصال شاب، ثم هناك جلستان في الأسبوع الاثنين، والخميس، فاستقطب بهذا علماء صنعاء، وعمل أعمالاً شعبية جيدة من تنظيف الحارات، واستقبال متطوعي الأطباء، وإقامة حلقات تحفيظ القرآن، وتسامع بذلك القبائل فطلبوا من الزبيري أن يدخلهم في هذا التنظيم الشعبي إعجاباً بأعماله.
مؤتمر عمران
وقد انزعج الروس من هذا التنظيم الجديد فطلبوا إلى القيادة العربية (المصرية) إيقافه فصدر الأمر بوقف العمل بالتنظيم فانزعج الزبيري لكنه لم ييأس، وطلب عقد مؤتمر شعبي يضم الملكيين والجمهوريين، واستطاع أن يجمعهم في عمران، وقرر المؤتمرون إلغاء المحاكم العسكرية، وتكوين المحاكم الشرعية، وتكوين جيش شعبي من 28 ألف مقاتل يؤازر الجيش الرسمي، وصدر قرار بتكوين مجلس للشورى، وقرارات أخرى لضبط القضايا المالية وبعض الأمور السياسية الداخلية والخارجية، واتفق المؤتمرون على كيفية لتحويل القرارات من الورق إلى الواقع، عن طريق تكوين حكم برلماني تكون المسؤولية فيه لرئيس الوزراء، وفوض المجتمعون الزبيري لاختيار رئيس للوزراء، ووافق جميع أركان الدولة اليمنية على قرارات مؤتمر عمران لكن السلال كان في القاهرة، فلما عاد كان مخالفاً لبعض القرارات لكنه تحت الضغط الشعبي استجاب في الظاهر وماطل مماطلة كبيرة؛ فلم ينفذ ما اتفق عليه، والسبب في هذا أن المصريين لم يكونوا يرغبون في تنفيذ هذه القرارات وهم قوة السلال واعتماده كان عليهم.
اغتياله
ولما خاب أمل الزبيري في السلال أنشأ حزب الله ليجمع فيه الجمهوريين والملكيين؛ لكنه لم يستمر إلا ثلاثة أشهر انتهت باغتياله، واغتيل وهو مستعد لعقد مؤتمر في خمر عاصمة قبائل حاشد التي كان زعيمها الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر من أجل كتابة دستور جديد لليمن، فاغتيل في جبال برط وهو خارج من المسجد بعد صلاة الجماعة سنة 1384هـ في ذي الحجة 1965م ووفاء للزبيري اجتمع الشعب في مؤتمر وقرروا أن يكون الدستور قائماً على الإسلام..
حياة زاخرة
كانت حياته قصيرة؛ لكنها كانت زاخرة بالفكر والتربية والعطاء وكان زاهداً يؤثر الزهد في شأنه كله، فقد أحضر له الضباط بعد الثورة أثاثاً من منزل الإمام، فرفض استلام شيء منه، وأصر في وزارته ألا يأخذ من مرتبه شيئاً فوق حاجته فمات وهو مدين، ومنحته الجالية اليمنية في السودان الذي كان يزوره من أجل الدعوة والإصلاح مبلغاً يستعين به على العيش فأصرّ على إرجاعه، ولما حج مع علي بن عبدالله الوزير مدح الملك عبدالعزيز بقصيدة اهتز لها ابنه سعود فأعطاه بضعة آلاف من الريالات وكانت مبلغاً كبيراً آنذاك فرفض العطية وأرجعها.
والزبيري رائد كبير من رواد الإصلاح في اليمن فهو أول من تقدم إلى الإمام يحيى ببرنامج إصلاحي، وأول من قاد معارضة منظمة، وأول وزير للتربية والتعليم، وأول من أنشأ حزباً، له أربعة كتب يتضح فيها فهمه للمنهج الإسلامي وشمولية دعوته، وسموّها على الوطنية والحزبية، وفيها تحدث عن الغزو الفكري وضرورة الأخذ بالعلوم الحديثة، وله ديوانا شعر، وآلاف المقالات والبحوث والخطب، قال عنه الشيخ عبدالمجيد الزنداني وكان مصاحباً له مدة طويلة: له قدرة بارعة على تجميع الناس على اختلاف انتماءاتهم الحزبية أو القبلية، يبش في وجوههم، ويستمع إلى آرائهم، أحبه خصومه وأصدقاؤه.
ومن ريادته الواضحة أنه أنشأ أول مؤتمرات شعبية يشهدها العالم العربي كله وربما الإسلامي أيضاً.