أثارت تصريحات وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، بشأن حرب اليمن، جدلا وغضبا واسعين في اليمن والمنطقة العربية، بعد اعتباره أن "السعودية والإمارات تعتديان على الشعب اليمني، وأن جماعة الحوثي تمارس الدفاع عن النفس".

وقال قرداحي ضمن برنامج "برلمان شعب" (من إنتاج قناة الجزيرة) بث، الإثنين، اعتبر خلاله أن الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم ضد ما قال إنها "اعتداءات السعودية والإمارات".

واعتبر وزير الإعلام اللبناني -خلال مؤتمر صحفي عقده الأربعاء، في مقر "المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع" (هيئة رسمية) في العاصمة بيروت- أنه لم يخطئ بحق أحد لكي يعتذر.

وقال قرداحي -في سلسلة تغريدات  على تويتر- "لم أقصد ولا بأي شكلٍ من الأشكال، الإساءة للمملكة العربية السعودية أو الامارات اللتين أكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء".

وأردف: "ما قلته بأن حرب اليمن أصبحت حربا عبثية يجب أن تتوقف، قلته عن قناعة ليس دفاعا عن اليمن، ولكن أيضاً محبةً بالسعودية والإمارات وظناً بمصالحهما".

وسارع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، إلى التبرؤ من كلام وزير الإعلام، وقال في بيان الثلاثاء إن "هذا الكلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقا، خاصة في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديدا الأشقاء في السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي".

وفي السياق أعرب مجلس التعاون لدول الخليج العربية، عن "رفضه التام" لتصريحات قرداحي حول الأزمة اليمنية، معتبرا أنها "تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث"، بينما الخارجية السعودية استدعت السفير اللبناني في الرياض للاحتجاج على تصريحات وزير الإعلام قرداحي.

وأشعلت هذه التصريحات غضب السعوديين والإماراتيين، الذين استحضر بعضهم فيديو سابق لقرداحي وهو يشيد بالسعودية، واتهموه بمجاملة "حزب الله" اللبناني، لوجوده في الحكومة.

وفي اليمن توالت ردود فعل اليمنيين حول تلك التصريحات، منهم من سارع في الدفاع عن التحالف وآخرون يرون أن قرداحي أساء لليمنيين أكثر والذي جعل من الحوثيين ممثل حصري لليمن وتناسى أيضا جرائم الجماعة التي انقلبت على الدولة واستمرأت القتل والانتهاكات بحق اليمنيين.

وزير الإعلام اليمني معمر الارياني قال إن تصريحات قرداحي غريبة وتعكس جهلا فاضحا بالشأن اليمني وانحياز أعمى لجماعة الحوثي التي انقلبت على الدولة.

وبحسب الارياني فإن تصريحات قرداحي تجاهلا لدور نظام إيران وأجندته التوسعية باليمن والمنطقة، في إدارة الانقلاب وتفجير الحرب وتقويض جهود التهدئة ووقف إطلاق النار وإحلال السلام.

الصحفية سامية الأغبري وصفت تصريحات قرداحي بالغبية، وقالت إن "التحالف ارتكب جرائم وصفتها بـ "البشعة" بحق اليمنيين، جاء ومعه اطماعه ومصالحه ودمر البلد". وأضافت أن "الحوثي يدافع عن نفسه وعن اليمنيين فهو تصريح غبي من إعلامي كبير، ومتوقع ممن طبل للأسد وجرائمه"، حد قولها.

وتابعت "الحوثي هو أساس العدوان، وهو سبب تدخل التحالف وجاءته فرصته، لما طلبت منه  الشرعية التدخل خصوصا بعد ما قام الحوثي يستعرض قوته على الحدود مع السعودية وهو ما اعتبرته السعودية  تهديد لها إضافة إلى الفرصة لتحقيق أهدافها وأطماعها".

وأردفت الأغبري بالقول "الحوثي هو من اعتدى ومازال على اليمنيين، هو من أشعل الحرب  وشرد اليمنيين، وفجر منازلهم، هو من تمتلئ معتقلاته بالأبرياء، هو من يقتل ويسرق الفقراء وهو من يمارس الطائفية والعنصرية في مناطق سيطرته، يمكنك يا قرداحي إن أردت أن ترى بعين المنصف وإن كان عندك ذرة إنسانية أن ترى جرائم الحوثي أيضا".

الكاتب الصحفي فتحي أبو النصر تساءل بالقول: ما الذي جعل قرداحي يتحدث عن الحرب في اليمن وهو لا يفهم شيئ؟

وأضاف "الحرب ليست بين اليمن والسعودية، هذه مغالطة، الحرب بدأت قبل تدخل التحالف بنصف عام،  ميليشيا مسلحة طائفية مدعومة إيرانيا تقوض الدولة والمجتمع وتعيدهما للكهنوت كما تهدد كل الجوار بحرا وبرا وجوا".

الكاتب الصحفي شاكر أحمد خالد انتقد تصريحات قرداحي لكنه انتقد الأصوات التي تحاول تبرئة التحالف من ممارسته الجرائم وانتهاك للسيادة والحرب العبثية في البلاد.

وقال "تحالف السعودية مظلوم".. بهذا المنطق يحاول البعض جاهدا التسويق للتحالف السعودي - الإماراتي باعتباره كان صادقا مع اليمن ولكنه تعرض للغدر من الشرعية أو من بعض أطرافها، بينما رموز هذه الشرعية راقدين تحت أرجل قيادة التحالف في الرياض.

الإعلامي سمير النمري يرى أن الحوثيين هم المعتدين على الشعب اليمني وهم سبب نكبته ودماره، وهذه حقيقة لا نقاش فيها.

‏وتساءل النمري: ماذا عن التحالف السعودي الإماراتي؟ جاء لتنفيذ أجنداته وأطماعه تحت ذريعة محاربة الحوثيين، احتل السواحل والجزر ودمر المؤسسات وقصف الجسور وقطع أوصال المجتمع فكان كمن يصب الزيت على النار.

الناشطة اليمنية سارة عبدالله حسن انتقدت تصريحات قرداحي وتراجعه عن اتهامه للسعودية والإمارات  بشن حرب عبثية على اليمن.

وقالت "يتحدث قرداحي من برجه العاجي عن اليمن، ثم يتراجع عن اتهامه السعودية والامارات بشن حرب عبثية عليها، لم يتذكر أن يعتذر لليمنيين عن ادعائه أن الحوثي يدافع عنهم، فليس له مصلحة معهم ليعتذر، وهذا تصرف يدل على احتقاره لليمنيين ومساندة المليشيا التي تقتلهم"، مضيفة "تبريراته كلها لم تكن منطقية، فقد سقط القناع".

في حين قال المحلل السياسي عبدالسلام محمد "يفترض الرد على نصر الله ووزيره قرداحي بدعم الأبطال على الأرض بكل الامكانيات العسكرية حتى الوصول إلى محيط صنعاء".

وأضاف "أما الهياط الاعلامي ضد تصريحات لا تقدم ولا تؤخر، والجيش الوطني بالسلاح الخفيف يواجه قوات الحوثي المدججة بكل أنواع الأسلحة من القناصات المتطورة إلى الصواريخ الحرارية والدرونز".

الكاتب الصحفي مصطفى الجبزي انتقد تصريحات قرداحي فقال "الحوثي معتدي، هذا أمر معروف لكن.. ويبدأ في تفصيل عيوب واخطاء وجرائم التحالف".

وأشار الجبزي إلى أن قرداحي بهذه الطريقة يسهم في دفن عيوب وأخطاء وجرائم الحوثي لأنه أعفى نفسه ويدفعك معه إلى صرف النظر عن هذا "العدوان" ولا يذكره كمياً كما يذكر ويفصّل افعال التحالف. لقد أراد أن يكون في صف الحوثي ولكن بفنّيات.

وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي غرد قائلا: "يجب أن يفهم قرداحي وغيره من جوقة حزب الله أن الحوثي لا يمثل الشعب اليمني".

يضيف "نحن نعتقد أن هذه التصريحات لا تمثل الشعب اللبناني الشقيق الذي يعاني من مليشيا إيران ما يعانيه الشعب اليمني من مخلب إيران الحوثي"، مشيرا إلى أن السعودية جاءت بطلب من الشرعية التي تمثل الشعب اليمني