[ للشاب نجم الدين مشروع توصيل طلبات إلى المنازل في مأرب ]
أجبرت ظروف الحرب في اليمن الشباب على التخلي عن طموحات وآمال كانوا يحلمون بها أو تأجلت إلى أجل غير مسمى، فنجم الذي أجل أحلامه منذ سنوات لازال حتى اليوم يبحث بين ركام الحرب عن مشاريع تعطيه بصيص أمل بالوصول إلى حلمه في بلد أهملت فئات الشباب بمختلف آمالهم سوى أن يكونوا وقود الحرب وجنودها لمختلف أطراف الصراع وحسب.
نجم الدين (23 عاما) عمل في الكثير من الأعمال بعد أن أكمل دراسته الثانوية، وكأي شاب يمني من هنا تبدأ رحلة التعاسة والشقاء للعمل والبحث عن مسار لتحقيق حلم صغير في مخيلة شاب ناشئ، لكن الواقع الذي يصطدم به الشاب اليمني يعيده إلى نقطة الصفر للبحث عن طريق توفير لقمة عيش يحيى من خلالها، ومن حظي بها، يفكر لاحقا بإكمال تعليمه الجامعي في ظل معاناة كبيرة بين توفير مصاريف تعليمه واستمرار دراسته أو بدء مشروع اقتصادي من أجل بقائه ولا منحنى آخر سواهما.
ينحدر الشاب نجم الدين مهدي من محافظة ريمة وسط البلاد نزح إلى مأرب للبحث عن عمل يصعد من خلاله إلى تحقيق حلمه المتعثر والذي منعته الحرب من تحقيقه وأجبرته على العمل من أجل توفير لقمة العيش بدلا من حلم ولد وشاب في مخيلته منذ صغره ولازال يسعى لتحقيقه رغم مضي أكثر من 20 عاما.
يقول نجم الدين لـ"الموقع بوست" إنه قبل أن يلتحق بالأعمال في محال تجارية مختلفة كان يحلم بأن يكون مصورا فوتوغرافيا، لكن هذا الحلم صعب المنال حتى الآن على أن يعتليه نجم -حسب وصفه- لكنه لا زال ذلك الحلم يدور في مخيلته باستمرار لم يتخل عنه حتى اليوم، فنجم يعمل جاهدا وبطموح شاب لم تهزمه تعاسة البلد بما هي فيه من حرب دمرت أحلام آلاف الشباب اليمني.
ورغم أنه كان يطمح بأن يأتي العام 2020 وقد أصبح الحلم حقيقة وبات نجم مصور كبيرا ولديه كل احتياجاته، لكنه تأجل تحقيقه كثيرا، وفي الحقيقة لم يمت الحلم بل يحيى كل يوم ويوقظ أحلامه كل حين ليبذل مزيدا من الجهد في أعمال أخرى توصله سريعا إلى تحقيق حلمه، وانتظر كثيرا حتى يأتي يوم تحقيق حلمه، مشيرا إلى أن الحرب هي التي أخرت وهي العائق الكبير أمام تحقيق أحلام الشباب اليمني وطموحاتهم.
وقال نجم إنه عمل كثيرا في مطاعم مختلفة ومحال تجارية أخرى كعامل بالأجر اليومي أو الشهري في محافظات يمنية مختلفة ولم تفتك الأوضاع المعيشية والاجتماعية والسياسية التي تعيشها البلد بطموح نجم، فهو نموذج ناجح للشاب اليمني القوي والمعتق بالطموح الذي يكسر الواقع أينما كان وكيفما كان، فالأهداف لا تموت بسبب الحرب إنما بسبب العجز، يقول نجم مهدي.
تعلم مهدي كثيرا في مجال طموحه وحلمه (التصوير الفوتوغرافي) من دورات تدريبية نظرية وتطبيقية والتحق بعدد من الدورات عبر الإنترنت وفي معاهد التدريب وبات حلمه بين قوسين من التحقق، لكن للتصوير أدوات باهظة الثمن لا يقوى عليها نجم كما هو حال الكثير من أدوات مهن يطمح الشباب بالوصول إليها وتحقيقها، لكن الإمكانيات تخذل الكثير من الوصول إلى طموحاتهم وزادت الحرب التي تشهدها اليمن طينهم بلة كما يقال.
شمر نجم عن سواعده بكل أمل وعزيمة وخط خارطة طريق لمشروع اقتصادي جديد ليجني من خلفه أموالا يساعد بها أسرته على العيش وتحقيق حلمه كمصور فوتوغرافي وشراء حاجاته وأدواته من كاميرات وملحقات التصوير الضرورية من وراء ما سيجنيه من أرباح مشروعه المولود قبل شهر واحد.
استغل نجم اسمه ليكون شعار مشروعه المبتدئ (النجم السريع لتوصيل الطلبات) كما استغل محافظة مأرب والمحافظات الجنوبية والشرقية التي تخلو من أمثال هذا المشروع لينطلق فيها ويتسع مشروعه المميز والبسيط "هذا المشروع العمل فيه بسيط وغير متعب ولا حتى أدواته مكلفة"، يقول نجم.
بدأ بشراء دراجة نارية وعليها صندوق لحفظ طلباتهم وإيصالها إلى منازل زبائنه وأماكن أعمالهم بأجر مناسب يقول نجم الذي يطمح لتوسيع مشروعه (توصيل الخدمات) في مختلف المحافظات الشرقية والجنوبية للبلاد والتي كما يقول إنها خالية من أمثال مشروعه، مشيرا إلى أن صنعاء والمحافظات الوسطى ليست خصبة لمثل مشروعه والذي يجني من خلاله معارف وأصدقاء بالإضافة إلى المال.
يقول نجم إن آمال زملائه وطموحاتهم الذين تعرف عليهم خلال عمله في المطاعم تأجلت أيضا بسبب الحرب ولا يختلف وضعهم عن وضه من كل النواحي، فمن حلم بأن يكون طبيبا وآخر أستاذا جامعيا بعد تحضير الماجستير هم اليوم عمال بالأجر اليومي أو الشهري يطمحون من خلاله لتوفير لقمة عيش لهم ولأسرهم في زمن باتت لقمة العيش صعبة المنال للجميع في ظل الحرب التي تشهدها اليمن منذ سبعة أعوام تقريبا دمرت كل شيء، حسب وصفه.
منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية لم تلتفت كثيرا إلى أوضاع تنمية الشباب والاهتمام بهم بقدر اهتمامها في المرحلة الحالية في البلد بالجوانب الإغاثية للنازحين والمشردين من الحرب والمتضررين منها، يقول نجم إنه لم يتلق أي دعم أو تمويل أو أي مساعدات من قبل أي منظمات محلية أو خارجية، حيث أهملت المنظمات جوانب تنمية الشباب في حين يحتل الشباب أهم فئات المجتمعات.
وبحسب إحصائيات لمنظمة الأمم المتحدة فإن الحرب تسببت بفقدان الأعمال وانخفاض فرص التوظيف، مما رفع نسبة البطالة في الاقتصاد اليمني إلى مستويات قياسية وبنحو 32% من إجمالي القوة العاملة في البلد.