[ فريق الهلال الأحمر التركي في عدن ]
كثفت تركيا خلال سنوات الحرب الأخيرة في اليمن نشاطاتها الإنسانية في البلاد، وتحديدا في المحافظات التي تشهد معارك من وقت لآخر، وتعيش في ظل ظروف صعبة.
بدأت تركيا ذلك التوجه عقب إعلان الرئيس رجب طيب أردوغان، في مارس/آذار 2015، عن إطلاق بلاده حملة مساعدات إنسانية لمساعدة المحتاجين في اليمن وإفريقيا الشرقية، سينفذها الهلال الأحمر التركي.
ثم نفذت لاحقا تلك الحملات في اليمن بمحافظات عدن، ولحج، وحضرموت، وأبين، وتعز، ومأرب، والجوف، وتقديم أيضا منح علاجية للجرحى.
وتقوم منظمات تركية من بينها الوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، إلى جانب الهلال الأحمر التركي، بتنفيذ حملات إغاثية إنسانية مع اندلاع الحرب في 2015، وأدى ذلك إلى انفتاح الحكومة اليمنية على أنقرة وعقد بعض الاجتماعات بين الجانبين سابقا لفترة، خاصة مع تأكيد الأخيرة دعمها للسلطة.
عرقلة الأتراك في الجنوب
لم يمر ذلك التوجه بسلام، فقد تعاملت معه الإمارات العربية المتحدة بحذر شديد، وأبدت رفضها له علنا، وقابلته باحتجاز الموظفين، ومنع وصول سفن مساعدات تركية إلى عدن، وشاركت في عدم قبول نشاط تركيا كذلك المملكة العربية السعودية، التي ساهمت صحفها مع أبوظبي بالتحريض ضد العمل التركي في الجانب الإنساني، واعتباره محاولات لمد نفوذ.
وصل الأمر يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول حد شن هجوم مسلح من قِبل أشخاص مجهولين، تضرر بسببه المسؤول المالي ببعثة الهلال الأحمر التركي، الذي تعرض لرصاصتين في رأسه في عدن الخاضعة لسيطرة مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي، تم نقله على إثرها إلى أحد المستشفيات لتلقي الرعاية الصحية، فضلا عن نهب كل ما كان في حوزته أثناء ذهابه لشراء بعض الحاجيات.
استهداف ممنهج وأجندة مشبوهة
يربط الصحافي كمال السلامي بين التحريض الإعلامي الذي نفذته وسائل إعلام محسوبة على الإمارات والانتقالي والذي استهدف نشاط الأتراك الإنساني، وبين محاولة اغتيال المسؤول في الهلال الأحمر التركي، قائلا إن الجديد فيما حدث أن الاستهداف يشكل تحولا خطيرا من عرقلة مهام تلك الفرق ومحاولة إعاقتها، إلى استهداف حياة العاملين فيها.
وفي تصريحه لـ"الموقع بوست" اعتبر الاستهداف مؤشرا خطيرا على أن الانتقالي ومن ورائه الإمارات قد اتخذوا قرار وقف العمل الإغاثي التركي في المناطق المحررة وخصوصا عدن، ما يعني حرمان اليمنيين من هذا الدور غير المسيس.
وبحسب السلامي، فإن التحالف وخصوصا الإمارات تسعى لإخلاء الساحة الإنسانية لتنفيذ أجندتها المشبوهة عبر مؤسسة خليفة التي يعتبرها كثيرون ذراع استخباراتية تتخفى وراء قناع إنساني.
وباعتقاده فالإمارات وأدواتها معنيون بهذه الجريمة، ولا يستبعد أن تكون الرياض منخرطة في الموضوع، خصوصا أن الذباب الإلكتروني ووسائل الإعلام التابعة للدولتين تخوض حملات تشويه ممنهجة ضد تركيا منذ مدة.
وأشار الصحافي اليمني إلى أن تركيا تقوم بدور إنساني كبير في عدن وتعز ومأرب ومحافظات أخرى، ونشاطها تم بالتنسيق مع الحكومة الشرعية، ولها دور بارز يشهد له الناس المستفيدون من نشاطها، مؤكدا أنه لا يوجد باعتقاده ما يثير الريبة بخصوص هذا الدور، فتركيا سباقة في تقديم يد العون لليمنيين، بالرغم من القطيعة غير المبررة التي أبدتها ولا تزال السلطة تجاه أنقرة.
مساعٍ لإلغاء الوجود التركي
يتفق الإعلامي عبد الرقيب الأبارة مع ما طرحه السلامي، فهو يرى أن الإمارات تسعى لإلغاء كل وجود تركي في عدن، وعدم السماح لأي جهة لمساعدة أبناء تلك المحافظة، ويحملها مسؤولية محاولة الاغتيال الأخيرة، كونها من تحكم في عدن، كما ذكر لـ"الموقع بوست".
وبالنسبة للتواجد التركي في عدن وتعز وغيرهما، فهو يرى أنه يندرج تحت يافطة العمل الإنساني للهلال الأحمر التركي.
ووفقا للأبارة، فإن الإمارات تخشى من أي وجود تركي، حتى لا يقلل ذلك من سيطرتها على عدن.
مخاوف
وتزداد المخاوف من إمكانية انهيار الوضع الإنساني بشكل أكبر، بسبب القيود الكثيرة والمضايقات التي يتعرض لها العاملون في المجال الإغاثي، سواء في مناطق سيطرة الحوثيين أو باقي المحافظات.
وتعيش عدن وكثير من المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة أوضاعا إنسانية صعبة، بسبب غياب الدولة، واستمرار انهيار الوضع الاقتصادي، الذي يفاقم حياة المواطنين، بسبب الغلاء المعيشي غير المسبوق جراء فقدان الريال اليمني قيمته أمام العملات الأجنبية.
ومؤخرا توفي أكثر من ألف شخص في عدن بسبب فيروس كورونا الذي تزامن حدوثه مع موجة إصابات بمرض المكرفس، في ظل تدهور الأوضاع الصحية في تلك المحافظة.
ولعبت تركيا دورا بارزا في اليمن منذ ثورة فبراير/شباط 2011، لكنها بدأت بالاصطدام مع الدول التي تدخلت في اليمن عام 2015، أبرزها الإمارات والسعودية اللتان تشهد علاقتهما بأنقرة توترا ملحوظا، خاصة منذ أزمة حصار قطر.