[ مؤتمر المانحين لدعم اليمن ]
ينعقد اليوم مؤتمر المانحين لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2020، الذي نظمته المملكة العربية السعودية، بالاشتراك مع الأمم المتحدة، لتسليط الضوء على الأوضاع المعيشية الصعبة في البلاد، وتقديم الدعم للحكومة.
تعول الحكومة اليمنية كما يبدو على مؤتمر المانحين لليمن لتخفيف الأزمة الإنسانية في البلاد، إذ وصفه وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نجيب العوج، بالمنعطف المحوري في أهمية تحمل المجتمع الدولي لمسؤوليته.
تتطلب خطة هذا العام مليارين و400 مليون دولار. في المقابل لا يلتزم مختلف المانحين بدفع المبالغ التي أعلنوا عنها، وهو السيناريو الذي يتكرر سنويا، خلال مؤتمرات المانحين المماثلة.
وبحسب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن وكالات الإغاثة العاملة باليمن تحتاج إلى 2.41 مليار دولار لتغطية المساعدات الأساسية للسكان، خلال الفترة من يونيو/حزيران الجاري، حتى ديسمبر/كانون أول المقبل، مؤكدا أن عدم توفير قيمة المساعدات سيؤدي إلى إغلاق أكثر من 30 برنامجا من أصل 41 برنامجا أمميا لدعم اليمن في غضون أسابيع.
أوضاع إنسانية صعبة
يتزامن هذا المؤتمر مع أوضاع إنسانية صعبة تعيشها اليمن، جراء انتشار كثير من الأوبئة أبرزها فيروس كورونا المستجد الذي حصد أرواح مئات اليمنيين الذين لم يتم تسجيلهم رسميا بسبب عدم توفر الفحوصات اللازمة، وعدم زيارة كثير منهم للمستشفيات.
ويعاني القطاع الصحي في اليمن من أَضرار بالغة جراء الحرب التي دخلت عامها السادس، فوفقا لوزير الصحة العامة والسكان ناصر باعوم فقد تضرر 60% من إجمالي المنشآت الصحية.
ويدعو وزير الصحة المنظمات والدول المانحة كافة إلى دعم اليمن، والبدء بدعم القطاع الصحي ضمن خطة الاستجابة الإنسانية العاجلة، لرفع قدرة القطاع وتمكينه من مواجهة التحديات القائمة، والعمل على توفير مستشفيات ميدانية وكوادر طبية مؤهلة، ومختبرات فحص PCR ومحاليلها وأجهزة التنفس الصناعي وأدوات الحماية والوقاية في القطاع الصحي.
وسجلت اليمن عشرات الوفيات والإصابات بفيروس كورونا، أما في عدن فوصل عدد الوفيات بمختلف الأوبئة في شهر مارس إلى 1800، وهو رقم يكشف عن هشاشة الوضع الصحي في العاصمة المؤقتة عدن.
وفقد نحو 80% من حجم القوى العاملة في البلاد وظائفهم، إضافة إلى ذلك فإن حوالي 82% من السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، خاصة مع انقطاع الرواتب في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
إضافة إلى ذلك فاليمن يعاني من انهيار الوضع الاقتصادي، فقد تجاوز سعر الدولار الواحد 700 ريال يمني، وهو ما ينعكس سلبا على ارتفاع الأسعار، ويزيد معاناة المواطنين.
ومن المتوقع أن يزيد حجم الكارثة الاقتصادية، خاصة مع قرب نفاد الوديعة السعودية التي عملت على تماسك اقتصاد البلاد مؤقتا، بعد أن هوى سعر الريال قبل عامين ووصول سعر الدولار إلى ألف ريال.
وأدت الحرب إلى إيقاف تصدير النفط الذي تعتمد اليمن عليه بشكل كبير في ميزانيتها، وتم استئناف التصدير لكن بشكل محدود من بعض المناطق، لكن الأوضاع غير المستقرة تعيق ذلك من وقت لآخر، بسبب الاعتداءات على أنابيب الذهب الأسود.
حجم تأثير المؤتمر
أما كل تلك المشكلات التي تواجهها اليمن التي باتت اليوم دون حتى بنية تحتية، يرى الباحث في الشئون الاقتصادية نبيل الشرعبي أن مؤتمر المانحين هذا العام لن يختلف عن مؤتمرات المانحين السابقة، ولن يحدث فارقا إيجابيا في واقع ما تبقى من صورة شكلية أو بقايا أطلال اقتصاد بلد أنهكته الحرب والصراع.
وقال لـ"الموقع بوست" إن يافطة مؤتمر المانحين هذا والمختزلة في دعم خطة الاستجابة الإنسانية، حُكم عليه مثل سابقيه بالوأد قبل ميلاده، فهو لم يهتم لواقع بلد ممزق وغارق بالحروب والصراعات، بل جاء استجابة لرغبة جهات خارجية في مقدمتها الأمم المتحدة وهيئاتها العاملة في اليمن.
إضافة إلى ذلك، فهو كما يعتقد الشرعبي مفصل على مقاس رغبة هذه الهيئة الأممية والمنحصرة في تمويل أنشطتها التي لم نلمس كيمنيين غير جردات حسابات بمليارات الدولارات كما يجري الإعلان عنه، أما على أرض الواقع فلم يتغير شيء للإيجابي.
ومن وجهة نظر الباحث اليمني، فمؤتمر المانحين هذا ليس من أجل خلق تعافٍ أو لترميم شروخ بقايا أطلال الاقتصاد اليمني، بل تنفيذا لرغبة هيئات الأمم المتحدة فيما يشبه تبادل خدمات بينها وبين السعودية.
توقعات وصعوبات
وسبق أن أعلنت الأمم المتحدة جمع نحو 10 مليارات دولار من تبرعات دول وحكومات وجهات مانحة لتنفيذ خطتها الإنسانية في اليمن، وهو ذات الرقم الذي أعلنت عنه منظمات أخرى، لكن تقارير أخرى كشفت بأن هناك فسادا كبيرا يحدث، ولا يتم الاستفادة من المساعدات والتبرعات إلا على نحو يسير، إذ يتم صرف مبالغ كبيرة على نثريات للعاملين في تلك المنظمات.
في صعيد ذلك، يتوقع الخبير الاقتصادي مصطفى نصر أن يتم تغطية نسبة كبيرة من الاحتياجات المعلنة، لكنه يؤكد أن المشكلة الحقيقة تتمثل في وصول تلك المساعدات لمستحقيها، ناهيك عن تدخل سلطات الحوثيين في توجيه المساعدات بالطريقة التي يريدونها، الأمر الذي أدى إلى انسحاب بعض المانحين وتوقيف الدعم.
وفي منشور له بصفحته على فيسبوك، فهو يذكر أنه لا يكفي أن يتم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، ما لم يتم دعم الاقتصاد اليمني بصورة مباشرة وعاجلة من خلال وديعة جديدة لدعم استقرار العملة وتمويل استيراد السلع الأساسية.
ولفت نصر إلى غياب أطراف فاعلة عن المؤتمر كالقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني المحلية وتستعرض فيه الدول تدخلاتها، فضلا عن غياب تام لما تبقى من سلطة للحكومة وتزايد حالة الشتات الداخلي واستقواء سلطات الأمر الواقع وتصاعد ضراوة الصراع على ما تبقى من موارد لا تشبع نهم الطامحين.
وأكد في ختام منشوره أن السعودية التي تنظم المؤتمر بالتعاون مع الأمم المتحدة أمام مسؤولية إنسانية وأخلاقية، كونها المتحكم الرئيسي بشؤون اليمن تحت مظلة "تحالف دعم اليمن"، لاسيما وأن هذا المؤتمر يأتي في مرحلة صعبة تعيشها اليمن والعالم بسبب تداعيات فيروس كورونا.
وسبق أن أعلن السفير السعودي لدى اليمن، محمد سعيد آل جابر، أن بلاده ستساهم بنصف بنصف مليار دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، سيتم تخصيص 25 مليون دولار منها لمواجهة فيروس كورونا.
بينما أعلن وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، أن لندن ستخصص مبلغا قدره 160 مليون جنيه إسترليني لمحاربة فيروس كورونا في اليمن وتجاوز الأزمة الإنسانية في هذا البلد.
ويحمل مندوب ألمانيا لدى الأمم المتحدة، كريستوف هيوسغن، السعودية الكثير من المسؤولية عما يجري في اليمن حروب وأزمات إنسانية.
يُذكر أن جماعة الحوثي أعلنت رفضها تنظيم السعودية مؤتمر للمانحين، وقال الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، إن لجوء المملكة إلى تنظيم مؤتمر للمانحين في ظل استمرار الحرب والحصار هروب من أصل المشكلة.