[ الحياة مستمرة إلى جوار الحرب ]
تشهد الأسواق في محافظة الضالع ازدحاماً شديداً وإقبالا غير مسبوق مع حلول شهر رمضان كل عام.
ينشغل المواطنون قبل حلول شهر رمضان وحتى اليوم الثالث منه بتوفير المتطلبات لأسرهم، بيد أن الظروف المعيشية الصعبة وحالة الفقر والعوز التي تعاني منها كثير من الأسر جعلت مسألة الإعداد للشهر قبل حلوله أمرا بالغ الصعوبة، وفق المواطن عبد الله عادل.
غلاء فاحش
يشكو المواطن عبد الله عادل -كما هو ذات حال أغلب المواطنين في محافظة الضالع- من ارتفاع جنوني لأسعار المواد الغذائية والخضروات.
ورصد "الموقع بوست" -في جولة ميدانية- نسبة زيادة في أسعار المواد الغذائية في محافظة الضالع خصوصاً مواد: الدقيق والقمح والأرز والزيت.
وأوضح مانع سعيد -مالك متاجر للمواد الغذائية- في مدينة الضالع لـ"الموقع بوست" أن نسبة الزيادة في أسعار السلع الغذائية تراوحت مابين 1500 ريال وثلاثة آلاف ريال عن النسبة الطبيعية للسلع الغذائية الأساسية، دون أن يوضح أسباب ذلك.
سخرية مُرة
في محل بيع المواد الغذائية كان المواطن فضل علي منهمك في شراء متطلبات أسرته لرمضان، وعلى عجل رد على سؤال لمراسل "الموقع بوست" حول سبب ارتفاع الأسعار بالقول إن عبوة زيت الطبخ "20 لتراً" وصلت إلى 15 ألف ريال، مقارناً الأمر -بمفارقة مرة- بعبوة البنزين 20 لتراً التي قال إنها تباع بـ 3500 ريال، بثمن أرخص من سعر عبوة زيت الطبخ.
وأضاف في سخرية "يبدو أننا سنطهو "السمبوسة" بالبترول عوضاً عن زيت الطبخ خلال هذا الشهر".
بدوره يشكو المعلم محمد صالح -الذي بدا ممتعضاً خلال الحديث- قائلاً لـ"الموقع بوست" إن راتبه الشهري البالغ 60 ألف ريال لم يعد يكفي لتوفير متطلبات أسرته من الغذاء ناهيك عن متطلبات رمضان، راجياً أن يمهله تاجر المواد الغذائية بديونه المتبقية إلى الشهر القادم.
إقبال كثيف
وعلى الرغم من الارتفاع الجنوني للأسعار وتزايد المخاوف بشأن فيروس كورونا فإن كافة أسواق محافظة الضالع بدت مزدحمة في أول أيام شهر رمضان.
يعلق المواطن محسن قاسم محمد على ذلك بالقول: "الله الرازق، كل شيء سابر وكل مواطن سيتدبر أمره"، مشيراً إلى أن المواطنين في المحافظة لا يخشون من مخاطر كورونا ويقبلون على الحياة بشكل طبيعي.
الحياة مستمرة
وفي مديرية قعطبه (شمالي الضالع) شهدت الأسواق والشوارع الرئيسية إقبالاً كبيراً على الشراء من قبل المواطنين على الرغم من اشتعال المعارك بين القوات الحكومية ومقاتلي الحوثي في عدد من جبهات المديرية.
وفي حين تعج أسواق المديرية بالمواطنين تُسمع أصوات المدافع الناتجة عن تبادل القصف بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي شمال قعطبة، فالحرب لا تزال مستمرة في مناطق "باب غلق" و"الفاخرة" بمديرية قعطبة، وهي مناطق لا تبعد كثيراً عن مركز المديرية.
المواطنون يظهرون حالة عدم اكتراث تجاه الحرب ويمارسون حياتهم بشكل طبيعي، بينما تمر تعزيزات الجيش والمقاومة من الخط العام للمدينة نحو جبهات القتال في مشهد أصبح اعتياديا هنا في الضالع.
بالتزامن، كانت أصوات سيارات الإسعاف تتعالى في منطقة سناح وتكسر صمت المكان، وهي ظاهرة يعتبرها الناس دليلاً على اشتداد المعارك بين قوات الجيش ومقاتلي الحوثي.
في الجوار كان خوف المواطنين يزداد نتيجة اشتداد المعارك، ويخرج مواطن هاتفه ليتواصل بولده الذي يقاتل ضمن القوات الحكومية للاطمئنان على سلامته.
تجاوز لإجراءات الوقاية
لم تنقطع صلوات الجماعة في محافظة الضالع على الرغم من توجيهات منع التجمعات ضمن إجراءات الوقاية من كورونا، فإن مساجد المحافظة بدت ممتلئة والمصلون غير مكترثين بإجراءات الوقاية، وصلوات التراويح تقام في جل المساجد بالضالع.
منع
أما في مناطق سيطرة الحوثيين بالضالع وهي مديريات: دمت وجبن والحشاء، فقد منعت جماعة الحوثي الأهالي من إقامة صلاة التراويح لأسباب مذهبية كما هو الحال في المنطقة منذ سيطرة الجماعة عليها قبل خمس سنوات.
نظرة مغاييرة
يرى المواطن وليد عبد الله أبو بكر في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن شهر رمضان في اليمن هذا العام أفضل موسم، مرجعاً الأمر إلى أن كافة بلدان العالم تعيش في حالة قلق من وباء كورونا، في حين أن اليمن لم تشهد تفش للوباء ويعيش الناس بأمان وحرية تجوال نسبية، الأمر الذي يضفي قيمة رمزية للبلد المدمر بفعل الحرب.
لا جديد
يخالفه الرأي المواطن عبد الواحد المريسي، مؤكداً أن رمضان هذا العام لم يتغير فيه شيء عن الأعوام السابقة، ذلك أن حركة النزوح لا تزال مستمر للعام الخامس على التوالي.
وكان عبد الواحد المريسي قد نزح بمعية أسرته من منطقة "سون" إلى مديرية الحصين قبل خمس سنوات هربًا من جحيم الحرب والقصف الذي تشنه جماعة الحوثي على المنطقة وهو حال الآلاف من النازحين في مديريات الضالع الذين يعيشون أوضاعاً إنسانية مأساوية، بسبب النزوح.