[ سيطرة السعودية على منفذ شحن بالمهرة ]
تركت المملكة العربية السعودية كافة المناطق اليمنية المضطربة شمالاً وجنوباً للحوثيين والمجلس الانفصالي الجنوبي المدعوم إماراتيا بعد فشل ذريع في ميادين الحرب والسياسة، وحشدت قواتها صوب محافظة المهرة، بوابة اليمن الشرقية، وأكثر المحافظات استقراراً، منذ بداية الحرب قبل خمس سنوات.
وقابلت الرياض احتجاجات قبائل المهرة بمزيد من التصعيد وحققت هدفها في السيطرة على منفذ شحن آخر منفذ كان يقع تحت سلطة الحكومة الشرعية في اليمن.
فما وراء هذا التصعيد وما دلالات التوقيت؟ وما صحة المبررات التي أوردتها المملكة عبر المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي العميد تركي المالكي؟
واقتحمت القوات السعودية والموالون لها المعبر بعد انسحاب القبائل من المنفذ، بناء على وساطات قبلية وتوجيهات رئاسية، على أن يظل الوضع في المنفذ تحت حماية المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة الشرعية.
وعلى مدار يومين، حوّلت السعودية محافظة المهرة المسالمة إلى جبهة عسكرية رئيسية، وجعلت من قبائلها خصوماً يستوجب إسكاتهم باستخدام القوة المفرطة، ابتداء من المدرعات الحديثة، وصولاً إلى مقاتلات "أباتشي".
ولم تكتف السعودية بقمع سكان وقبائل المهرة عسكرياً، بل أرادت شرعنة وجودها بإطلاق توجيهات على لسان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، قالت وسائل إعلام سعودية إنّه وجّه فيها بـ"التعامل بحزم" مع المهربين.
كما أن الرياض لم تكتف باستخدام الشرعية كقفاز في سبيل استحواذها على أهم المنافذ البرية اليمنية، بل أظهرت متحدث التحالف العسكري تركي المالكي، على أكثر من وسيلة تابعة لها، يعلن "دعم جهود الحكومة اليمنية في التصدي للجريمة المنظمة بالمهرة".
وتؤكد قبائل المهرة أنّ الذرائع التي تسوقها السعودية لتبرير تواجدها العسكري في المهرة ومنفذ شحن باتت مفضوحة، لاسيما أنّ للحوثيين منافذ بحرية خاضعة لسيطرتهم وبإمكانهم تهريب ما يريدون عبر سواحل البحر الأحمر في محافظة الحديدة.
خنق الشرعية
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقوم بها التحالف باستهداف السلطة الشرعية في اليمن، فمنذ فترة انقلب التحالف العربي على أهدافه المعلنة للتدخل في اليمن بات يقوم بتضييق الخناق على الشرعية وتقويض سلطاتها في المناطق المحررة.
ويهدف التحالف من خلال ذلك إلى فرض أهدافه الخفية والتضييق على السلطة الشرعية لتبقى تحت رحمته وتنعدم أمامها الخيارات في حال فكرت بالتوجه لبدائل أخرى لمواجهة الانقلابيين الحوثيين، وتثبيت سلطتها واستكمال تحرير المناطق المحتلة، وبالتالي فإن أحكام التحالف سيطرته على كل المطارات والموانئ والمنافذ يأتي تحقيقا لهذا الهدف.
وبسيطرة السعودية على منفذ شحن تكون دول التحالف قد أحكمت سيطرتها على اليمن بشكل كامل، وتمكنت من خنق السلطة الشرعية بشكل تام باعتبار منفذ شحن يعد آخر منفذ كان تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
مصالح
محللون سياسيون استطلع رأيهم "الموقع بوست" قالوا إن التواجد السعودي في المهرة جاء مدفوعا برغبة في توطيد النفوذ من أجل مصالح اقتصادية، يأتي مشروع مد أنبوب نفطي من أراضيها عبر ميناء نشطون المطل على بحر العرب في طليعتها.
ويرى المحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني أن الرياض لديها مطامع في المهرة مثلها مثل الإمارات التي لديها مطامع في السواحل والجزر اليمنية وفي سقطرى بالتحديد.
فالمملكة -بحسب الهدياني- تأتي تحركاتها الأخيرة في المهرة في سياق ما تهدف إليه من مد أنبوب للنفط عبر المهرة إلى البحر العربي، موكدا أن هناك غض للطرف عن هذا العبث من قبل الشرعية التي قال إنها أصبحت مسلوبة الإرادة وبحكم المرتهنة بفنادق الرياض.
وهو ذات الأمر الذي أكدته لجنة الاعتصام السلمي في المهرة في آخر بيان لها تعليقا على التصعيد السعودي الأخير.
أهداف أخرى
ويتفق الخبير العسكري علي الذهب مع الرأي بوقوف المطامع خلف التحركات السعودية في المهرة، فالمملكة -حسب الذهب- لها مطامح بمد أنبوب النفط عبر المهرة والذي دار حوله جدل كبير.
ويشير الذهب إلى أن هناك جانب عسكري آخر وهو مد طريق بري من المحيط الهندي قد يكون مشابه للطريق البري الذي يربط بين عمان والسعودية، موضحا في حديثه لـ"الموقع بوست" أن لهذا الطريق البري هدف تجاري وعسكري أيضا في المقام الاول.