[ بحاح مع قيادات قوات التحالف في صورة خلت من الظهور بشكل رسمي ]
لليوم الثاني على التوالي تشهد العاصمة المؤقتة عدن عمليات تفجير انتحارية تستهدف المشهد الامني في المحافظة، وتزايدت حدتها بعد وصول نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد محفوظ بحاح.
لا يمكن فصل المشهد هناك عن جملة التحديات التي تواجهها البلاد من المشروع الانقلابي، لكن في كل الاحوال تعد أمارة واضحة بقدر ما تبرز الصعوبات التي تعيق استقرار نظام الشرعية، بقدر ما ترتد عليه كعوامل اخفاق، إن لم يتعدى الامر فرضيات اخرى.
مصادر سياسية وثيقة الاطلاع قالت لـ(الموقع) ان عملية عسكرية ضخمة يجري التحضير لها في العاصمة المؤقتة عدن بدعم من قوات التحالف العربي تتضمن محاصرة مديرية المنصورة، واقتحامها لتطهيرها من التنظيمات المسلحة، بعد تصاعد حوادث الاغتيالات فيها ووصلها الى رقم قياسي.
وذكرت المصادر ان قوة عسكرية ضخمة وصلت عدن لهذا الغرض، بعد اتفاقيات وتفاهمات قادها نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح مع الجانب الاماراتي بالتنسيق مع محافظ عدن عيدروس الزبيدي ومدير الامن العميد شلال شائع.
واوضحت المصادران الحديث عن هذا الامر بدأ بعد عودة بحاح، وجاء كنتيجة لزيارة المحافظ ومدير الامن للامارات، وافصاحهما عن خطة اكيدة لفرض السيطرة على المنصورة بعد تجنبهما الصدام مع القوة المسيطرة في المنصورة.
واشارت الى ان بحاح عقد اجتماعات مكثفة مع الجانب الاماراتي وقادة قوات التحالف من الدول الاخرى مؤخرا بحضور وزير الداخلية، وبدا بحاح خلال الاجتماع بزي غير رسمي في مؤشر على مدى تعقد الاوضاع هناك.
نشاط امني
و لوحظ مؤخرا نشاط بحاح الكثيف في التنسيق لهذا الامر، ومن ذلك اجتماعاته المتواصلة مع مسؤولين وشخصيات امنية وسياسية من بينها محافظ لحج.
تلك اللقاءات تمحورت حول الوضع الامني بشكل كبير.
وذكرت صحيفة الاتحاد الاماراتية ان عودة بحاح الاخيرة تأتي وسط تكثيف قوات الجيش والأمن من إجراءاتها في عدد من المديريات ضمن خطة جديدة دشنتها السلطات لتأمين المدينة التي شهدت وصول تعزيزات جديدة لتحقيق الاستقرار.
وفي السياق اكدت المصادر ان الاعلام الجنوبية اختفت من المنصورة مؤخرا بطريقة غريبة ومفاجئة خصوصا ساحة العروض وسط انتشار أمني يعد الاكثف منذ تحرير عدن.
وتعد المنصورة هي اكبر مديريات محافظة عدن، ولم تتعرض للعنف والقصف من مليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح اثناء سيطرتهم على عدن، وترزح حاليا بشكل كامل تحت سيطرة المسلحين.
وتكشف المعلومات ان عناصر مسلحة تحتل كثير من مباني الحكومة في المنصورة وتتمركز فيها، بما فيها مبنى المجلس المحلي الذي يرفع المسلحين علم التنظيم فوق المبنى.
ومن ابرز الشخصيات التي تتمتع بحضور طاغي قيادي يدعى "ابو سالم"، وسبق ان كان في قيادة المقاومة الجنوبية في المعارك التي خاضتها المدينة مع المليشيا الانقلابية، وكانت له مواقف مشرفة في معركة التحرير عندما تصدى مع مسلحيه لأعمال البلطجة التي اعقبت تحرير المدينة.
وتبدي المصادر في سياق تصريحها لـ(الموقع) تخوفها من انزلاق الطرفين نحو صراع جديد، قد تستغله قوى داخلية لتنقض على المحافظة مرة اخرى، خصوصا تنظيم القاعدة الذي يتواجد في محافظتي لحج وابين المجاورتين لعدن، وخلايا المخلوع صالح التي تلتقي مع رغبة حوثية في الانتقام من نظام الشرعية.
الحديث عن الحضور الاماراتي بدا في تصدر الامارات للجانب الامني، عبر مشاركة اللواء الركن سيف مصبح عبدالله المسافري رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة في مختلف الاستعدادات العسكرية التي تشهدها المحافظة، وحفلات التخرج المستمرة للجنود المنتمين للمقاومة الجنوبية.
ووصفت صحيفة البيان قبل يومين ما يجري بأنه يأتي في سياق قيام قوات التحالف العربي بعمليات التدريب والتأهيل ضمن منظومة متكاملة لإعادة تأهيل وتدريب مختلف القطاعات الأمنية والعسكرية في اليمن للمحافظة على استقرار المناطق المحررة ومواصلة العمليات على الجبهات القتالية الأخرى.
بالنسبة لوزير الداخلية الطاعن في السن اللواء حسين عرب، فلا يبدو انه يستطيع تقديم شيئا يذكر، فالامر ليس بيده، وليس امامه سوا اطلاق التصريحات التي توضح سير العمليات في عدن.
و قال عرب في آخر تصريح لصحيفة المدينة السعودية ان الجانب الأمني في عدن يتطلّب معلومات، ونحن نعمل في هذا الموضوع وفق الخطة الأمنية، وهدفها معالجة الاختلالات الأمنية التي تقوم بها عناصر تخريبية وإرهابية.
عرب قال ايضا إن حادثة الاغتيالات التي تحدث بالمدينة عمل إرهابي طبيعي، بعد زيادة وتضيق الخناق على هذه العناصر، وسنقوم بالتعامل معها وفق تخطيط أمني دقيق، بعيدًا عن الأخطاء.
ماذا يجري؟
كل هذه التعقيدات تقود الى نتيجة واحدة وهي وجود رغبة حقيقية في التصدي لمظاهر الفوضى والعنف التي تزدهر بالمدينة، لكن هذه الرغبة تصطدم برؤى مختلفة من اكثر من طرف، ما يجعلها تتحول من جهد مشترك الى سبب من اسباب الصراع واستجلاب المؤامرة بين الاطراف المتصدرة في المدينة.
وتعكس الاحداث ان عدن باتت ضيقة، ولا تتسع سوا لطرف واحد، وان عوامل الصراع تتفاقم، دون ان يكون هناك نذر امان تلوح في الافق.
فالوضع هناك اصبح يشكل جبهة متأزمة لا تقل اضطرابا عن تلك التي تجري في تعز او مأرب، إن لم تكن اسوأ منها بحكم اعتبارها منطقة محررة من مليشيا الحوثي والمخلوع.
وربما تشهد الايام القادمة صورا ونتائج اخرى لكل هذا الوضع المتأجج، لكن بحسب مراقبون لـ(الموقع) فمن المهم هنا التأكيد ان هذا التصدع سيكون له تأثيره الكبير على المشهد العام لليمن، وستستفيد من المليشيا الانقلابية بشكل كبير، الامر الذي يفرض على دول التحالف العربي التنبه والتدخل، ووضع حد نهائي لكل هذا الاضطراب.