تواصل جماعة الحوثي الاحتفال بالمولد النبوي، الذي بدأت التحضير له قبل أسابيع، في المناطق الخاضعة لسيطرتها تحديدا صنعاء.

تنوعت مظاهر الاحتفال بتلك المناسبة التي تحرص المليشيات الحوثية منذ انقلابها على الدولة عام 2014 على إحيائها، لأسباب بينها الاستعراض السياسي، وليس بدافع ديني بحت.

وقد أثارت مظاهر الاحتفال المبالغ فيها انتقادات واسعة من قِبل اليمنيين الذين اعتبروها باذخة، في الوقت الذي يعاني فيه أكثر من 82% من السكان من الفقر.

وأجبر الحوثيون التجار على دفع مبالغ مالية كبيرة، فضلا عن إرغامهم على تزيين محلاتهم والشوارع. وبلغ إنفاق الجماعة على الاحتفال داخل جامعة صنعاء الحكومية 12 مليون ريال، وفق وثيقة تداولها ناشطون، بينما أكاديميو الجامعة بلا رواتب منذ أربعة أعوام.

المورد النبوي

ويشير الكاتب الصحفي نبيل سبيع لطريقة استغلال جماعة الحوثي المولد النبوي بالجبايات وغيره، بالقول إنهم حولوا تلك المناسبة إلى "مورِد نبوي".

وأوضح أنهم يجمعون جبايات وتبرعات لا تنتهي باسم "تعزيز حب النبي وآله"، مشيرا إلى إجبارهم الناس "دفع ثمن حب النبي وآله، ومن يرفض يواجه بالعنف".

مبالغة

أما الكاتب نبيل البكيري فذكر أن الحوثيين يبالغون بالاحتفال بالمولد النبوي، وأنها مناسبة سياسية لا علاقة لها بالدِّين أصلا.

ولكن توحي هذه المبالغة وكأن اليمنيين لم يعرفوا الاسلام إلا بمجيء وسيطرة الحوثيين على العاصمة، مما يوحي ضمنا أن اليمنيين لم يكونوا مسلمين قبل الحوثي وهذا تكفير ضمني لكل اليمنيين، وفق البكيري.

ليس من الدين

من جانبه ذكر الإعلامي عبد الله دوبله أن 12 ربيع هو يوم وفاة الرسول، أما يوم مولده فلا أحد يعلمه، وقد كان مولودا عاديا لا أحد من البشر يعلم عن مستقبله شيئا، وكل المرويات عن ذلك ضعيفة وركيكة.

وقال إن المولد ليس من الدين في شيء، و أول من ابتدعه الدولة الفاطمية العبيدية في مصر، وبعد اضمحلالها بقى كموروث شعبي كما يفعل الناس في تهامة منذ زمن.

وأكد أن احتفاء الناس به كموروث اجتماعي حق من حقوقهم، ولهم أن يفعلوا ما يشاؤون، أما القول إنه من الدين يستحق القول معه إنه ليس كذلك.

ممارسات شنيعة

أما الناشط عبد الخالق عطشان فأفاد بأنه وفي طريق العودة وعلى أحد الأبنية قرأت قول الله تعالى بالخط الفارسي الأخضر (وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين)، غير أن البناء كان سجنا لمئات الأبرياء ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.. سجناء بعضهم تم سجنه لأنه تساءل: أين الراتب؟ وبعضهم تم سجنه لأنه لم يقل حين صلاته على النبي (وعلى آله).

وتابع: "بعض من خرج من هذا السجن بفدية مالية كبيرة وكأنه أسير إسرائيلي أسره الإماميون حين اقتحامهم تل أبيب ولم يختطفوه من بيته أو مسجده وبعضهم خرج من سجن (آل الأخضر) مشلولا أو مجنونا أو مقتولا".

مغالطات

وكان خالد الواقدي قد كتب منشورا تحت عنوان "حفيد مسيلمة الكذاب عبد الملك"، تطرق فيه إلى خطاب زعيم الجماعة بمناسبة المولد النبوي قبل ثورة الجرعة، وهو لا زال محصوراً في صعدة يشترط لتسليم سلاحه وجود دولة "اتحادية" متحررة من القوى التقليدية (يعني مشروع الأقاليم).

وقارن بين خطابه آنذاك والآن، بعد اجتياحه لصنعاء والانقلاب على السلطة، إذ برر ذلك بأنه ضرورة لإسقاط المشروع الصهيوني الأمريكي المتمثل في مشروع الدولة الاتحادية (الأقاليم). وتساءل: "لماذا كل هذه الجرأة في التناقض والكذب والتضليل وبدون خجل وفي خطابات تنقلها قنوات فضائية".

وأجاب: "لو كان الكاذب المدلس حفيد مسيلمة الكذاب، يعلم أن هناك إعلاما يقظا في الطرف الآخر ومواكب ومفند لأكاذيبه، ويكشف تناقضات خطاباته للرأي العام أولاً بأول لما تجرأ أن يتمادى في التضليل والتدليس".

واستدرك "مع الأسف هو يدرك أن الهواء له ولأبواقه التضليلية، ويدرك أن إعلام وقنوات وناشطي خصومه مشغولين في مناكفاتهم وخصوماتهم البينية".

استغلال

الإعلامي عبد الله إسماعيل بدوره أشار إلى تجويع الحوثيين للشعب وإفقارهم له وقتله وترهيبه.

وقال إنهم اغتالوا الشعب مرتين، بسرقتهم لقوته ونهب مقدراته وفرض الإتاوات عليه، وأخرى بصرف ما نهبوه منه على احتفال يجبرونه على حضوره ثم يرقصون فيه على آهات معاناته وأنين أطفاله ونسائه.

واستطرد: "القضية لا دخل لها بالنبي، ولا بحبه بل بقذارة استخدامه لقهر الناس وتجريف الوعي".

بعيدا عن الواقع

الناشط والإعلامي محمد الضبياني بدوره علق على ممارسات الحوثيين بالقول: "احتفالات حوثية على أوجاع اليمنيين".

خدمة لأهدافهم السياسية

من جانبه، قال وزير الإعلام معمر الإرياني إنه ومنذ انقلاب الحوثيين على الدولة والإجماع الوطني، وظفت الجماعة المدعومة من إيران، ذكرى مولد نبي الرحمة والمحبة والسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتكريس حالة الفرقة وتحشيد المقاتلين وغرس ثقافة الموت والكراهية والإرهاب، في أبشع صور الاستغلال والمتاجرة بالدين لتحقيق أهداف سياسية.

نفاق

أما الناشط عاموس قباص آل سالم فشارك صورة البنك المركزي وقال: "البنك المركزي يا رسول الله خضروه من خارج ويبسوه من داخل"، في إشارة إلى تبديدهم أمواله.

من جانبها، قالت الناشطة أمل الكحيلي إن المولد النبوي أصبح عند البشر عبارة عن بذخ ومصاريف لا تنتهي فقط من أجل أخذ صور والتباهي بها.

وتساءلت: لماذا لا يتبرعون بهذه الأموال التي تذهب في أشياء لا غنى عنها.. اعطوها للفقراء والمساكين فهم أولى بها واكتفوا بالصلاة عن النبي وقراءة القرآن.