[ تعرض الصيادون في الحديدة لعدة مضايقات ]
حمل عيد الفطر المبارك هذا العام لأسرة الصياد أحمد الحاج عبده عكيش من بلدة الخوخة الساحلية، بمحافظة الحديدة (غربي اليمن)، كثيراً من الفرح بعد خروجه من سجن جازان، (جنوبي السعودية)، بعد ثلاث سنوات من الاعتقال.
وذاق الصياد أحمد عكيش خلال المدة التي قضاها في السجون السعودية صنوف القهر والعذاب وعاش مأساة إنسانية في غياهب الزنازين وهو يحلم بالخلاص والعودة لمسقط رأسه ورؤية زوجته وأولاده.
وطوال أيام عيد الفطر المبارك، انشغل أبناء الصياد عكيش باستقبال جموع المهنئين الذين قدموا من مدينة الخوخة والقرى والبلدات المجاورة لتهنئتهم بالعيد وخروج والدهم من المعتقل.
واعتقلت قوات البحرية السعودية الصياد عكيش وسبعة من رفاقه قبالة سواحل مديرية الخوخة، (جنوبي الحديدة) عام 2016، بحسب ما أفاد محمد معافا، عضو جمعية الصيادين اليمنيين بالحديدة لـ"الموقع بوست".
عيد بلا فرحة
ليس بعيداً عن منزل الصياد عكيش، غابت فرحة العيد عن عائلات صيادين آخرين من أهالي الخوخة، اعتقلتهم القوات السعودية خلال الأعوام الثلاثة الماضية ولايزالون يقبعون في سجونها على خلفية اتهامهم بالارتباط بالحوثيين.
ومرّ عيد الفطر المبارك على أهالي صيادي الخوخة المعتقلين في السجون السعودية بمزيد من الحزن والمرارة حيث أصبح العيد بالنسبة لهم ضيفاً ثقيلاً يزيد من وجع قلوبهم التي يعتصرها الألم حزناً على فراقهم.
وعاش أطفال الصيادين الذين غُيّب آباؤهم خلف جدران السجون السعودية منذ سنوات، شعور الفقد في يوم العيد الذي تحول إلى مأتم وبدا الحزن واضحاً في أعينهم لعدم مقدرتهم على رؤية آبائهم.
تعذيب وتنكيل
في انتهاك صارخ لكل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية يتعرض الصيادون اليمنيون في سجون السعودية للتعذيب والتنكيل بصورة مروعة في ظل صمت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً وخذلانها لهم.
وقال محمد معافا عضو جمعية الصيادين بالحديدة لـ"الموقع بوست" إن عكيش ورفاقه السبعة تعرضوا لصنوف التعذيب الجسدي والنفسي والضرب والمعاملة القاسية والمهينة في السجون السعودية وأُجبروا على ممارسة أعمال شاقة وتمت مصادرة قواربهم ومعداتهم وبيعها بالمزاد العلني.
وأوضح معافا أن الصيادين اليمنيين في مراكز الاحتجاز السعودية يعانون من الإخفاء القسري والتعذيب المتعمد وتمديد اعتقالهم من دون عرضهم على المحكمة، فضلاً عن حرمانهم من كافة حقوقهم كالتواصل مع الأهل والعلاج وغيرها، وفقاً لشهادات صيادين مفرج عنهم.
وأشار إلى أن الصيادين السبعة الذين كانوا برفقة الصياد المفرج عنه عكيش لا يزالون معتقلين حتى اللحظة في السجون السعودية ويعانون من شتى وسائل القمع والتعذيب رغم مرور ثلاث سنوات على اختطافهم دون وجه حق من المياه الإقليمية اليمنية.
ولفت إلى أن قوات التحالف بقيادة السعودية اعتقلت مئات الصيادين في الساحل الغربي بتهم كيدية، خلال السنوات الثلاث الماضية، أُفرج عن عدد منهم بينما لا يزال عشرات الصيادين يقبعون في سجون المملكة في ظروف مأساوية.
وطالب معافا الحكومة اليمنية بالعمل على استعادة الصيادين المختطفين في السجون السعودية وضمان حقوقهم، وحمايتهم وتمكينهم من ممارسة عملهم في المياه الإقليمية اليمنية، بالإضافة إلى تعويض الصيادين المتضررين.
قتل واختطاف
ويتعرض الصيادون اليمنيون لانتهاكات متواصلة من القوات السعودية والإماراتية في البحر الأحمر والمياه الإقليمية اليمنية، حيث اختطفت المئات منهم بتهمة تهريب الأسلحة للحوثيين، في حين قُتل مئات آخرين بقصف التحالف الجوي والبحري لذات المبررات أيضاً.
وفي أبريل 2018، تعرض الصيادون أصيل محمد علي، وعلي هايل كليب، وأحمد على الله دبع، وثابت محمد عسيلو، من أبناء مدينة اللحية شمالي الحديدة، للضرب المبرح بواسطة كابلات حديدية من قبل بحرية التحالف التي اعترضتهم أثناء قيامهم بالصيد في المياه الإقليمية اليمنية.
وأفرجت السلطات السعودية في مايو 2018 عن 91 صياداً يمنياً معظمهم من أبناء محافظة الحديدة بعد نحو شهرين من اعتقالهم من داخل المياه الإقليمية اليمنية واحتجازهم في سجن جزيرة فرسان بجازان.
وفي ديسمبر 2018، أخرجت السلطات السعودية الصياد الجريح عوض عبده سليمان قليعب، أحد أبناء الخوخة، من إحدى مستشفيات جازان دون استكمال علاجه من جروحه التي أصيب بها بقصف لبوارج التحالف استهدف قارب صيد في الحديدة وأسفر عن مقتل سبعة صيادين.
وقُتل 252 صياداً وجرح 207 آخرون، جراء الغارات الجوية والبحرية للتحالف، بينما لا يزال نحو 45 صياداً يقبعون في السجون السعودية، بحسب إحصائية حديثة صادرة عن جمعية الصيادين اليمنيين في الحديدة.
جرائم حرب
وتعرضت السعودية التي تقود تحالفاً عسكرياً في اليمن، إلى انتقادات شديدة في الأمم المتحدة بسبب الانتهاكات التي ترتكبها بحق الصيادين اليمنيين والتي وصلت حد القتل والاعتقال والزج بهم في السجون بدون أي مسوغ قانوني.
وكشف فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، في تقرير أصدره العام الماضي حول انتهاكات قوات التحالف في اليمن، عن قيام قوات سعودية باعتقال صيادين يمنيين بشكل روتيني، مشيراً إلى اعتقال 148 صياداً ونقلهم إلى مرافق احتجاز في السعودية ثم الإفراج عن معظمهم.
وأشارت المعلومات التي وثقها فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن إلى عزل الصيادين اليمنيين المعتقلين في السعودية عن العالم الخارجي وتعرضهم للضرب والتعذيب، لافتاً إلى تورط القوات السعودية والإماراتية في الانتهاكات المتعلقة بالمحتجزين والتي قد ترقى إلى جرائم حرب.