[ ارتفاع أسعار الإشتراك بالمولدات التجارية في صنعاء ]
بعد أن ألحقت الحرب التي تشهدها البلاد منذ خمس سنوات، أضراراً كبيرة بقطاع الكهرباء، أصبحت "الكهرباء الخاصة" الملاذ الوحيد للعديد من الأسر، في ظل انقطاع الكهرباء الحكومية بشكل كلي في العاصمة صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
وخلقت الحاجة الملحة للكهرباء، خصوصاً في المناطق الحارة، كمحافظة الحديدة (غرب) والمديريات الساحلية بمحافظة حجة (شمال) سوقاً موازية للكهرباء يتحكم فيها بشكل كامل تجار المولدات الخاصة الذين يفرضون أسعاراً مرتفعة لتعرفة الاستهلاك دون ضوابط رقابية.
ويتراوح سعر الكيلو وات للكهرباء الخاصة مابين 250 الى 300 ريال ويُشترط على المشترك دفع 10 ألف ريال كضمان أولي، بالاضافة الى شراء عداد كهرباء جديد وكابل ودفع تكاليف التوصيل للحصول على الخدمة.
جشع واستغلال
ويشكو مواطنون في الساحل التهامي من ارتفاع أسعار الكهرباء وإضافة رسوم خدمية وفرض جبايات مالية غير قانونية على فواتير كهرباء المولدات التجارية بالإضافة الى فرض رسوم غير مبررة تحت مسمى الاشتراك الشهري.
يقول محمد العريقي، فني ميكانيك من مدينة الحديدة، أن المواطن يقع ضحية لجشع واستغلال تجار الكهرباء المتلهفين لامتصاص ما تبقى من دماء المواطن البسيط عبر أسعارهم المرتفعة وشروطهم المرهقة للحصول على الطاقة.
ويضيف في حديث لـ"الموقع بوست" إن العديد من المواطنين خصوصاً في المناطق الحارة كمدينة الحديدة الساحلية ينفقون مبالغ كبيرة رغم ظروفهم الاقتصادية السيئة من أجل الحصول على حد أدنى من التيار الكهربائي.
ويشير العريقي الى أن شوارع الحديدة وغيرها من المدن في الساحل التهامي أصبحت مثل شبكة العنكبوت من كثرة الأسلاك المتشابكة والعشوائية الممتدة من المولدات والمنازل، وهو ما يمثل خطراً على سلامة المواطنين.
ويتساءل العريقي عن سر عدم تشغيل الكهرباء من محطة رأس كتيب البخارية لجميع المواطنين في الحديدة وليس الخط الساخن فقط الذي يمد المستشفيات الحكومية ومنازل المسؤولين فقط بالطاقة بينما يعاني المواطن الأمريّن بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
ويؤكد العريقي أن مافيا الكهرباء هم من يعرقلون تشغيل الكهرباء الحكومية للمواطنين في مدينة الحديدة (غربي البلاد)، متهماً الحوثيين بالتواطئ معهم بسبب المبالغ الكبيرة التي يحصلون عليها من هؤلاء التجار.
حل ناجع
من جهته يرى علي عايض، مواطن من مديرية عبس بحجة، إن الكهرباء الخاصة وفرت حلاً ناجعاً لانقطاع الكهرباء الحكومية منذ أكثر من خمس سنوات وغطت حاجة الناس الملحة لكهرباء قوية ومنتظمة تلبي جميع احتياجاتهم.
ويوضح في حديث لـ"الموقع بوست" إن المولدات التجارية تتفوق على الطاقة الشمسية بقدرتها على تشغيل مكيفات الهواء والثلاجات لمجابهة ارتفاع درجات الحرارة خصوصاً في فصل الصيف الذي تصل فيه إلى أكثر من 40 درجة مئوية في المناطق الساحلية.
ويؤكد عايض أن الكهرباء الحكومية التي كانت تعمل قبل اندلاع الحرب لم توفر للمواطنين تياراً مستمراً بدون انقطاع طوال الأربع وعشرين ساعة مثل ماوفرته الكهرباء التجارية واصفاً إياها بأنها نعمة رغم ارتفاع أسعارها.
فرص عمل
وأحدث انتشار الكهرباء الخاصة حراكاً في أسواق المولدات الكهربائية والسلع المرتبطة بها كالكابلات والعدادات ووفّر فرص عمل للمئات من الكهربائيين وعمال الصيانة وحتى الحراس.
يقول محمد عباس، أحد أصحاب المولدات الكهربائية في الحديدة إن مولدات الكهرباء الخاصة تمثل حلاً بديلاً لانقطاع الكهرباء الحكومية التي لحقت بها وبالبنية التحتية في البلاد أضرار كبيرة نتيجة الحرب المستمرة منذ خمس سنوات.
ويضيف في حديث لـ"الموقع بوست": " نوفر الكهرباء بأسعار تبدأ من 250 ريالاً للكيلو وات، مقابل الحصول على التيار على مدار الساعة ودون انقطاع مشيراً الى أن الأسعار قابلة للارتفاع والانخفاض بحسب أسعار المشتقات النفطية.
ويوضح عباس بأن الكهرباء التجارية لم توفر مصدر دخل للمستثمرين فقط بل لأصحاب محلات بيع الأدوات الكهربائية وفنيي الكهرباء وعمال الصيانة خصوصاً موظفي الكهرباء الذين انقطعت رواتبهم منذ ثلاث سنوات.
ويشير الى أن الفكرة بدأها مستثمرون في محافظة حجة منتصف العام 2015 تقريباً، حينما أصبح انقطاع التيار الكهربائي، أطول من أن يحتمل بسبب الأضرار الكبيرة التي ألحقتها الحرب بشبكة الكهرباء في البلاد.
ابتزاز
وفرضت وزارة الكهرباء التابعة للحوثين رسوماً كبيرة على ملاك المولدات الخاصة والذين بدورهم رفعوا أسعار تعرفة الاستهلاك ماشكّل عبئاً ثقيلاً على المواطن الذي يشكوا أصلاً مشاكل حياتية كثيرة، في ظل البطالة وانعدام فرص العمل وانقطاع المرتبات.
وأصدرت وزارة الكهرباء في حكومة الحوثيين قراراً يقضي بفرض رسوم مالية كبيرة على اجمالي الطاقة التوليدية لكل محطة خاصة واشترطت تركيب وحدات قياس لكل محطة كهرباء خاصة بما يضمن تسديد نسبة عشرة بالمئة من اجمالي الطاقة التوريدية لكل محطة.
وحددت الوزارة الحد الأعلى لتعرفة بيع الطاقة الكهربائية للمستهلكين من ملاك المولدات الكهربائية الخاصة، بسعر 250 ريال للكيلو وات الواحد، بفارق 220 ريال للكيلو وات الواحد من الكهرباء الحكومية قبل اندلاع الحرب.