تمكن الشعب الجزائري من تحقيق هدفه بإسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد اعتزامه الترشح لجولة رئاسية جديدة، وهو الأمر الذي قوبل بسخط شعبي واسع؛ نظرا للحالة الصحية السيئة التي كان يمر بها.

في الوقت ذاته هناك حراك واسع حتى اليوم وتنامي للغضب داخل السودان، بدأ مطلع العام الجاري، وكان هناك مطالبات شعبية بإجراء إصلاحات وتعديلات خاصة في الجيش وإقالة الرئيس عمر البشير.

وبوتفليقة هو خامس رئيس عربي، سقط نتيجة ثورات الربيع العربي التي انطلقت من تونس في ديسمبر/كانون الأول 2010، وتولى رئاسة الجزائر لعشرين عاما.

تثير هذه التحركات مجددا تساؤلات عدة حول ما إذا كان الوطن العربي سيشهد مجددا موجة جديدة من الثورات، بعد أن عاشت المنطقة حالة غليان إزاءها منذ أواخر 2010، والتي انتهت بحروب تعيشها مصر وسوريا وليبيا واليمن.

موجة ثانية

أدت الحروب التي تعيشها اليوم دول الربيع العربي إلى وجود مخاوف كثيرة من تمدد تلك الثورات إلى دول مجاورة، واحتمال معاناتها من اضطراب وعدم استقرار.

في صعيد ذلك يرى الإعلامي عبدالرقيب الأبارة أن ما حدث في الجزائر بخروج الملايين وكذلك في السودان، يعد موجة ثانية من الربيع العربي.

وقال لـ"الموقع بوست" إنها موجة استفادت من أخطاء ثورات الربيع الأولى التي فشلت بسبب التنازلات التي قدمتها نخب تلك الثورات سواء للعسكر في مصر وليبيا أو للمبادرات القادمة من الخارج كما في اليمن.

وأضاف "الموجة الثانية كانت واضحة، ويبدو أنها استفادت من التجارب الأولى فظهرت صامدة من خلال وضع أهدافها بوضوح، والدفاع بصلابة عن محاولات الالتفاف، وإرغام الجيش والخارج على القبول بما تقرره الشعوب".

ما يميز هذه الموجة -وفق الأبارة- أنها خرجت بمكاسب كبيرة حتى الآن بدون إراقة دماء كثيرة، وهو ما يعني أيضا أن الحاكم بات قلقا من مواجهة الشعب، ويدرك مآلات ومخاطر ذلك وهو ما دفع الجميع للانحناء لمطالبهم.

ومن خلال ذلك يتوقع الأبارة أن ننتظر موجات قادمة من الربيع العربي في المغرب والأردن وقبلها الخليج، في الوقت ذاته لا يستبعد فيه أن تحضر موجات جديدة في مصر وليبيا. أما اليمن وسوريا فيعتقد أن ما قدمته الشعَوب حتى اليوم كفيل بجعل انتصارها قادم لا محالة وإن تأخر، على حد قوله.

تأخر حصد الثمار

من جانبه يختلف مع الأبارة الباحث في الشؤون السياسية عدنان هاشم، فهو يعتقد أن الأمر يتجاوز مسألة رد الفعل على بقاء الربيع العربي أو انتهائه.

وهو بحسب تأكيده لـ"الموقع بوست" مستمر منذ 2011 على انتهاء حقبة حكومات ما بعد الاستعمار والبحث عن الدولة الوطنية بكل كياناتها.

وتابع "في العادة يصعب التنبؤ بالتحركات ووقوعها، لكنها في النهاية تنفجر بسبب المظالم والفساد المنتشر في الدول ما بعد الاستعمار".

وعن الحراك في الجزائر فقال إنه ما يزال في بدايته ويحتاج وقتاً لتحقيق أولى ثماره، بما يتجاوز حدوث "حرب قذرة" جديدة يديرها الجنرالات.

أما في السودان فالأمور ستتجه في النهاية نحو مغادرة البشير، لكن طبيعة المجتمع والتحديات التي تواجهها الخرطوم ستحتاج رؤية مختلفة عما حدث في باقي دول الربيع، وفق هاشم.

واستطرد "لكل مجتمع خصائص محركه تساعد في عمليات الانتفاضات، ومن الصعب استنساخها"، لكنه رأى أنه يمكن للموجة الجديدة في عالمنا العربي أن تستفيد الدروس من الموجة السابقة.

وسقط أربعة رؤساء نتيجة ثورات الربيع العربي منذ أواخر 2012، هم الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، والرئيس الليبي السابق معمر القذافي، والرئيس المصري حسني مبارك.