[ لقاء لندن تشكل من شخصيات خارج سياق أطراف الصراع في اليمن ]
يبدو أن الجهود السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها المبعوث الأممي مارتن جريفيث، لا تنعكس على تفاؤله الذي تمثل بإعلان الـ 6 من سبتمبر المقبل كموعد لانطلاق مفاوضات مباشرة بين الأطراف اليمنية في جنيف.
بعد جلسة مجلس الأمن الدولي كان من المفترض أن يتحرك المبعوث نحو اللقاء بالأطراف السياسية اليمنية المعنية بالحوار، على أساس أن يتم الاتفاق على الأعضاء الذين سيمثلون كل طرف، وما إلى ذلك من الأمور التي يمكن من خلالها أن تشعر جميع الأطراف بأن هناك جدية في الحوار، وأن الذهاب إلى جنيف هذه المرة لن يكون كالذهاب إليها في المرتين السابقتين.
الذي حدث هو أن المبعوث اتجه إلى لندن، والتقى عددا من الشخصيات والقيادات السياسية، اغلبها ناشطين ومن المحسوبين على تيار المجتمع المدني، وبعضها محسوبة على ما عرف بالتيار الثالث الذي يبرز في واجهته مصطفى النعمان.
أربعة أيام من النقاشات في لقاء لندن التشاوري، خلت المشاركة السياسية فيه لكثير من التيارات الحزبية والسياسية البارزة التي يمكن القول إنها ستلعب دورا محوريا ومهما في الحوار القادم.
غاب حزب الإصلاح تقريبا، وغابت الشرعية ربما أيضا، وكذلك بقية التيارات السياسية الأخرى، بل أن بعض المشاركين من الذين لم يعد لهم أي دور في الوسط السياسي ويبدو أن استدعائهم يبعث بأكثر من سؤال على سبيل المثال حضور خالد محفوظ بحاح.
نهاية كالبداية
"الموقع بوست" تتبع وراء التفاصيل، وإلى مصدر سياسي ودبلوماسي رفيع في لندن، توجه بسؤاله: الى أين انتهى لقاء لندن التشاوري؟ وبدوره أجاب: "انتهى مثلما بدأ". موضحا بأن لا شيء تم في هذا اللقاء سوى أن مجموعة من الشخصيات تم اختيارها بمزاجية وانتقائية لتحضر تناقش مع المبعوث الاممي مارتن جريفيث بعض المقترحات بشأن استئناف المفاوضات السياسية اليمنية ولكن لا شيء جديد، ولا شيء يعبر عن جدية هذه الجولة القادمة من المفاوضات.
ولو ذهبنا نحو استعراض الشخصيات التي حضرت هذا اللقاء سنكتشف بأن هناك تلاعب كبير، وأن لا شيء يعبر عن خطوات جادة نحو استئناف الحوار، فالمشاركون كانوا كالتالي: "خالد بحاح، حيدر أبوبكر العطاس، علي منصر، محمد مسدوس، عبدالكريم دماج، عبدالله الصايدي، نبيلة الزبير، هالة القرشي، محمد عزان، عبدالملك عبدالرحمن الارياني، عبده غالب العديني، محيي الدين الضبي، علي عشال، عبدالباري طاهر، باشراحيل هـشـام باشراحيل، اسمهان العلس، نصر طه مصطفى، مصطفى النعمان، عبدالملك العجري، سيف الوشلي".
وكان من المفترض أن يناقش المبعوث الأممي قضية الحديدة والمبادرة المتعلقة بإيقاف هذه المعركة بدرجة رئيسية، ومن ثم القضايا المتعلقة باستئناف الحوار هذه المرة وبشكل جدي، وليس كالمرات السابقة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه القيادات التي سيجري النقاش معها قضية الحديدة هي المعنية بمعركة الحديدة وهل هي المعنية بالتفاوض وبحسم الحرب من الأساس، فغياب الأطراف المعنية بالحرب وبالحوار، تثير شكوكا كثيرة، وأن الاعيب تجري خلف الكواليس ولكنها تشير إلى أن الجولة إلى جنيف لن تكون على ما يرام ولن تختلف عن سابقاتها.
وفي حين تطرح مصادر بالقول، بأن المبعوث يسعى وراء لم الشمل وحريص على أن تكون كل الأطراف والمكونات اليمنية مشاركة في هذا الحوار، وذلك حتى يضمن لهذا الحوار النجاح قدر الإمكان. لا يعرف أي شمل سيعمل عليه من خلال هذا اللقاء.
حضور خالد محفوظ بحاح، ربما هو الآخر يبعث بتساؤل عن البعد والهدف من وراء استدعائه واللقاء به ضمن هذه الشخصيات؟
مصادر في لندن قالت لـ "الموقع بوست" أنه بالنسبة لحضور بحاح وإعادته إلى الواجهة، يهدف إلى مشاركة جنوبية مختلفة ليس لجنوبي الشرعية وإنما للمجلس الانتقالي والذين هم خارج الشرعية.
لا يقدم ولا يؤخر
مصادر مشاركة في اللقاء، قالت لـ "الموقع بوست" إن اللقاء لا يقدم ولا يؤخر، وأن ما تم نقاشه هو مجرد مقترحات فقط واطروحات وطرح وجهات نظر لهذه الشخصيات التي يبدو أنها لا تمثل إلا نفسها ولا تمثل طرفا بعينه.
وأشارت المصادر، إلى أن اللقاء تناول أحاديث ونقاشات عادية وليس هناك أي مشار واضح تم نقاشه أولا، ثانيا من تم النقاش معهم ليسوا المعنيين بإيقاف الحرب والذهاب نحو الحرب.
وإلى مصدر دبلوماسي رفيع في لندن توجه "الموقع بوست" بسؤال ما الذي يحدث ما المشكلة؟ أجاب قائلا بسخرية: "في لعبة كرة القدم هناك لاعب اسمه السنتر هاف هذا هو المشكلة أنه ليس ملتزم بخطة المدرب"، وفي حين طرح محرر الموقع بوست على الرجل الدبلوماسي عما إذا كان هناك تلاعب؟ رد الرجل: لن يتلاعب بنا أحد إذا لم نكن نحن مستعدين".
وبعيدا عن هذا يبدو أن حالة إحباط كبيرة تسود المشهد، والمسار لا يبدو سالكا نحو جنيف3، وتوقعت مصادر سياسية شاركت في اللقاء في حديثها لـ "الموقع بوست" أن تستمر الأمور وتسير نحو جنيف وقد ينعقد جنيف ولكن يبدو أنه ما سيجري فيه لن يفيد ولن يخرج الازمة إلى طريق".
ويرى سياسيون بأنه بات واضحا أن المبعوث الأممي مارتن جريفيث يسعى لإعادة مسار الازمة اليمنية سياسيا الى مربع جمال بنعمر قبل الانقلاب، وربما الى نقطة الصفر في جنيف حين كان يطالب الانقلابيون بحوار متعددة الأطراف.
واعتبر محللون استطلع "الموقع بوست آراؤهم بأنه من خلال اللقاء الذي عقد في لندن، يسعى جريفيث لمسار تفاوضي ثالث، وقديم، مسار يقفز على قرارات الأمم المتحدة، ويؤسس مجددا لحوار متعدد الأطراف، في حين تفرض ضرورات الواقع الراهن تركيز الجهود على وقف الحرب، وإنهاء أسبابها، أي الانقلاب، كمرحلة أولى، من خلال حوار بين طرفي الحرب، ( الشرعية، والانقلابيين) والانتقال الى مرحلة التسوية السياسية الشاملة، وللمرحلتين مرجعياتهما، الاولى قرارات مجلس الأمن التي تقضي باتباع جملة من الخطوات لوقف الحرب، والثانية، المرجعيات الوطنية للحل السياسي، أي تطبيق ما تبقى من بنود المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني.
ولذا فإن جريفيث وبحسب محللين يبدو انه فعلا يجد نفسه في منطقة انعدام الوزن، ويحاول الهبوط على كوكب آخر، لا يعني اليمنيين، او انه يسعى لإطالة عمر مهمته، فهو يحشد الدعم الدولي لرؤية أو خطة هلامية، يحاول الابتعاد بها عن قرارات مجلس الأمن، وما أنجزه سلفه خلال جولات المشاورات السابقة، كما يبدو أن جريفيث لا يحضر لمفاوضات تفضي الى وقف الحرب وانجاز حل سياسي، وإنما لوليمة يمنية يقيمها في خيمة مفخخة يسهل تفجيرها، وفق تعبير أحدهم.
الشرعية تحيي المرجعيات الثلاث
بالنسبة للحكومة الشرعية فقد بدا موقفها صامتا تجاه هذه التحركات، لكنها اتخذت خطوات فيما يشبه الرد، إذ أعلنت أنها تعد وترتب لما أطلقت عليه "المؤتمر الاول حول المرجعيات الثلاث" والذي ستنظمه الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ووزارة الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
ووفقا لوكالة سبأ الحكومية التي تعمل من الرياض فقد ألتقى رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر مع وزير الدولة لشئون تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ياسر الرعيني، معتبرين أن المؤتمر يأتي تعزيزا لجهود التعريف بالمرجعيات الثلاث للحل السياسي وبناء اليمن الاتحادي الجديد وتأكيد الالتزام بها في عملية السلام.
ووفقا للوكالة فإن المؤتمر سيشارك فيه سفراء مجموعة الدول الـ 19 الداعمة للعملية السياسية في اليمن، ومجموعة أصدقاء اليمن بالإضافة إلى سفارات الدول والمنظمات الدولية والهيئات الدبلوماسية.
وسيركز المؤتمر على المرجعيات الثلاث المعروفة، وهي مخرجات الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، والقرار الأممي 2216، وهي المرجعيات التي أغلفها الحاضرون في لقاء لندن، وسينعقد اللقاء في 13 أغسطس من الشهر الجاري، بالعاصمة السعودية الرياض.
هذه التحركات للحكومة الشرعية، ترد أيضا على تصريحات لرئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، الذي طالب في حوار له مع قناة أبوظبي الإماراتية بإيجاد مبادرة خليجية ثانية تتلائم مع الواقع الراهن، وهي إشارة إلى محاولة هذا المجلس الذي يحظى بدعم الإمارات لفرض نفسه.
الحوثيون يتذمرون
بالنسبة لجماعة الحوثي فقد أعربت حكومتهم الغير معترف بها دوليا عن تذمرها من تلك التحركات، ونشرت وكالة سبأ التابعة لهم في صنعاء تصريحا لمصدر مسئول في مكتب رئيس الحكومة عبدالعزيز بن حبتور قال فيه بإن الوضع الطبيعي هو التركيز على معادلة تضمن لصنعاء قدرتها على التحرك كشريك في إنجاز وإنجاح معركة السلام التي ينبغي أن تسير وفق خطوات صحيحة بمراعاة هذه المعادلة التي بدونها فإن السلام المنشود سيظل بعيد المنال والحديث عنه مجرد سراب.
المصدر وصف تلك اللقاءات بأنها غير موفقة، معتبرا أن اللقاء ضم وجوه وشخصيات من خارج معادلة الصراع السياسي والعسكري والأمني، في خطوة غير موفقة من قبل المنظومة الأممية وهي تسعى إلى تحقيق السلام.
وقال بإن المعادلة الحقيقية التي يجب أن تكون حاضرة في التفاوض هي بين صنعاء(إشارة للحوثيين)، وبين من وصفهم بدول العدوان، وهي إشارة لدول التحالف العربي بقيادة السعودية.