[ قوات إماراتية بعدن ]
تصاعدت حدة الاتهامات الموجهة لدولة الإمارات العربية المتحدة من جديد، بعد أقل من شهر على أزمة سقطرى، والتي اتهمت فيها الحكومة اليمنية دولة الإمارات بالانتقاص من سيادتها واحتلال الجزيرة.
وتهيمن الإمارات على العاصمة المؤقتة عدن منذ تحريرها في يوليو/حزيران 2015، وتعمل على تقويض جهود الشرعية هناك، بحسب تقارير أممية.
أدى ذلك إلى توسع الهوة بين الحكومة وأبوظبي، وأصبح الصراع واضحا ويعترف به الجانبان، وطفى على السطح بشكل واضح بعد تصريحات وزير الداخلية أحمد الميسري، الذي كشف أن الحكومة الشرعية لا يمكنها الذهاب إلى الميناء أو المطار في عدن ولا دخول المدينة دون موافقة أبوظبي.
واعتبر الميسري في مقابلة مع قناة "بي بي إس" الأمريكية، أن ما يجري بعدن احتلالا إماراتيا لها غير معلن من قبل الإمارات، لافتا إلى أن "الكثير من المؤشرات على الأرض تدعم هذا الأمر، ولكننا ما زلنا نحسن الظن بالإمارات".
الرد الإماراتي جاء على لسان وزير الدولة لشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، الذي لم ينفِ تصريحات الميسري، وقال "هل لي أن أذكر الوزير أحمد الميسري بتضحية الشهيد سعيد الهاجري وعطاء زملائه في الميدان؟"، مضيفا "صوّب رصاصك نحو الحوثي معالي الوزير".
صحيفة الخليج الإماراتية من جهتها، ذكرت في افتتاحيتها تعليقا على ما أسمته بـ"ادعاءات الميسري" أن تصريحاته وصفت حالة التحالف على غير حقيقتها، مؤكدة أن "الخلل في أركان الشرعية اليمنية بات واضحاً، ما يدعو إلى ضرورة التصحيح، فهنالك خطاب متناقض للشرعية لا يستقيم مع واقع الحال، ولا يتلاءم مع تضحيات التحالف العربي، ودولة الإمارات في قلبه والصميم".
أسباب كثيرة لتحرك الشرعية
في صعيد ذلك، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي، إن عدن هي إحدى ساحات الصراع الأساسية بين السلطة الشرعية والحكومة الشرعية، وسبق أن شهدت أكثر المواجهات دموية أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، والتي دخل فيها التحالف ممثلاً بقوات الإمارات وطائراتها إلى صف التشكيلات المسلحة الانفصالية، في مهمة قصد منها إنهاء دور وتأثير القوات المسلحة التابعة للسلطة الشرعية، والتي كانت تمثلها وحدات الحماية الرئاسية على وجه الخصوص.
وبحسب التميمي الذي تحدث لـ"الموقع بوست" فإن تلك المواجهات أثبتت أن التحالف يهيء الأرضية لاستحقاقات جديدة لها علاقة بدعم الانفصال وتفكيك الدولة اليمنية وإنهاء السلطة الشرعية بشكل تدريجي، وهي وصفة حاول تكرارها في المهرة وسقطرى، وأفشلها اليمنيون حين خرجوا رافضين لتلك المحاولات.
ويتوقع التميمي أن تقوم الحكومة اليمنية بالتصعيد ضد الإمارات بعدن، مبررا ذلك بالقول "تفرض الحاجة إلى عودة الحكومة والرئيس لممارسة صلاحياتهما من العاصمة السياسية المؤقتة عدن، وإنهاء حالة عدم الاستقرار بالمدينة، واستنزاف رجال الشرعية المخلصين الذين يقتلون بدوافع سياسية وأيديولوجية لا تخدم إلا الطرف الذي يجاهر بعدائه المبالغ فيه لتيار عريض من المنتمين إلى الإسلام السياسي.
وتابع "أصبحت عدن المسالمة مسرحاً لجرائم متعددة منها الجنائي ومنها السياسي، ولكنها في المحصلة تعكس حالة عدم الاستقرار والفشل الذريع للأجهزة الأمنية التي تحتكم لمرجعيات لا وطنية وتعمل خارج أجندة السلطة الشرعية"، لافتا إلى ما يواجهه وزراء الحكومة وقيادات الشرعية من صعوبات للقيام بمهامهم وصلاحياتهم الدستورية والقانونية.
وبناء على ذلك، يتوقع التميمي أن نشهد احتداماً للمواجهة السياسية بين السلطة الشرعية والتحالف، بسبب الوضع الشاذ وغير المقبول في مدينة عدن وفي سائر المحافظات المحررة.
وضع مُغاير
ولدى المحلل السياسي ياسر حسن وجهة نظر مختلفة عن ما طرحه التميمي، فهو يستبعد أن تقوم الحكومة اليمنية بالتصعيد كما حدث في سقطرى، فالوضع في عدن -على حد قوله- يختلف في الجزيرة.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن مبررات تواجد القوات الإماراتية في عدن موجودة، فالأوضاع الأمنية متدهورة، بالإضافة إلى أن القوات الإماراتية تشرف على القوات التي تقاتل في جبهات الساحل الغربي وكرش وغيرها.
كما أن الحكومة اليمنية -وفق حسن- في وضع ضعيف أمام الإمارات والتحالف، ولا تستطيع أن تقف موقفا جديا فيما يتعلق بتواجد قوات الإمارات في عدن.
ورأى حسن أن إخراج تلك القوات من عدن يعني إخراج التحالف من اليمن، والحكومة لا تريد ذلك حاليا، فهي ما زالت بحاجة لتواجده مهما كان الأمر.
وعن موقف الإمارات، أفاد بأنها "لن تقف مكتوفة الأيدي لو حاولت الحكومة إخراجها من عدن، فهي تسيطر على كل شيء في المدينة ولديها قوات مساندة من أبناء المحافظات الجنوبية قد تستخدمها ضد الحكومة في حال حاولت إخراج القوات الإماراتية من عدن".
لكنه أكد في ختام حديثه بأنه يمكن للرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة، أن يقفا موقفا حاسما في الأمر فهما من يمتلكان الشرعية لكل مناطق اليمن، والإمارات والتحالف لما يدخلا اليمن إلا باستدعاء من الرئيس هادي.
وفي السابع عشر من مايو/أيار الجاري، سحبت الإمارات دفعة كبيرة من قواتها وآلياتها العسكرية، من جزيرة سقطرى، بعد أيام من اتفاق مع الحكومة اليمنية يقضي بمغادرتها، على أن تغادر باقي القوات خلال الأيام المقبلة، وذلك بعد تصاعد الخلاف بين اليمن والإمارات، بعد إرسال الأخيرة لقوات سيطرت على ميناء ومطار المحافظة، أثناء تواجد مسؤولين حكوميين هناك.