[ جاءت الحملة الأمنية بناءً على توجيهات محافظ تعز ]
مع استمرار تدهور الوضع الأمني بتعز، نفذت الأجهزة الأمنية بالمدينة، حملة بناء على توجيهات محافظ المحافظة أمين محمود، بعودة القوات قيادة المحور الشرطة العسكرية، وإدارة الأمن إلى مقراتها الرسمية في المربع الأمني شرقي تعز، وتأمين المنطقة، وتفعيل مؤسسات الدولة.
واندلع على إثر ذلك اشتباكات متفرقة في عدد من مناطق المدينة، يعود سببها وفق الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني عبدالباسط البحر، إلى العناصر الخارجة عن النظام والقانون، التي رفضت كل الحلول المقترحة من اللجنة التي شكلها محافظ تعز.
وبحسب منشور للبحر في موقع الفيسبوك، فإن تلك العناصر رفضت قرار المحافظ بتسليم بقية المقرات الرسمية الحكومية، ورفضت تسليم المطلوبين أمنيا على خلفية حوادث الاغتيالات.
بالتزامن اندلعت يوم أمس الثلاثاء 24 مارس/آذار معارك عنيفة، بين قوات تابعة للجيش الوطني من جهة وكتائب أبي العباس من جهة أخرى وسط مدينة تعز، بعد قصف تلك الكتائب المتمركزة في قلعة القاهرة، مواقع تابعة للجيش الوطني في تلة الإخوة، وهو ما أثار علامات استفهام حول سبب تدخل تلك الكتائب في معارك الجيش ضد العناصر الخارجة عن القانون.
ولاقت تلك الحملة الأمنية التي تمت تحت إشراف المحافظ وقيادة وكيل المحافظة للدفاع والأمن، ارتياحا واسعا من قِبل أبناء تعز، الذين يشكون من الانفلات الأمني بالمدينة.
إلا أن من المتوقع أن تتوقف تلك الحملة الأمنية، في ظل وجود ضغوطات ووساطات تهدف لذلك، بعد اشتداد الاشتباكات في عدد من المناطق بالمدينة.
ودار الكثير من الجدل حول الحملة الأمنية، خاصة بعد وجود محاولات لإيقافها، وهو ما جعل بعض المحللين يعتقدون أن تعز تذهب باتجاه نشر الفوضى بالمدينة، من أجل أن تتمكن الأذرع التابعة للإمارات بفرض الحزام الأمني بتعز.
موقف الأحزاب
وفي ظل الجدل الكبير الذي ظهر في مواقع التواصل الاجتماعي بين مختلف أبناء المدينة، أيدت الحملة الأمنية أحزاب التحالف السياسي المساندة للشرعية في محافظة تعز، ودعت جميع أبناء المحافظة إلى الوقوف مع جهود السلطة المحلية لفرض الأمن وإنهاء عملية التخريب التي تقوم بها عناصر خارجة عن القانون.
وأكدت الأحزاب في بيان لها عقب اجتماعها مع محافظ تعز أمين محمود، إسنادها الكامل للقرارات والجهود التي يبذلها المحافظ واللجنة الأمنية في المحافظة في كل ما من شأنه استعادة مؤسسات الدولة وبسط نفوذها على جميع المواقع المحررة، بما يسهم في تحقيق المصلحة العليا لتعز ولأهلها.
كما دعت جميع أفراد الجيش الوطني وجميع المناضلين والأحرار من أبناء تعز، إلى تحكيم العقل، وضبط النفس، وتغليب مصلحة تعز على كل مصلحة والدعوة إلى توحيد الجهود، لأجل تحرير تعز، وتخليصها من براثن العصابات الحوثية الانقلابية.
وأشارت إلى أن ما يحدث في تعز يضر وبلا أدنى شك بالمصالح العامة والخاصة لأبناء تعز، وتعيق وتعرقل الجهود الصادقة التي يبذلها قادة تعز ورجالها لأجل تحريرها، وتطبيع الحياة فيها.
دعم الأمن والاستقرار
وشهدت تعز حتى اليوم عمليات اغتيال كثيرة تجاوزت المائتين عملية، طالت أغلبها قادة وأفراد في الجيش الوطني، وكان آخر ضحاياها عضو بعثة الصليب الأحمر الدولي حنا لحود.
في هذا السياق، أوضح الصحفي صلاح عفيف إن ما يجري في تعز، هو عملية تطهير للمدينة من العناصر المتطرفة التي تقف خلف عمليات الاغتيالات في المدينة، ولتثبيت أعمدة الدولة.
وأشار في حديثه لـ"الموقع بوست" إلى أن الحملة الأمنية انطلقت وفق قرار محافظ المحافظة، بعودة قيادة المحور الوطني والشرطة العسكرية وإدارة الأمن إلى مقراتها الرسمية في منطقة العرضي.
وأكد أن ما يحدث ليس تكرار لسيناريو عدن كما يصوره البعض، وإنما هي حملة أمنية تهدف إلى استعادة المقرات الحكومية التي تسيطر عليها عناصر خارجه عن القانون، وتقف خلف عمليات الاغتيالات في المدينة.
ووفق عفيف فإن ثمار الحملة الأمنية إيجابية، ولاقت ترحيبا وارتياحا وتفاعلا شعبيا واسع، كون المواطن يبحث عن الأمان والاستقرار، ووجدا أنها السبيل لخلاص المدينة من الخوف والقلق المسيطر على أبنائها، خاصة مع تطور عمليات الاغتيال من الرصاص إلى استخدام العبوات الناسفة، باعتبارها لا تقتل الشخصية المستهدفة فقط، ويكون ضررها أكبر وقد تقتل مدنيين.
خطوة متأخرة
وعانت المناطق المحرر داخل تعز منذ بداية الحرب من انفلات أمني ملحوظ، تزايدت معه مخاوف المدنيين يوما بعد آخر.
ويعتقد الإعلامي فيصل الذبحاني أن الخطوة التي قام بها محافظ تعز، تأخرت كثيرا، وكان لا بد أن تحدث منذ بداية التحرير، كجانب أخلاقي للمقاومة، ولتقدم نفسها كبديل فكري وسلوكي عن العدو.
وفي معرض حديثه لـ"الموقع بوست" استنكر رعاية ما أسماهم بـ"القتلة والمجرمين" من كل الأطراف المستحوذة على السلاح، وتوفير الغطاء لهم وحمايتهم إعلاميا.
وأفاد بأن الحملة الأمنية كانت بغرض استلام وتسليم المواقع، ولم تكن حملة مداهمات واعتقالات، لكنه تم تحويلها من قبل بعض الأطراف لتتحول إلى مداهمات لمواقع الخصوم السياسيين والفكريين لهم.
وبخصوص ما تردد من قبل بعض المراقبين، بأن ما يجري يُمهد لإغراق تعز بالفوضى وتشكيل حزام أمني، قال الذبحاني إن الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي، إذا ما قرروا فرض الحزام الأمني، فأبناء المدينة أمام خيارين، إما رفض ذلك ومواجهة التحالف، أو ترويض القرار بشكل يتناسب مع المدينة وقيم أبنائها.
وأكد في ختام حديثه تأييده لأي تشكيل تابع للدولة غير منحاز لأي فصيل بعينه، من أجل ضبط الأمن بتعز التي تعاني من الانفلات الأمني.
مقاومة الحملة الأمنية
وردا على ما تردد بأن الحملة الأمنية انحرفت عن مسارها، ذكر السكرتير الصحفي لقائد محور تعز راكان الجبيحي، أن قرار محافظ المحافظة رئيس اللجنة الأمنية كان واضحا، ونصَّ على عودة قيادة المحور وإدارة الأمن وقيادة الشرطة العسكرية، بالانتقال إلى مقراتهم السابقة في المربع الأمني شرقي تعز وتأمينها.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن الحملة الأمنية المكونة من تلك القوات تحركت للانتقال لتلك المقرات، وبينما كانت القوات تتوزع وتنتشر في هذه المقرات، وتؤمن ذلك المربع وتلك المنطقة، إذ بمجاميع مسلحة وقوات تابعة للجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون ولأبي العباس، مكونة من أطقم ومدرعات ومدافع وأسلحة ثقيلة، قامت بمداهمة مقرات هذه القوات، وتنفيذ كمين لها وتطويقها والضرب عليهم وإحراق طقمين تابعين للحملة الأمنية.
وأكد الجبيحي بأن مهام وعمل الحملة الأمنية هي العودة لتلك المقرات وتأمينها وضبط الأمن فيها، ويدخل في إطارها ضبط الأمن والقبض على العناصر الخارجة عن القانون وعصابات الاغتيالات.
ويعود سبب ذلك وفق الجبيحي إلى أن معظم تلك العناصر معظمها تتواجد في ذلك المربع ومحيطه، وهذا هو قرار اللجنة الأمنية، مؤكدا أن من غير المنطقي أن تتواجد القوات الرسمية في مقراتها السابقة، دون عملية تأمين المنطقة في مربعها، وهو ما أثار غضب تلك الجماعة والخلايا المتطرفة، فقامت بمهاجمة الحملة ووقفت ضدها وقرار المحافظ واللجنة الأمنية.
يُذكر أن تعز خاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي منذ مارس/آذار 2015، تم تحرير مناطق عديدة من المدينة، فيما قُتل وجُرح الآلاف من السكان جراء القصف العشوائي.