[ تشويه من قبل الحوثيين لمدينة صنعاء القديمة الأثرية ]
عقب أربع سنوات من الحرب، قرع علماء الآثار والمهتمين بهذا المجال جرس الإنذار، في محاولة لإنقاذ آثار اليمن من الاستهداف والتجريف والإهمال والسرقة والنهب الذي تتعرض له.
مؤخرا تعرضت صنعاء القديمة لحملات تشويه وتدمير متعمد وممنهج تمارسه مليشيات الحوثي الانقلابية، التي تسيطر على العاصمة صنعاء.
وظهرت بعض المناطق القديمة والأثرية بصنعاء، وعليها رسومات وشعارات جماعة الحوثي، وهو الفعل الذي استفز اليمنيين الذي استنكروا تلك الممارسات.
على إثر ذلك، حذرت وزارة الثقافة من حملات التشويه تلك التي تقوم بها المليشيات، باستخدامها لأصباغ وألوان مصنوعة من مواد كيميائية ضارة، تؤدي إلى اتلاف الألوان الأصلية للمدينة القديمة بصنعاء، التي تعد ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وقالت الوزارة في بيان صادر عنها، إن مليشيات الحوثي تتعمد طمس الملامح الفنية والجمالية لصنعاء القديمة، وهو الأمر الذي يكشف حقيقة تكوين تلك الجماعة المعادية للفنون والتراث، كسائر الجماعات الإرهابية المتطرفة.
وطالبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة( اليونسكو)، بالقيام بمسؤوليتها في ضمان وحماية التراث الإنساني المتمثل بمدينة صنعاء القديمة، وممارسة كافة الضغوط الممكنة واللازمة لإيقاف العبث والتشويه الذي تنتهجه مليشيا الحوثي الانقلابية التراث الثقافي والفني اليمني.
شبام في خطر
شبام حضرموت هي الأخرى، وقعت فريسة الإهمال الذي طال مختلف الآثار في اليمن في مختلف المحافظات.
وقبل أيام، دعت مجلة "eVolo" لإنقاذ مدينة شبام التاريخية قبل انهياراها، نتيجة الصراعات المسلحة التي تدور رحاها في اليمن.
وشدد أحد خبراء اليونسكو، جاك هيمان، على خطورة الوضع في المدينة، قائلا: "اليوم لم يتم عمل أي شيء تقريباً لوقف خراب هذه المدينة الذي يتسارع، لن يبقى هناك الكثير لاستعادته في غضون 10 سنوات، لذا بدا من الضروري أن نسلط الضوء على هذه المدينة المهددة".
واقترح توسيع مدينة شبام، بحفر الشوارع الموجودة في شبام الجديدة، والتوسيع الطبيعي لبنايات الأبراج، من أجل توسيع المنازل البرجية إلى ناطحات سحب حقيقية، باستخدام الموارد الموجودة تحت المدينة.
ويتطلب بناء الطين صيانة ثقيلة في كل عام، يجب عمل طبقة جديدة من الطين على واجهات المنازل البرجية، سيتم استخراج ذلك مباشرة من التوسعات الأرضية، ويتطلب التجديد السنوي للواجهة سرعة توسيع المدينة بمعدل متر واحد في السنة، وفق هيمان الذي تحدث لـ"إيفولو" وترجمه "الموقع بوست".
وتعد مدينة شبام -التي يعود تاريخها القرن السادس عشر- أول مدينة بني فيها ناطحات سحاب، بُنيت من التراب والتبن، وهي ضمن قائمة التراث العالمي منذ عام 1985.
بيع علني
وتعرضت الكثير من القطع الأثرية للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، في ظل دعوات لإنقاذ تراث اليمن.
وكان وزير الثقافة مروان دماج، كشف عن تورط مليشيات في تهريب كثير من القطع الأثرية لتمويل مشاريعها.
وأضاف أن الميليشيات وضعت يدها على آثار مهمة جداً، جزء كبير منها غير مقيد في السجلات التابعة للمتاحف اليمنية، أو مصنفة لدى الهيئة العامة للآثار التي تتبع وزارة الثقافة اليمنية، الأمر الذي يصعب معه تحديد عدد الآثار والمخطوطات التي هربتها وباعتها الميليشيات في الأسواق الخارجية.
ولفت وزير الثقافة إلى أن المتاحف الوطنية تعرضت، إلى أضرار كبيرة ومباشرة، وإن بعضها دُمِّر كلياً، مضيفاً أن الوزارة لم تتمكن من جمع جزء كبير من موجودات تلك المتاحف بعد العملية الانقلابية على الشرعية، نتيجة استخدام الميليشيات السلاح داخل المدن الرئيسية، ومن ذلك ما تعرض له متحف تعز.
الحرب وآثارها
في هذا الصعيد، عزا مستشار وزير الثقافة محمد المهدي، أسباب الإهمال الذي تتعرض له بعض الآثار في اليمن، إلى تأثير الحرب على مختلف مناحي الحياة، والتي انعكست بدورها على مدينة شبام التاريخية.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن اليمنين انشغلوا منذ عام 2015 بحرب من أجل استعادة الدولة، التي أسقطها الحوثيون في سبتمبر/أيلول 2014.
وأشار إلى قيام الوزارة ببعض الجهود من أجل حماية المناطق التاريخية في البلاد، كونها تحظى بمكانة كبيرة داخل وخارج اليمن.
وحذر المهدي من إمكانية تردي الأوضاع بشكل أكبر في بعض المدن التاريخية، داعيا المجتمع والحكومة والسلطات المحلية، للتنسيق بينهم واتخاذ حلول عاجلة تضمن حمايتها.
واستطرد:" تتعرض الآثار باليمن بشكل ممنهج للتخريب ويطالها الإهمال نتيجة الصراع، وهو ما يجعلنا نعول على المواطنين الذين يعتزون بتراثهم للقيام بدورهم والحفاظ عليه".
وتعد اليمن واحدة من أقدم الحضارات على وجه الأرض، ويوجد بها عدد كبير من المناطق المضافة في قائمة التراث العالمي كصنعاء القديمة وتريم.