[ تزايدت ظاهرة البسط العشوائي على الأراضي في عدن ]
على مدى ثلاثة أعوام، ظلت العاصمة المؤقتة عدن مسرحاً للحملات الأمنية التي تقول الأجهزة الأمنية بأنها تستهدف أعمال البسط العشوائي على الأراضي والممتلكات الخاصة والعامة، لكن نتائج تلك الحملات لا تتجاوز حدود الاستهلاك الإعلامي، فضلاً عن كون الجزء الأكبر من أعمال البسط العشوائي يتم عبر شخصيات نافذة مدعومة من أجهزة الأمن.
وقد اعتاد المواطنون في عدن، على سماع أصوات الاشتباكات ودوي انفجارات القنابل المستخدمة خلالها، بل والاكتواء بنارها، فقد أُصيب عشرات المدنيين خلال تلك الاشتباكات التي تندلع بين المجاميع المسلحة والساعية للبسط على الممتلكات العامة وكذا الخاصة.
ومؤخراً استفحلت ظاهرة البسط العشوائي، لتكون بذلك العاصمة المؤقتة عدن مسرحاً اتخذه النافذون وعبر مجاميع عسكرية تتبعهم للسباق على أكبر قدر ممكن من الأراضي والعقارات، بعيداً عن كونها ملكية خاصة أو عامة.
وفي 20 من مارس/ آذار المنصرم، اندلعت اشتباكات عنيفة بمديرية التواهي، بين قوات تتبع الشرطة العسكرية من جهة ومجاميع أخرى تتبع إدارة أمن عدن ويقودها أحد الضباط المقربين من مدير الأمن شلال شائع، وسقط خلال تلك المواجهات قتيل واحد على الأقل وأكثر من 5 جرحى؛ وذلك على خلفية قيام المجاميع التابعة لأمن عدن باقتحام أرضية تتبع مشفى باصهيب العسكري، لتقوم قوات الشرطة العسكرية بصدهم كونها الجهة الرسمية المكلفة بحماية الموقع.
وكانت قيادة الشرطة العسكرية بعدن، قد أصدرت بياناً رسمياً تُحمل فيه إدارة أمن عدن تبعات ذلك الحادث والذي سقط خلاله أحد أفراد الشرطة العسكرية قتيلاً إلى جانب جريح آخر، وموضحةً بأن من قام بالبسط على الأرضية التابعة للمشفى العسكري كانوا أفراداً يتبعون أمن عدن، في مشهد يكشف مدى التعقيد الذي تعيشه عاصمة البلاد المؤقتة، فإدارة الأمن أصبحت أداة تخريب ونهب بدلاً من أداء دورها في تثبيت الأمن والقبض على من يخلون به.
مدير عام مديرية البريقة هاني اليزيدي، هو الآخر قام باتهام قوات الحزام الأمني بالوقوف خلف أعمال البسط العشوائي ونهب الممتلكات، فقد قام بنشر مقطع مصور على صفحته بالفيس بوك مطلع أبريل/ نيسان الجاري ، ورصده "الموقع بوست" حيث قال فيه إن أعمال البسط العشوائي على الأراضي بالمديرية تتم بحماية أطقم عسكرية تتبع قوات الحزام الأمني.
وأظهر الفيديو الذي نشره اليزيدي، إطلاق عناصر الحزام الأمني النار باتجاهه ومرافقيه، وذلك لمنعهم من النزول لموقع الأراضي التي تم نهبها.
وسبق أن اندلعت عشرات المواجهات المسلحة في مناطق متفرقة من عدن، بفعل انعكاسات ظاهرة البسط العشوائي، حيث يضطر مُلاك الأراضي للدفاع عن أملاكهم، وفي أحايين أخرى تتم المواجهات بين مجاميع مسلحة تسعى كل واحدة منها للسيطرة على أرضية أو عقار بغض النظر عن كونه ملكية عامة أو خاصة.
وفي ذات السياق، يُفيد النائب الأول لمدير أمن عدن، العقيد علي الذيب" أبو مشعل الكازمي" أن هناك حملة أمنية مرتقبة، ترتب لها وزارة الداخلية، ستطال كل من اعتدى على الممتلكات الخاصة والعامة.
وأضاف الكازمي في تصريح خاص لـ"الموقع بوست" أنه وفي بداية الأمر تم النزول إلى منطقة التقنية بمديرية المنصورة، حيث تم رفع تقرير مفصل لمدير الأمن ووزير الداخلية أحمد الميسري ونائبه علي ناصر لخشع وهم الجهات الأمنية العليا.
وأوضح الكازمي "أنه ومع الأسف الشديد تبين ضلوع قيادات أمنية كبيرة في إدارة الأمن وكذا في قوات الحزام الأمني، خلف أعمال البسط العشوائي ونهب الأراضي التابعة للأشخاص أو تلك التابعة للدولة، وذلك إما بالحماية والتستر أو بالوقوف المباشر خلف تلك الأعمال الخارجة عن القانون والمُهددة للأمن والسلم الاجتماعيين.
وذكر أن هناك ترتيبات لتشكيل قوة أمنية مهمتها حماية الأراضي والعقارات الخاصة والحكومية، حسبما أفاد نائب وزير الداخلية اللواء لخشع خلال لقاءاتنا معه.
وقال الكازمي "إنه ومن جانبهم فهم مجتهدون في محاربة الإرهاب والبلاطجة وحل شكاوى المواطنين، وكذا مسألة انضمام باقي أفراد المقاومة للجيش والأمن، وهناك مجمل من القضايا الكبيرة علينا وللإنسان مقدرة ونحن نتحرك على حسب مقدرتنا ونسأل من الله التوفيق والسداد.
وأشار إلى أن تحركاتهم لا تتعدى مهمة رفع التقارير المفصلة للجهات العليا، وذلك بعد استدعاء الباسطين على الأراضي للتأكد من حقيقة امتلاكهم لأي وثائق ملكية.
وكشف العقيد الكازمي في تصريحه لـ"الموقع بوست" عن تورط مؤسسات في الدولة بأعمال البسط العشوائي ونهب أراضي الدولة وكذا التي تعود ملكيتها للأشخاص، فهذه المؤسسات بدلاً من أن تقوم بدورها القانوني، أصبحت تُمارس الفوضى وتقوم بصرف تراخيص لشركات ومؤسسات وكذا أشخاص للبناء وكذا تملك أراضٍ، وهي مملوكة بالأساس إما للدولة أو للمواطنين؛ مبيناً أن بعض المؤسسات وكذا المسؤولين يقومون بإصدار تصاريح للبناء بالرغم من كون ذلك ليس من صلاحياتهم، ما تسبب في هضم حقوق المواطنين، واندلاع اشتباكات مسلحة بين المُلاك والباسطين وهو ما يهدد الاستقرار والأمن العام في العاصمة المؤقتة عدن.
ولفت إلى أنهم مستمرون في النزول الميداني ورفع التقارير المفصلة، وذلك حتى تتم معالجة هذا الملف وبشكل كامل، فهو قد أصبح هماً يؤرق المواطنين، فضلاً عن تسببه في تفتيت النسيج الاجتماعي نتيجة للمشاحنات والاشتباكات المستمرة، والتي سقط وما يزال يسقط فيها العديد من القتلى ناهيك عن الجرحى.