[ صاروخ بالستي أطلقته مليشيا الحوثي باتجاه السعودية ]
يستمر تهديد الحوثيين للملكة العربية السعودية باستهداف عمق أراضيها بصواريخهم، التي تطلقها باتجاهها منذ أكثر من ثلاث سنوات، في ظل غموض نتائجها.
لكن اللافت هذه المرة هو تصعيد الحوثيين غير المسبوق، فخلال الأيام الأخيرة نفذ الحوثيون هجمات صاروخية شبه يومية، بعد تصريحات رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" صالح الصماد، الذي قال إن "هذا العام سيكون عاما باليستيا بامتياز، ولن تسلم السعودية من صواريخهم مهما حشدت من منظومات دفاعية.
تزامن التصعيد مع تحرك المجتمع الدولي باتجاه الدفع قدما بعملية السلام المتعثرة في اليمن منذ أكثر من عام، وهو ما يعني أن الحوثيين يسعون للضغط على المملكة، وهو ما بدا واضحا بتوجه الرياض نحو تشجيع الحل السياسي للأزمة في البلاد، أو تمهيدا لمرحلة جديدة من الصراع ملامحها مجهولة حتى الآن.
وكان عبدالوهاب الشرفي -المقرب من الحوثيين- قال في مادة صحفية إن منظومات الصواريخ اليمنية على مدى الثلاث السنوات الماضية، خضعت لعمليات تعديل واسعة وحثيثة، جعلت سلاح الصواريخ الذي يمتلكه الحوثيون قوة سيكون لها حضورها خلال الفترة القادمة من الحرب، في ميدان البحر والبر، وستطال جغرافيا السعودية والإمارات بالكامل، وسيكون لها أثرها على المعادلات السياسية والعسكرية.
الرياض والتصدي للصواريخ
كما هو معروف، فالسعودية تتحدث عن تصديها لمختلف الهجمات الصاروخية التي ينفذها الحوثيون على أراضيها، باستخدامها لمنظومة الباتريوت الأمريكية التابعة للتحالف العربي.
لكن مجلة فورين بوليسي نشرت تحليلا لمدير برنامج منع انتشار الأسلحة بمؤسسة جيمس مارتن جيفري لويس، أكد فيه فشل نظام الباتريوت بالتصدي لصواريخ الحوثيين.
وبرهن على حديثه بالقول إن صواريخ باتريوت المتقدمة ليست مصممة لاعتراض صواريخ بركان 2 التي يطلقها الحوثيون على الرياض، كونها تصل لمسافة 600 ميل، وتمتلك رؤوسا تنفصل عن جسم الصاروخ نفسه.
وطالب وزارة الدفاع الأمريكية لتوضيح المزيد من المعلومات بشأن أداء صواريخ باتريوت، مفسرا -بالمقابل- سبب شراء السعودية لتلك الصواريخ بأنه حرصا من الرياض على توفير الأمان لمواطنيها، وكونها تعاني من ضغط كبير إزاء حمايتهم.
هل يُجدي استخدام الصواريخ؟
يركز الحوثيون على الصواريخ وبشدة في حربهم مع السعودية التي فقدوا معها القدرة على استخدام الطيران، إضافة إلى شنهم العديد من الهجمات في معاركهم على الحدود مع المملكة.
كما هو ملاحظ، فغالبا ما يتزامن تصعيد الحوثيين بإطلاقهم للصواريخ، مع وجود تحركات دولية تهدف إلى إيجاد حل سلمي للأزمة اليمنية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
ويبدو أن المملكة تدفع ثمنا باهظا إزاء تلقيها تلك الهجمات الصاروخية، التي تؤكد تقارير أنها تفشل بالتصدي لها، وهو ما ينعكس على الأرض، فيقل دعم الجبهات على الأرض، ويبقى هناك خطوط حمراء لا يتجاوزها الطرفان.
وكثيرا ما تلوح جماعة الحوثي بورقة الصواريخ، في محاولة الضغط على المملكة العربية السعودية، ويطالبونها بإيقاف غاراتها الجوية في اليمن، مقابل التوقف عن إطلاق الصواريخ.
وتجري السعودية من وقت لآخر مفاوضات سرية مع الحوثيين، الذين يراهنون على تحقيق الكثير من المكاسب باستخدامهم لتلك الورقة، وهي اليوم تؤكد دعمها للحل السياسي في اليمن.
كما تعتبر السعودية تكثيف إطلاق الحوثيين الصواريخ باتجاه أراضيها، بأنه نتيجة لفشلهم على الأرض وتراجعهم مع احتدام القتال في عدة جبهات.
وتبلغ تكلفة صاروخ الباتريوت ثلاثة ملايين دولار، ويستلزم إسقاط صاروخ بالستي ثلاثة صواريخ باتريوت على الأقل، أي أن اعتراض سبعة صواريخ يكلف 21 مليون دولار أو أكثر، وهو ما يؤثر بشكل سلبي على اقتصاد الرياض، وفقا لتقارير.
إيران.. اتهامات ونفي
توجه مختلف الأطراف الاتهامات لإيران بشأن تهريبها الأسلحة وخاصة الصواريخ للحوثيين، التي لم تكن تمتلك اليمن كثير من أنواعها.
فكثيرا ما اتهم مسؤولون يمنيون إيران بتزويد الحوثيين بطائرات دون طيار، وصواريخ استخدمتها الجماعة لضرب الأراضي اليمنية والسعودية.
وترفض الحكومة اليمنية تهديدات الحوثيين لدول الجوار، وتقول إن تلك الجماعة باتت أداة إيرانية لإغراق المنطقة والعالم بحروب.
وفي وقت سابق كذلك، قال السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، إن الخبراء الإيرانيين تمكنوا من تهريب قطع الصواريخ عن طريق ميناء الحديدة، ثم قاموا بتجميعها في صنعاء وإطلاقها على الرياض.
وإزاء ذلك، تنفي إيران الاتهامات الموجهة لها بشأن تزويد الحوثيين بصواريخ باليستية، مؤكدة أن الحوثيين يصنعون صواريخهم بأنفسهم.
إلا أن تقرير فريق الخبراء الدوليين التابع للجنة العقوبات المفروضة على اليمن، عزز اتهامات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإيران بتزويد الحوثيين بالأسلحة بما فيها الصواريخ البالستية، إذ تفحصت اللجنة بقايا صاروخين أطلقا في يوليو/تموز ونوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي على السعودية، وتبين أنهما يماثلان تصميم صاروخ إيراني، ومن المؤكد تقريبا أنهما من إنتاج الشركة الإيرانية نفسها، بحسب ما ورد في التقرير.
وأفاد التقرير أن مليشيا الحوثي حصلت على أسلحة إيرانية، بينها صواريخ بالستية أطلقتها على الأراضي السعودية. وقالت اللجنة المعدة للتقرير إن هناك مؤشرات قوية على توريد المواد ذات الصلة بالأسلحة المصنعة في إيران أو الصادرة عنها، في انتهاك لحظر الأمم المتحدة على اليمن.
بينما قال جيفرى فيلتمان، الرئيس السياسي للأمم المتحدة، إن "الصواريخ التي أطلقت على المملكة العربية السعودية لها سمات مماثلة تشير إلى وجود أصل مشترك، وتتسق مع صواريخ عائلة سكود، ولها خصائص معروفة أنها تتفق مع صاروخ كيام -1 الإيراني".
مرحلة جديدة من الصراع
وتوقعت صحيفة "ديلي إكسبرس" البريطانية، في تقرير سابق لها، دخول الصراع السعودي الإيراني في مرحلة لا يمكن التنبؤ بعواقبها، نتيجة لاستمرار الحوثيين باستهدافهم المملكة بالصواريخ.
ونقلا عن المحلل في شؤون الشرق الأوسط في شركة "تي أس لومبارد" ماركوس جينفكس، فإن النزاع السعودي مع إيران دخل مرحلة لا يمكن التكهن بها، لافتا إلى استغلال إيران لفراغ القوة الذي حدث، والذي استغلته إيران والسعودية، متوقعا أن يكثف الحوثيون من استهدافهم بالصواريخ للملكة بعد مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وطالت السعودية منذ بداية الحرب أكثر من 100 هجمة صاروخية، استهدفت أغلبها الرياض ومكة المكرمة، بعد أن وصل مدى صواريخ الحوثيين إلى قرابة 800 كم.