[ مهنة الصحافة باليمن تحولت إلى مخاطرة بفضل الصراع الدائر ]
تستمر انتهاكات مليشيات الحوثي الانقلابية بحق الصحفيين اليمنيين، منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وبذات الشراسة غير المعهودة في البلاد، وتحولت معها تلك المهنة إلى مُخاطرة كبيرة.
ويتعرض الصحفيون للاستهداف المباشر عبر القتل العمد، والاختطاف والإخفاء القسري، والتعذيب في سجونها، فضلا عن مطاردتهم والتضييق عليهم والتحريض ضدهم واستخدامهم كدروع بشرية.
وكان آخر ضحايا الحوثيين، هو مصور قناة بلقيس الفضائية عبدالله القادري، الذي قُتل بعد استهداف المليشيات لقافلة صحفية كانت تغطي الأحداق في منطقة قانية بمحافظة البيضاء، سقط جراءها كذلك الصحفي ذياب الشاطر و وليد الجعوري.
نعي وإدانة
ونعت قناة بلقيس مصورها في محافظة مأرب القادري، الذي توفي بعد إصابته بقذيفة أطلقتها مليشيات الحوثي الانقلابية.
ودعت قناة بلقيس، نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب والاتحاد الدولي للصحفيين للوقوف إلى جانب الصحفيين اليمنيين الذين يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات والاستهداف المستمر من قبل مليشيا الحوثي التي تم تصنيفها كثاني أسوأ جماعة في العالم بعد تنظيم داعش الإرهابي، في استهداف الصحافة والصحفيين.
بدورها أدانت نقابة الصحفيين اليمنيين مقتل القادري، وإصابة الشاطر والجعوري، مؤكدة أن كل الجرائم التي ارتكبت بحق الصحافة والصحافيين لا تسقط بالتقادم، وقالت "لابد أن ينال مقترفوها العقاب الرادع".
وطالبت النقابة، كافة وسائل الاعلام بتوفير أدوات الحماية للمصورين والصحفيين، وتدريبهم على إجراءات السلامة المهنية أثناء تغطية الصراعات والحروب.
واقع دموي
وفي تقرير حديث صدر قبل أيام، رصدت نقابة الصحفيين اليمنيين 60 حالة انتهاك، طالت الحريات الإعلامية في اليمن خلال الربع الاول من العام الجاري 2018.
وقالت نقابة الصحفيين اليمنيين في تقرير صادر عنها اليوم الثلاثاء، إن البيئة الإعلامية في اليمن لا تزال أكثر عدائية للعمل الصحفي ومليئة بالمخاطر التي تقف وراءها كافة الأطراف المتصارعة التي لا تفرق بين العمل الصحفي والصراعات الناشبة في مختلف مناطق البلاد.
بينما كشفت -في وقت سابق- المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين (صدى)، ن توثيقها لـ2250 حالة انتهاك، طالت الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام ومؤسساتهم منذ انقلاب جماعة الحوثي على الشرعية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2017.
وقالت المنظمة في تقريرها إنها رصدت 20 نوعاً من الانتهاكات التي قامت جماعة الحوثي ضد الصحفيين والعاملين في حقل الإعلام، والتي تمثلت بالاختطاف، والإخفاء القسري، واختطاف الأقارب، والقتل، والاعتداء الجسدي، والإصابة، والتهديد، والتشهير، واستهداف المنازل، واستهداف الممتلكات والوظيفة، واستغلال القضاء، والتشريد، والاعتداءات الإلكترونية، واحتلال المؤسسات الإعلامية، والملاحقة الأمنية.
إقرأ ايضا: حزن يعم الوسط الصحفي بعد مقتل القادري والصحفيون ينددون
وحملت المنظمة في تقريرها، جماعة الحوثي مسؤولياتها عن 85 في المئة من الانتهاكات الموثقة تجاه الصحفيين في 21 محافظة، مشيرة إلى أن تلك المليشيات اعتدت جسدياً على 54 صحفياً، وأصيب 33 آخرون وتعرض 55 صحفياً للتعذيب، و64 للتهديد والتشهير.
وأضافت المنظمة أنها رصدت خلال الثلاثة الأعوام الماضية، قيام الحوثيين بقتل 22 صحفيا من خلال القنص، واستخدامهم دروعاً بشرية، وكذا القتل باستخدام العبوات الناسفة والقصف العشوائي، والقتل بالسم، وبلغ عدد الصحفيين الذين تعرضوا للاختطاف 141 صحفياً منهم 14 صحفياً تعرضوا لجريمة الإخفاء القسري.
ثمن باهظ
وحول التحول الذي شهدته الصحافة في اليمن منذ انقلاب 2014، يقول الصحفي فارس الشعري إن الصحافة أصبحت كابوسا مزعجا في نظر تجار الحروب، الذين قاموا بالتحريض ضد الصحفيين.
ولفت في تصريحه لـ"الموقع بوست" إلى حديث زعيم مليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي في وقت سابق، الذي اعتبر الصحفيين والإعلام أشد خطرا من المقاتلين في الجبهات، وهي –على حد قوله- دعوة حرب مفتوحة لاستهدافهم.
اليوم ونتيجة لاستمرار الحرب، يذكر الشعري أن الصحفيين يدفعون ثمناً باهظاً للحصول على المعلومة وفي توثيق الصورة، وصل إلى حصد أسبوعي لأرواح صحفيين أبرياء، بقصف عشوائي لأطراف النزاع، بدءاً من وضعهم في أماكن مستهدفة أمام طيران التحالف كما حدث في ذمار وصنعاء، وانتهاء بقصف لمسلحي الحوثي كما حصل في تعز ومؤخراً في البيضاء.
وأضاف "الاعتداءات على الصحفيين تحولت بعد انقلاب الحوثيين إلى قتل مباشر واستهداف واضح دون مبرر، في ظل عدم وجود حتى إدانة دولية لتلك الجرائم التي يجب أن لا تسقط لمجرد حدث عابر ينتهى بدفن روح الصحفي المدنية، ويتذكر بصور التعازي على مواقع التواصل".
وأكد على ضرورة إيجاد حلول عاجلة، تحد من الجرائم والانتهاكات التي تطال الصحفيين والمواطنين المدنيين في اليمن.
وتطرق إلى وجود صحفيين ما زالوا في سجون الحوثيين منذ أكثر من عامين، يتعرضون يومياً لأنواع عديدة من التعذيب يصعب وصفها.
وطالب نقابة الصحفيين اليمنيين والمنظمات المدينة الأخرى العاملة في اليمن، بعقد ندوات بشكل دوري مستمر في العديد من دول العالم، لعرض الجرائم التي تحدث للصحفيين في البلاد، بغية إيجاد تحرك دولي حقوقي لوقف هذه الانتهاكات، وإنقاذ ما تبقي من أرواح صحفية من نار تجار الحروب.