[ واصلت المليشيا حوثنتها للدولة منذ 2014 ]
واصلت مليشيات الحوثي الانقلابية مشروع إقصاء مختلف الأطراف في اليمن، وتعيين أتباعها من ذات السلالة في مفاصل الدولة التي سيطرت عليها عقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014.
وأجرت مليشيات الحوثي تغييرات عدة في مؤسسات الدولة المختلفة، التي ما تزال خاضعة في المناطق لسيطرتها، وقامت خلالها بإقصاء عدد من المسؤولين فيما يسمى بـ"حكومة الإنقاذ الوطني"، التي كان حزب المؤتمر جناح (صالح) وتلك المليشيات شركاء فيها.
وأصدرت جماعة الحوثي في العاصمة صنعاء الاثنين 1 يناير/كانون الثاني، قرارات رئاسية قضت بتعيين وزراء ونواب وزراء ومحافظين ومسؤولين في مواقع سيادية، دون أسس دستورية ولا قانونية، كما لم تذكر الجهة التي أصدرت تلك القرارات.
وكان لافتا أيضا أن تلك المليشيات أصدرت قرارات قضت بتعيين محافظين لمحافظات عدن وأبين وسقطرى، الخاضعات لسيطرة الشرعية.
جاء هذا عقب مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على أيدي الحوثيين، وقيام تلك المليشيات بإقصاء كثير من المؤتمريين الذين كانوا حتى وقت قريب متحالفين معها.
ويبدو أن المليشيات تسعى لترسيخ حضورها في مختلف مفاصل الدولة، أملا بأن يبقى أتباعها في مواقعهم، إذا ما تم التوصل لمصالحة وطنية، وهو ما سيبدو معه مستقبل اليمن أكثر ضبابية في ظل بقاء الحوثيين على ما هم عليه الآن.
مليشيات عنصرية
يقرأ الكاتب الصحافي والباحث توفيق السامعي تلك القرارات بأنها تأتي في إطار طبيعة المليشيا الحوثية التي تتميز بطبيعة عنصرية ولا تقبل الشراكة مع أحد.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن تلك المليشيات تنظر إلى أن الحكم والتحكم بمفاصل الدولة من حقها وحدها فقط دون الآخرين، وإن عينت آخرين فبقلة نادرة وفي أماكن غير مؤثرة ولا يؤبه لها، كي تحسن صورتها عند الآخرين.
وأكد أن ذلك التوجه لدى تلك المليشيات هو عقائدي وليس سياسي، فمهما حاولت الظهور بمظهر القبول بالآخر، فإنه يكون فقط حيث التمكن المرحلي ومن ثم يتم الانقلاب على كل ذلك.
أهداف بعيدة المدى
وحول الهدف الذي تسعى له المليشيات الحوثية من تلك التعيينات، قال السامعي: "مستقبلا هذه العناصر التي تعينها اليوم ستكون بنظرهم جزءاً من أي تسوية قادمة، وتحرص على أن تكون متواجدة بكثافة، حتى تظل مسيطرة ومهيمنة على مؤسسات الدولة، وستعيد الانقلاب كرات ومرات متعددة، وستستمر تنخر الدولة من الداخل وتكرر مشهد 2014 مجدداً".
وأشار إلى أن تعييناتهم تلك لم تكن وليدة اليوم، فقد غرسوا عناصرهم في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها منذ ثورة 26 سبتمبر/أيلول 1962، وفي المصالحة التي تمت بين الملكيين والجمهوريين عام 1979؛ إذ عززوا من هذا الجانب، واستمروا بدس عناصرهم وتعيينهم وترقيتهم، حتى تمكنوا من مفاصل الدولة ونخرها، واستطاعوا هدمها من الداخل بانقلاب 2014.
أهداف مُتباينة
بدوره اعتبر الناشط السياسي منير الوجيه أن التعيينات الأخيرة، استكمالا لتفكيك منظومة صالح وإزاحتهم من مفاصل الدولة، وتعيين شخصيات تدين بالولاء لجماعة الحوثي الإيرانية.
ورأى في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن الحوثيين يسعون بذلك أيضا إلى لفت أنظار قواعدهم بأنهم ما زالوا يمسكون بزمام الأمور، والتغطية على خسائرهم التي يتكبدونها يوميا في الجبهات، وإيهام قواعدهم بأنهم لن يفرطوا بالمناطق التي تحت سيطرة الشرعية، وذلك من خلال تعيين محافظين لعدن ولحج، وأنهم ما زالوا يمتلكون القدرة على استعادتها.
ويعتقد كذلك أنها ردا على ردود الفعل الإعلامية على تصريح الناطق باسم الجماعة محمد عبدالسلام، الذي حث فيه الجنوبيين على الانفصال، بأن هذا مجرد مزايدة، وإلا لما أصدروا تلك التعيينات.
قرارات غير مشروعة
وعن مشروعية تلك التعيينات، أكد الوجيه أنها غير شرعية ولا تدل على اقتراب أي عمل توافقي، لافتا إلى أن الجماعة تعيش مرحلتها الأخيرة بتخبط وخوف نتيجة الصراع الداخلي، وضربات الجيش الوطني وسيطرته على مساحات واسعة ومهمة، في جبهة الساحل وفي الجوف ونهم بصنعاء ولحج.
وبحسب الوجيه فقد "انتقلت معارك الحوثي من الأرض إلى المعارك الإعلامية؛ لأنهم يخسرون كل يوم عدة جبهات ومساحات واسعة، فضلا عن أنهم أصبحوا عراة من أي غطاء سياسي أو إجماع شعبي، فأصبحوا اليوم في عزله تامة، لا يستطيعون ملء هذا الفراغ.