[ مليشيا الحوثي - أرشيفية ]
تستكمل مليشيات الحوثي الانقلابية مسلسل العبث بممتلكات الدولة والمدنيين المناوئين لها، عبر إصدارها تعاميم غير قانونية، مستغلة سيطرتها على مفاصل الدولة بعد إحكام سيطرتها على صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.
وأصدر البنك المركزي الخاضع لسيطرة الانقلابيين أمس الأول الثلاثاء، تعميماً إلى جميع البنوك الحكومية والأهلية، بالحجز التحفظي على حسابات 1223 شخصاً ومؤسسة من المؤيدين للشرعية.
وشملت القائمة التي تداولتها وسائل الإعلام، أسماء قيادات حكومية ووزراء ومسؤولين وقيادات أحزاب وقيادات الجيش الوطني، بالإضافة إلى عدد من الوجهاء والمشائخ الموالين للشرعية.
وردا على ذلك أكد البنك المركزي اليمني، أن التعميم الذي صدر عن مليشيات الحوثي "باطل ويفتقد لأي سند أو أساس قانوني أو مهني".
وشدد البنك المركزي بالعاصمة المؤقتة عدن على "عدم جواز التعامل مع التعميم المنسوب إلى وحدة المعلومات المالية بالبنك المركزي اليمني فرع صنعاء، والذي سرب إلى وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي بخصوص الحجز التحفظي على حسابات بنكية لعدد من الجهات والأشخاص".
وطالب البنك في بيان صادر عنه إلى "عدم الاكتراث بتعميم وحدة المعلومات المالية بفرع صنعاء كونه كتب تحت تهديد وهيمنة المليشيات الحوثية الانقلابية".
فيما استنكر يمنيون وقانونيون تلك الممارسات التي لا تستند على أي قانون، مؤكدين أنها تأتي في إطار مشروع استكمال نهب ومصادرة أموال الدولة ومناوئيهم، ومحاولة تخويف الناس بمثل تلك الإجراءات.
سرقة وترويع
الصحفي رشاد الشرعبي الذي ورد اسمه ضمن القوائم التي قام الحوثيون بتعميمها، قال إن الإجراء الذي أقدم عليه الانقلابيون هو باطل، لأن تلك المليشيات سلطة وعصابة انقلابية غير شرعية.
وأكد لـ"الموقع بوست" أنه لن يكن له أي أثر على اصطفافهم الوطني وراء القضية، التي تسيل لأجلها الدماء الزكية وأغلى التضحيات.
ورأى أن تلك الإجراءات المعلنة الغرض منها إلى جانب ترويع أسر الناس المستهدفين من مؤيدي الشرعية, وهي كذلك محاولة للتغطية القانونية لعمليات السرقة للأموال الخاصة والعامة، والنهب للممتلكات والمؤسسات التي تمت منذ اجتياحهم للعاصمة صنعاء وبقية المدن، وما سيتم لاحقا من عمليات نهب وسرقة ومصادرة.
وانتقد عدم قيام السلطات القضائية التابعة للشرعية بأي موقف، وعدم مبادرتها لإدانة ومحاكمة "المجرمين واللصوص" في مليشيات الحوثي، وإعداد قوائم بأسمائهم، برغم محاكمتهم الرئيس عبدربه منصور هادي ومعاونيه، واختطاف وملاحقة الناشطين والصحفيين، ومحاكمة البعض وإدانتهم، ونهبهم للمال العام والخاص، وإصدارهم مؤخرا للقائمة التي تضم أكثر من 1200 يمنيا.
لصوص وقتلة
بدوره علق الأديب اليمني علي المقري، الذي ورد اسمه أيضا في ذلك التعميم قائلا :"أنا الخائن رقم 1000،وكيف لا أخون هذه المليشيات الكهنوتية، التي لم يعرف مثلها اليمن منذ مئات السنين".
وتابع في منشور بصفحته بموقع الفيس بوك :"هؤلاء اللصوص والقتلة لم يعد لهم إلا أن يفتشوا ما تبقى من فلسات الناس في البنوك (العملات المعدنية)، ليسرقوها بدعوى خيانة أصحابها، لوطنهم الذي حوّلوه إلى سجن كبير".
وأكد أن الوضع الذي تمر به اليمن اليوم لن يستمر، وستتهدم جدران السجن الذي بناه الحوثيون على رؤوسهم ذات يوم.
اقتراب نهاية المليشيا
أما وكيل وزارة الإعلام مختار الرحبي، الذي حمل رقم 662 في القائمة الحوثية الصادرة عن البنك المركزي التابع للانقلابيين، فرأى أن الحوثيين تضرروا كثيرا جراء الحرب وقد وصلوا إلى النهاية.
وقال :"هذا دليل أنهم في الرمق الأخير، ويبحثون عن كل ما يستطيعون نهبه قبل الهروب الكبير".
مخاطر مستقبلية
وبالنسبة للكاتب والباحث توفيق السامعي، فيعتقد أن الحوثيين يهدفون من وراء تلك التعميمات إلى مصادرة أموال الناس ونهبها بطرق مختلفة، ليس فقط لتمويل حروبهم وتمويل جبهتهم بل لتكوين طبقات ثرية تظل متحكمة بزمام الاقتصاد في البلد من عقارات وغيرها كما فعل آباؤهم الأئمة من قبل.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن أكثر بيوت صنعاء ثراءً عقاريا هي تلك البيوت التي ورثت ما نهبه الأئمة السابقون من أموال اليمنيين، والحوثيون يكررون الأمر ذاته حتى تبقى عملية نبتتهم الشيطانية قائمة، فإن انكسرت عسكرياً في فترة من الفترات تظل جذور التمويل قائمة، ويمكن أن تقوم جبهات وحركات أخرى قادمة، تكون قادرة على الاكتفاء والتمويل الذاتي، ويبقى الناس بحاجة إليهم.
وشدد السامعي على ضرورة التصدي لمثل تلك المشروعات والأهداف عبر وسائل مختلفة، منها تعرية أفكارهم ومشاريعهم وأهدافهم، ورفض ومقاومة مثل هذه القوائم قانوناً وحتى بالسلاح، والتشابك المجتمعي والمؤسسي في عدم الاستجابة لطلباتهم، لافتا إلى عدم امتلاك بعض من وردت أسماؤهم في ذلك التعميم أي أموال أو عقارات.
ونوه إلى ضرورة القيام باحتجاجات، ورفع القضايا للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية وغيرها وفضح المليشيات إعلاميا، وإذا ما قام الحوثيون بالنهب فينبغي رصد كل ما ستقوم به، لإعادة الحقوق إلى أهلها بعد استعادة الدولة.
وأشار إلى طبيعة المليشيات الحوثية السياسية والعقائدية والعنصرية التي تقوم بنهب أموال واستحلال كل شيء لخصومها، وقيامها على أساس فتوى وصلب إمامتهم التي تقول إن الإمام إذا خرج داعياً للإمامة وجبت طاعته من الجميع ومن أبى فدمه وماله حلال لهم يجب مصادرته.
جريمة ستثقل كاهلهم
فيما حذر المحامي توفيق الحميدي رئيس فريق الرصد بمنظمة سام للحقوق والحريات من خطورة ما تقدم عليه مليشيات الحوثي، وقال :"إن أي خطوات تقوم بها المليشيا في هذا المجال هي أعمال تفتقر للمشروعية وهي حجة عليها وليس لها، ذلك أن الدستور اليمني كفل للمواطنين حقوقهم في الملكية وصانها بقوانين تنظم طرق انتقال الملكية، ولا يحق لأي سلطة سياسية شرعية كانت أو مغتصبة أن تنهب أموال الناس، لأنها تسميهم خونة كما يحدث حاليا على يد جماعة الحوثي" .
وذكر الحميدي أن هذه العملية تـُذكِّر بجريمة نهب أموال سكان مدينة صنعاء التي أباحها الإمام أحمد يحيى حميد الدين عام 1948 لأنصاره، الذين ساعدوه في اسقاط الثورة الدستورية في ذلك الوقت.
ودعا مليشيات الحوثي إلى مساعدة نفسها والتخفيف على كاهلها، من تحمل كل هذه الحقوق والممتلكات التي لا تسقط ولا يمكن إباحتها بحالٍ من الأحوال.
يذكر أن مليشيات الحوثي الانقلابية، عملت منذ 2014 على نهب البنك المركزي، وكذلك هيئة التأمينات والمعاشات، فضلا عن العديد من المؤسسات المختلفة.