[ الحكومة قالت إن هدف الدمج هو إضفاء البعد الوطني على الوحدات العسكرية ]
في ظل الواقع المضطرب الذي تعيشه اليمن في شمال البلاد وجنوبها، أعلن رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، بأنه تقرر دمج الوحدات العسكرية والأمنية التي تشكلت على أساس مناطقي في المناطق المحررة من مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية، ولا تخضع لسلطات الشرعية.
وقال إن القرار "يهدف لبناء وحدات تتكون من أفراد لا ينتمون لمنطقة محررة بعينها، بل إلى كل المناطق المحررة، ولا تحكمها عصبية مناطقية أو سياسية".
وقوبلت تصريحات بن دغر بردة فعل غاضبة جاءت على لسان المتحدث الرسمي باسم ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، وعضو هيئة رئاسة المجلس سالم ثابت العولقي، الذي قال إن المجلس الانتقالي لن يسمح بعودة الوحدات العسكرية الشمالية بعد أن تم دحرها، مؤكدا أن أي خطوات في هذا الاتجاه ستواجهها الإرادة الحرة لشعب الجنوب، وتسقطها مثلما أسقطت مليشيات الحوثي وقوات صالح الغازية، على حد تعبيره.
ومن المتوقع أن يُشكل هذا القرار مقدمة لتوحيد المصير في البلاد، في ظل الواقع المضطرب وفي وقت تزايدت فيه حملات تدعو بمشاريع كثيرة، خارجة عن مشروع الدولة الاتحادية التي أجمع عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وكان لبن دغر مؤخرا تحركات ميدانية كبيرة في إطار تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، وهذا يأتي -وفق مراقبين- ضمن هذا السياق الهادف للم شمل الشرعية في أهم مؤسستين (الأمنية والعسكرية) تم الاستحواذ عليهما من قِبل حكم عائلي لعقود (نظام المخلوع صالح).
مطلب شعبي
ومع صعود العديد من القوى التي أعاقت بسط الشرعية يدها في المناطق المحررة، كقوات النخبة الشبوانية والحزام الأمني، بدأت الدعوات المُنادية بضرورة دعم الشرعية من أجل استعادة الدولة وتطبيع الحياة.
ويعتبر الصحفي فؤاد مسعد، أن قرار بن دغر هو مطلب شعبي مُلِح، كما أنه من صميم واجبات الدولة.
وذكر لـ"الموقع بوست" أن اليمن إلى اليوم يدفع ثمن إنشاء وحدات أمنية وعسكرية، وفق معايير مناطقية وعائلية، لأنها أولا وأخيرا مُعبرة عن المتحكم فيها، ولن تكترث بحماية الوطن وحراسة منجزاته، قدر دفاعها المستميت عن من تمثلهم.
ويتجلى ذلك بكل وضوح -وفق مُسعد- في الوحدات العسكرية التي فرطت في واجب الدفاع عن الوطن والمواطن، وقامت بتسليم مؤسسات الدولة ومعسكرات الجيش لعصابة مسلحة، وشاركتها في إعلان الحرب على اليمنيين، من أجل تحقيق مكاسب رخيصة لأشخاص جندوا أنفسهم في خدمة الانقلابيين لتدمير البلد.
وأكد أنه لا يصح أن تتكرر التجربة السيئة التي حدثت طوال فترة حكم المخلوع صالح، ومن ثم تتكرر المآسي والكوارث، وهو ما يؤكد أهمية قرار رئيس الوزراء، لبناء مؤسستي الجيش والأمن حسب مبدأ الولاء الوطني، وليس الارتباطات الضيقة التي من شأنها إعاقة بناء الدولة، وعرقلة تكوين بقية المؤسسات والهيئات الحكومية.
التحديات والأهمية
ومؤخرا سعت بعض القوى الانفصالية في الجنوب نحو تكريس الانفصال في جنوب البلاد، والعودة إلى حدود عام 1990، وأعاقت القوات التابعة لها عمل المؤسسات التي تخضع للدولة.
وتخوض الحكومة اليمنية -وفق المحلل السياسي محمد المهدي- معارك كثيرة في المناطق المحررة وهي أهم من معارك تحريرها، منها خطوة نقل البنك المركزي التي برغم تأخرها كثيرا، إلا أن المليشيا الانقلابية تضررت منها كثيرا.
وتطرق في حديثه لـ"الموقع بوست" عن قيام الحكومة بتحويل مختلف فصائل المقاومة الشعبية إلى سلك الدولة العسكري ودمجها به، مؤكدا أنها بذلك تعمل على تحقيق مشروع الدولة الاتحادية التي تتطلب دمج القوات المختلفة.
وعن أهمية قرار بن دغر دمج الوحدات العسكرية والأمنية في شمال وجنوب البلاد، يرى المهدي أن ذلك يأتي لمصلحة تلك القوى قبل أن يكون لمصلحة الدولة.
وبيَّن أن تلك القوى قد توصف -ولو بعد حين- بأنها مليشيا إن ظلت خارج إطار الدولة، وسيتم ضربها بهذه الحجة من قِبل أي قوة دولية، كون المجتمع الدولي يعترف بالشرعية فقط.
وأردف أن هذه الخطوة مهمة وإن تضرر منها البعض، إلا أنها فرصة لمعرفة إن كانت تلك القوات قد عملت من أجل الشرعية أم مشاريع أخرى، لافتا إلى أنه إن كانت تعمل لصالح أجندة أخرى فهي لن تقل خطرا عن مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية.
وتوقع في ختام حديثه أن تعمل الحكومة الشرعية بدعم من قوى المجتمع الدولي، على خوض معركة أخرى مع تلك القوات، إذا ما هددت بعمل عسكري ضد الحكومة.
الجدير بالذكر أن العديد من القوات تشكلت في المحافظات الجنوبية عقب تحريرها، وهي لا تدين بالولاء للجيش الوطني، وهو ما يُشكل خطورة على مستقبل اليمن الموحد.