[ مطار عدن الدولي - أرشيف ]
بات مطار عدن الدولي تحت السيطرة الكاملة لقوات الحزام الأمني التابعة لدولة الإمارات، بعد مواجهات عسكرية شرسة، دحرت من خلالها مجموعة عسكرية كان يقودها الضابط الخضر كردة، المكلف من الرئيس هادي بقيادة قوات حماية المطار.
اعتُقل كردة وأودع إحدى زنازين معسكر القوات الإماراتية بالبريقة، رفقة ما لا يقل عن 12 فردا من مرافقيه وعشرة آخرين من جنوده، بينما فر بقية أفراد مجموعته، تحت وطأة الرشاشات المتوسطة والمقاتلات الحربية التي حلقت على علو منخفض، في حين انسحب القائد المتمرد صالح العميري والمعروف بـ"أبوقحطان"، إلى أحد المعسكرات التابعة للإمارات في عدن، بعد أن أنهى مهمته الأمنية والتي استمرت لقرابة العامين، وبقيت قوات الحزام الأمني إلى جانب عدد ضئيل من الأفراد والأطقم التابعة لإدارة الأمن، تحكم سيطرتها على مطار عدن الدولي، والذي كان مسرحا لكثير من الأحداث خلال الأشهر الماضية.
كانت مهمة حماية أمن المطار موكلة إلى كتيبة من لواء زايد التابع للشرعية، بقيادة المقدم صالح العميري، وذلك قبل أن يقوم العميري بربط علاقات سرية مع القوات الإماراتية، والتي لم تتخلف عن دعمه وإسناده بالعتاد والمال.
تمكن العميري من تكوين قوة عسكرية لا يستهان بها، بعيدا عن أنظار مؤسسة الجيش الرسمية والتي كان ينتمي لها. تزايدت تجاوزات العميري، والذي أصبح يكن العداء للشرعية، فقد وصل به الأمر إلى منعه هبوط طائرة كانت تقل رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، والقادم من المملكة العربية السعودية، مطلع العام الجاري.
ومع تزايد الإشكالات التي من شأنها إعاقة العمل بمطار عدن الدولي، أصدر الرئيس هادي قرارا يقضي بإقالة العميري من منصبه، وتعيين نائبه الخضر كردة بدلا عنه، في خطوة نقلت الصراع بين الشرعية ممثلة بالرئيس عبدربه منصور هادي، والجانب الإماراتي الممثل بالقوات الإماراتية التي تقود عمليات التحالف العربي بعدن، إلى السطح بعد أن كانت حبيسة الكواليس.
وفي مطلع فبراير/شباط من العام الجاري، بدأت معركة المطار، وخسرت فيها الشرعية وقواتها العسكرية أولى جولاتها، فقد قصفت مقاتلة حربية تابعة لعمليات التحالف العربي والذي تقوده الإمارات في عدن، دورية عسكرية تابعة لألوية الحماية الرئاسية، كانت ضمن القوات العسكرية التي أوكلت إليها مهمة فرض قرار الرئيس هادي بتغيير قيادة قوات حماية أمن المطار بالقوة عقب انتهاء المهلة المحددة.
انسحبت ألوية الحماية الرئاسية، تنفيذا لتوجيهات رئاسية، فقد كانت المعركة غير متكافئة، وبقي المتمرد العميري متواجدا في المطار، يمارس مهام قيادة قوات حماية أمن المطار، بدعم إماراتي سخي. أما نائبه الخضر كردة والمعين بدلا عنه، فقد بقي مسيطرا على السور الغربي من المطار.
بقي الوضع على ما هو عليه لثلاثة أشهر، قبل أن تندلع مواجهات عسكرية جديدة، لكن هذه المرة بين المتمرد العميري والضابط كردة المعين قائدا لقوات حماية أمن المطار، كان خلافا بدأه العميري، حسبما ذكرت مصادر أمنية لـ"الموقع بوست"، كون هذه المواجهات هي من مهدت لسيطرة الحزام الأمني.
وفي مساء الثلاثين من مايو/أيار المنصرم، شهد مطار عدن الدولي اشتباكات مسلحة بين المجموعة العسكرية التي يقودها المتمرد صالح العميري من جهة، والمجموعة التي يقودها الضابط كردة من جهة أخرى، وامتدت حتى فجر الأربعاء، وسقط خلالها قتيل واحد وما لا يقل عن جريحين.
توقفت الاشتباكات بحلول صباح الأربعاء، لكن الهدوء لم يستمر طويلا، فقد كان أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة، كانت قوات الحزام الأمني تحشد باتجاه المطار، في تحرك عسكري مفاجئ.
استمرت المعركة لثلاث ساعات، زحفت خلالها قوات الحزام الأمني مسنودة بأفراد من إدارة الأمن وكتيبة مكافحة الإرهاب بقيادة العقيد يسران مقطري، من الجهتين الشرقية والغربية للمطار، تحت غطاء جوي مكثف ومنخفض لمقاتلات حربية.
يقول أحد مرافقي الضابط كردة "كان الهجوم علينا مفاجئا، لكننا قاتلنا حتى نفدت الذخيرة".
ويضيف الجندي الذي فضل عدم الكشف عن هويته، حرصا على سلامته "حاول القائد كردة التواصل مع قيادات عسكرية في ألوية الحماية الرئاسية، إلا أن الوقت كان قصيرا، فقد تمت محاصرة المطار وتطويقه من كل الاتجاهات وإغلاق كل الشوارع المؤدية إليه".
وأضاف "في كل لحظة كنا نقاتل فيها، كانت أنظارنا تتجه للطائرات التي تحلق فوق رؤسنا، منتظرين اللحظة التي تسقط علينا قذائفها، كم كانت لحظات عصيبة".
ويتابع "قام المقدم صالح العميري بفتح البوابة الرئيسية للمطار أمام عشرات الأطقم والعربات التابعة للحزام الأمني وإدارة الأمن، ولم يكتف بإدخالهم بل قام بالقتال معهم".
وعن آخر لحظات المعركة يشير إلى أنه استنفد كل ذخيرته، ولم يجد غير الهروب عبر السباحة في البحر المجاور لسور المطار. أما الضابط كردة فقد تم تطويقه واعتقاله رفقة مالا يقل عن 12 من مرافقيه، إضافة لعشرة جنود آخرين.
ويقول مرافق كردة، والذي غادر عدن باتجاه مسقط رأسه في منطقة أمعين بمحافظة أبين "وقوف الضابط كردة إلى جانب شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي في الوقت الذي تمرد فيه المقدم صالح العميري، تسبب في معاداة القوات الإماراتية المتواجدة في المطار للضابط كردة".
مضيفا بأنهم لم يتوانوا عن إغرائه بمبالغ مالية للعدول عن موقفه، وبعد رفضه لكل الإغراءات قاموا بتهديده، لكنه لم يأخذ تهديداتهم على محمل الجد، وهاهو اليوم في حكم المخفيين قسريا بإحدى زنازين معسكر القوات الإماراتية.
على وقع غروب شمس يوم الأربعاء، غادرت مجموعة من الأطقم والعربات العسكرية بوابة المطار الرئيسية، وعليها عشرات الجنود وامتعتهم من فرش وملابس، كان العميري يغادر المطار وجنوده إلى معسكر رأس عباس، وهو أحد معسكرات القوات الإماراتية في البريقة.
لم تعرف تفاصيل وأسباب مغادرة العميري المفاجئة، إلا أنه غادر ومعه كل قواته، لعل مهمة أمنية أخرى تنتظره، ستكلفه بها القوات الإماراتية في وقتها.
وفي سياق متصل، فقد عاد المطار أمس الجمعة لاستقبال الرحلات الجوية، بعد تعليق دام يومين، في حين وقعت دولة الإمارات صباح الخميس اتفاقية المرحلة الثانية لإعادة تأهيل مطار عدن الدولي.
وجاءت زيارة الوفد الإماراتي وإعلان بدء تأهيل المطار، عقب يوم واحد فقط من سيطرة قوات الحزام الأمني مسنودة بأفراد من إدارة الأمن العام على المطار.