[ طلاب يمنيون مبتعثون في الخارج خلال اعتصامات تطالب مستحقاتهم المالية ]
قبل أكثر من عامين سافر عزالدين عارف إلى تركيا، لتحقيق طموحه المعرفي والعودة إلى اليمن ليكون شابا فاعلا في المستقبل.
حين سافر اعتقد أن الحياة فتحت له بابا آخر أكثر سعادة، وباتت فرصه بارتقاء سلم النجاح أكثر سهولة.
لكنه لم يكن يعلم أن حلمه ذاك سيتحول إلى كابوس، وسيبتعد عنه كلما حاول أن يقترب منه، بعد أن صارت الهموم تسابق أمنياته، محاولةً قتلها، وذلك عقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014، والذي فاقم معاناة اليمنيين في الداخل والخارج.
إيقاف عن الدراسة
"عارف" هو واحد من مئات الطلاب اليمنيين المبتعثين في الخارج، والذين يعيشون وضعا مأساويا بعد انقطاع مستحقاتهم المالية، والتي أحالت واقعهم المليء بالأحلام إلى ألم وألم.
ويذكر "عزالدين" الطالب في سنة ثالثة والذي يدرس اقتصاد بجامعة سابانجي بتركيا، أنه لم يتسلم مستحقاته المعيشية والرسوم الدراسية منذ ستة أشهر.
وأدى ذلك -وفقا لعارف- إلى غرقه في المشكلات حين حان موعد تسديد رسومه، البالغة 3000 دولار أمريكي.
لكن الشاب العشريني كان أكثر حظا من زملائه الآخرين، الذين تركوا الدراسة حين عجزوا عن تسديد ما عليهم، واستطاع هو أن يتدين الرسوم ويكمل تعليمه.
لكن لم تنتهِ معاناته، فهو على موعد قريب مع فصل دراسي جديد يتطلب رسوما جديدة، فلا يكاد الطالب يخرج من مربعه الأول، لينتقل إلى آخر يكون في أحايين كثيرة أشد سوداوية.
معاناة ووجع
يروي عضو اتحاد الطلاب اليمنيين بإسطنبول أحمد الحسني، معاناة الطلاب في الخارج التي تتفاقم يوما بعد آخر، بعد انقطاع مستحقاتهم.
ويقول لـ"الموقع بوست" إن الطلاب يعيشون واقعا مؤلما لم يحتمله عديد منهم، مما أدى إلى إصابتهم بأمراض نفسية، نتيجة للضغوط الكبيرة التي يتعرضون لها.
واضطر البعض منهم -كما يذكر الحسني- إلى التوقف عن الدراسة والعودة إلى اليمن، فيما قام آخرون بممارسة أعمال صعبة للغاية من أجل توفير الرسوم الدراسية حتى لا يتم إيقافهم عن مواصلة تعليمهم.
ويشعر "الحسني" بوجع كبير وهو يتذكر واقعهم المرير في الخارج، ويقول "كفى تشويه بسمعتنا كيمنيين، صرت أخجل أن أقول إني يمني بسبب المشكلات التي نعاني منها، خاصة بعد أن صارت تصل إلى هواتف الجميع في تركيا رسائل تحثهم على التبرع لليمنيين".
"نحن سفراء اليمن في الخارج، فلم الجوع والحرمان والإهانة للطلبة؟"، هكذا أردف الحسني بأسى.
ويحث الحسني زملاءه على التحلي بالصبر بغض النظر عن الظروف التي يعيشونها، وعدم الانجرار إلى أي أعمال غير حميدة، تشوِّه سمعة اليمنيين.
اعتصامات وتصعيد
ويحمِّل الحسني الانقلابيين مسئولية ما يحدث لهم، فهم من أسقطوا الدولة، وعبثوا بمقدرات البلاد، ونهبوا أموال البنك المركزي، منتقدا إهمال الحكومة الشرعية لهم واكتفائها بالوعود، وتركهم في مشكلاتهم.
وعن خطواتهم التصعيدية في الخارج، أكد أن الطلاب سيواصلون اعتصاماتهم، وسيعملون على جعلها مفتوحة حتى حصولهم على مستحقاتهم.
ومن وقت لآخر ينفذ الطلاب اليمنيون في الخارج اعتصامات للمطالبة بمستحقاتهم، وسط توسع دائرة الاحتجاج التي شملت عدة دول يتلقى فيها الطلاب اليمنيون تعليمهم.
ويوم أمس الاثنين هددت اللجنة التنسيقية للطلاب اليمنيين المبتعثين بالخارج، بإغلاق السفارات والملحقيات الثقافية اليمنية تدريجيا في حال تقاعست الحكومة الشرعية عن تحقيق مطالبهم.
وأعلنت اللجنة شروعها في تصعيد احتجاجاتها في كل الدول التي يتواجد فيها مبتعثون للدراسة بما يحقق مطالبهم المشروعة.
الجدير بالذكر أن عدد الطلاب اليمنيين المبعثين في تركيا يبلغ ألف طالب وفي مختلف التخصصات، وهو رقم كبير مقارنة بدول أخرى.