[ مؤخرا خرج أنصار صالح في احتشاد بعيدا عن الحوثيين ]
تتصاعد حدة الخلافات بين حليفي الانقلاب (الحوثي - صالح) لتزيد الشرخ الذي يتسع بينهما يوما بعد آخر، ولم تعد محصورة على خلافات الأعضاء العاديين من الجانبين، بل امتدت لتشمل قيادات رفيعة في كلا الطرفين.
ومؤخرا رفع القيادي في حزب المؤتمر عادل الشجاع بلاغا إلى النائب العام بحكومة الانقلابيين ضد زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، عدَّ فيها خطابه الأخير الذي ألقاه بمناسبة "جمعة رجب" بأنه من أفعال التمييز العنصري، وإشعال نيران الكراهية والحقد العنصري، والتمييز المذهبي بين اليمنيين.
واتهم الحوثي بأنه أعطى توجيهات مباشرة بممارسة العنف ضد الشباب الذين لا يلتزمون بتعليمات جماعته، مشيرا إلى ما ذكره زعيم المليشيا في خطابه الذي قال فيه إن المشكلة في اليمن ليست سياسية بل دينية.
وقوبل ذلك بدعوى مماثلة رفعها ما يسمى بـ "قطاع الحشد والتعبئة في تكتل الأحزاب السياسية اليمنية المناهضة للعدوان"، ضد عادل الشجاع، وعضوي اللجنة الدائمة بالمؤتمر ياسر اليماني وخالد الرويشان، ومحامي رئيس الحزب محمد المسوري.
كما تسبب كذلك مقابلة تلفزيونية مسجلة لم يتم بثها، بأزمة بين حليفي الانقلاب بعد أن نشر المستشار الصحفي لصالح، نبيل الصوفي، في صفحته على موقع فيسبوك مقتطفات من الحوار الذي أجرته قناة اليمن اليوم التابعة للمخلوع، مع المحامي والمستشار في حزب المؤتمر نزيه العماد.
وانتقد العماد في المقابلة بعض الممارسات، ووصف فيها علي صالح، وصالح الصماد، وعبدالملك الحوثي، بـ"الخيارات"، وهو الأمر الذي اعترض عليه المكتب الإعلامي لزعيم الحوثيين، وطالب بإيقاف أي حوارات تلفزيونية تبث عبر القناة تتعرض لجماعته.
وطوال الأشهر الماضية طالت الاعتداءات التي تقوم بها مليشيا الحوثي، قيادات وأعضاء في حزب المؤتمر الشعبي العام، ووزراء في ما يسمى بـ"حكومة الوفاق الوطني"، ما يثير التساؤلات حول أثر تلك الخلافات على حليفي الانقلاب، ومدى اعتبارها حقيقية.
مرحلة شرسة من الصراع
ويعتقد المحلل السياسي فؤاد مسعد أن هناك أوراق كثيرة ومهمة تتساقط الآن من أيادي تحالف الانقلاب ظهرت مؤخرا بشكل لافت، منها القدرة على ضبط إيقاع الخلافات بينهما.
وباتت تلك الأوراق -كما يقول لـ"الموقع بوست"- في الغالب خارج سيطرة قيادة الانقلاب، خاصة وأنه كلما زاد ضغط الهزيمة في الميدان، اهتزت قدرة المليشيا في التحكم بتصرفات القواعد والصحفيين والناشطين المؤيدين لهم.
ويرى أن الخلافات بين المليشيا الانقلابية ستنتقل إلى مرحلة جديدة بينها، بعد أن كانت في السابق أكثر قدرة على المحافظة على ما تسميها "الجبهة الداخلية"، لكنها في الفترة الراهنة لم تعد كذلك، خاصة حين يصل الأمر إلى استهداف سيد جماعة الحوثي ورمزها المقدس، من قيادات مؤتمرية وفي أرفع الهرم القيادي المرتبط بصالح نفسه.
وبالنظر إلى التهم التي طالت عبدالملك الحوثي من قيادات تتبع صالح، والأخرى الموجهة لأولئك من قِبل جماعة الحوثي ووسائل الإعلام التابعة لها والمنظمات المرتبطة بها، فإن ثمة تحولا في مضمون الخلافات يتجاوز التحالف المغشوش إلى الكشف عن نوايا كل طرف تجاه الطرف الآخر، كما يفيد مسعد.
وهذا لا يعني -وفق مسعد- أن جميع ما يثار من خلافات بين حليفي الانقلاب هي قضايا مصيرية، وسيقاتل كل طرف من أجلها، معللا ذلك بالقول "توجد أشكال طفيفة من الخلافات يسهل احتواؤها، لكن ما برز في الآونة الأخيرة وعبر عنها قيادات لها ثِقل سياسي وإعلامي سواء من أتباع صالح أو جماعة الحوثي قد تنذر بتحول جديد".
مواقف غير جادة
ويختلف مع مسعد الصحفي والمحلل السياسي رشاد الشرعبي، الذي لا يراهن على أي انتصارات ستحدث نتيجة لانهيار تحالف الانقلاب الحوثي صالح.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أن تلك حالات فردية لأشخاص فقدوا مصالحهم أو لسبب آخر، وهي ليست حالة عامة من التذمر والرفض، ممن بقي من منتسبي المؤتمر الشعبي العام الذين يوالون صالح.
وأضاف "كان موقفهم من حيث المبدأ في صف الانقلاب ضد الشرعية، ومع الفوضى والعصابة ضد الدولة، وساهموا وقاموا بأدوار متعددة لصالح المليشيا والعصابة العنصرية في إشارة للحوثيين".
وتدفع حالة الفساد التي تمارسها جماعة الحوثي التي استثنتهم، تدفعهم للتبرؤ منهم، وقد كانوا يبشرون بها، وهي حالة تجعلهم محل شك حتى يتخذوا موقف مبدئي تجاه المشكلة التي تسببت بالحرب وهو الانقلاب على الشرعية، واختطاف مؤسسات الدولة، وغزو المحافظات، كما يقول الشرعبي.
وأشار إلى أن حالة التمايز قد حصلت بشكل أكبر فيما يتعلق بالنخبة، والتي كان صوتها مرتفعا مع أو ضد هذا أو ذاك.
ويتوجب -وفقا للشرعبي- على الذين اتخذوا موقفا من الحوثي، أن يكشفوا صراحة موقفهم من الانقلاب الذي دمر اليمن واليمنيين، وكان صالح شريكا فيه.